معارضة شديدة لمشروع قانون يهدد "علمانية الدولة المكسيكية"

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 21.12.2019 11:19
آخر تحديث في 21.12.2019 11:51
معارضة شديدة لمشروع قانون يهدد علمانية الدولة المكسيكية

بعد أسبوع من تقديم السيناتور المكسيكية سوليداد لوفانو كانتو، مشروع قانون يخفف صرامة القوانين التي تفصل بين الكنيسة والدولة في البلاد، عبر سياسيون وخبراء عن مخاوفهم من أن يمثل هذا المقترح "ضربة شديدة لهوية الدولة المكسيكية العلمانية".

وكان من أبرز المعارضين للمقترح، الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذي أعرب عن رفضه مشروع القانون، الأربعاء، مؤكدا أن مسألة "علمانية الدولة" حسمت قبل قرن من الزمن.

جاء هذا ردا على تغريدات لوفانو كانتو، الثلاثاء، التي قالت فيها إن "القانون الحالي للفصل بين الكنيسة والدولة صارم للغاية وقديم، وبالاحترام والتسامح وبالتخلي عن التابوهات، يمكننا العمل سويا حتى تتمكن آلاف المؤسسات الدينية في بلادنا من تمكين المكسيك، لتكون بلدا نعيش فيه جميعا بشكل أفضل".

وكانتو، عضو حركة التجديد الوطنية "مورينا" الحاكمة، كانت قدمت مشروع قانون لتعديل قانون "المؤسسات الدينية والعبادة العامة" في الدستور المكسيكي لعام 1917، والذي يوجب الفصل بين الكنيسة والدولة.

كما تضمن مشروع القانون تسهيل حيازة الكنائس للممتلكات، وإمكانية استخدام المؤسسات لوسائل الإعلام، كالراديو والتلفزيون، لنشر الرسائل الدينية.

يشار إلى أن إتاحة الوصول إلى وسائل الإعلام، من المحتمل أن تفيد الأقليات الدينية ـ خارج الكنيسة الكاثوليكية، إذ يمكنهم نشر معلومات أفضل عن عقيدتهم من خلالها.

وبحسب المقترح القانوني الجديد، يمكن للأفراد التهرب من قوانين أو قواعد معينة من خلال المطالبة بالإعفاءات الدينية.

** شكوك ومخاوف

الرئيس المكسيكي قال إن هذا القانون "ليس صادرا من الرئاسة"، مؤكدا أن البلاد يجب أن تظل دولة "شديدة العلمانية".

وأضاف لوبيز أوبرادور: "المقترح مجرد مشروع قانون، وأعتبر أن هذه مسألة لا ينبغي التطرق إليها".

في السياق ذاته، عبر خبراء وسياسيون من أطياف مختلفة عن قلقهم إزاء المقترح، وقالوا إنه ربما يصبح "خطوة في اتجاه دخول الكنيسة الكاثوليكية مجال التعليم العام"، رغم أن المقترح لا يسمح بهذا الآن.

من جهته، أوضح ماثيو بتلر، المتخصص في علاقة الدولة والكنيسة بالمكسيك، بجامعة تكساس الأمريكية، أن المؤسسات الدينية "ستحصل على حقوق أكثر في المجال السياسي، في حالة إقرار مشروع القانون، الذي قدمته لوفانو كانتو".

لكنه شدد على أن المقترح "يمكن أن يصبح ضربة شديدة لطبيعة الدولة المكسيكية العلمانية".

وتابع بتلر: "القانون يسمح للجماعات الدينية بالدخول في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، على نحو لم يتمكنوا من القيام به منذ وقت طويل للغاية".

وأردف قائلا: "ربما لا يقود لوبيز أوبرادور هذا الأمر بشخصه، ولكن هذا لا يعني بشكل مؤكد أن مشروع القانون لن يتم إقراره".

وأشار خبراء أن الحكومة بقيادة لوبيز أوبرادور، تفتح الباب ببطء أمام المؤسسات الدينية، فعلى مدار العام الماضي، شجعت الحكومة المنظمات الدينية على المشاركة في المشاريع الاجتماعية.

ورغم إعلان الرئيس عدم دعمه له، وتغريدة لوفانو كانتو التي تؤكد فيها أنها طرحته بمفردها، إلا أنه فمن المحتمل أن يكون هناك دعم خلفي لمشروع القانون.

** العلاقة بين الكنيسة والدولة

يدعم القانون الحالي الدولة على حساب الكنيسة، لأن الليبراليين والثوريين الذين يرجع تاريخهم إلى الثورة المكسيكية بالقرن العشرين، رأوا أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية يمكن أن تتمتع بنفوذ كبير في الحياة السياسية بالمكسيك، التي كانت في وقت ما كاثوليكية بنسبة 95 بالمئة.

ومنذ ذلك الوقت، ظل القانون صارما ضد الدين، بهدف ضمان عدم سيطرة الكنيسة على الحكومة.

فعلى سبيل المثال، طالما أرادت الكنيسة الكاثوليكية أن يكون لها رأي في التعليم العام، لكن القانون الحالي يحظر ذلك.

وتنص المادة الثالثة من دستور المكسيك، على أن يكون التعليم علمانيا، وعلى هذا النحو، يجب ويتم إبعاده تماما عن أي مذهب ديني.

كما تفرض المادة 130 من الدستور، أن يكون المبدأ التاريخي لفصل الدولة عن الكنيسة مصدرا للقواعد التوجيهية الواردة في هذه المادة، والتي ينص بعضها على عدم شغل رجال الدين من أي طائفة مناصب عامة.

لكن باعتبارهم مواطنين، فمن حقهم التصويت، إلا أنه ليس من حقهم أن يكونوا مرشحين في أي انتخابات.

وبموجب الدستور، يجوز انتخاب أولئك الذين تخلوا عن مناصبهم كرجال دين مسبقا، وبالشكل المحدد بالقانون.

كما يحظر الدستور على رجال الدين تشكيل جمعيات ذات أهداف سياسية، أوالدعوة لمصلحة أو ضد أي مرشح أو حزب أو جمعية سياسية.

كما لا يجوز لهم معارضة قوانين أو مؤسسات البلاد، ولا إهانة الرموز الوطنية بأي شكل في الاجتماعات العامة، والممارسات الدينية للطائفة، أو في الدعاية أوالمنشورات الدينية.