هل ينجح الديمقراطيون في عزل ترامب؟

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 14.01.2021 14:01
رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي بعد التصويت على عزل ترامب الأناضول رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي بعد التصويت على عزل ترامب (الأناضول)

أصبح دونالد ترامب أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يُحال أمام مجلس الشيوخ مرتين لمحاكمته بهدف عزله، قبل أسبوع من انتهاء ولايته الرئاسية.

فقد صوت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون الأربعاء لصالح توجيه الاتهام الى الرئيس بغالبية 232 صوتا في مقابل 197.

واتهم الملياردير الجمهوري البالغ من العمر 74 عاما بتشجيع الهجوم الذي شنه أنصاره على مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير وأوقع خمسة قتلى وهز أسس الديمقراطية الأميركية.

وقالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي إن الخطوة غير المسبوقة التي أقدم عليها مجلس النواب تثبت أن "ما من أحد فوق القانون".

وقالت بيلوسي لدى توقيعها على القرار الاتهامي تمهيداً لإحالته على مجلس الشيوخ إن "مجلس النواب أظهر اليوم، بمشاركة من الحزبين، أن ما من أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس الولايات المتحدة"، مكررة التحذير من أن ترامب يشكل "خطراً واضحاً وفورياً" على البلاد.

في شريط فيديو نشره البيت الأبيض، دعا ترامب من المكتب البيضوي الأميركيين الى "الوحدة" بدون أن يأتي على ذكر إجراء العزل. ورغم عدم اعترافه بأي مسؤولية في أعمال العنف، أكد ترامب أن "الذين شاركوا في الهجمات الأسبوع الماضي سيُساقون أمام العدالة" قائلا إنهم لا يمكن أن يكونوا "أنصاره الفعليين".

وقبل أيام من انتقاله الى مارالاغو في فلوريدا وتنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، يبدو ترامب معزولا.

خلافا لإجراء العزل الأول في القضية الأوكرانية قبل أكثر من سنة الذي اعتمده الديمقراطيون فقط، صوت عشرة نواب جمهوريين هذه المرة لصالح إحالة الرئيس على المحاكمة. وبين هؤلاء، دان نيوهاوس الذي قال إنه "لا أعذار لأفعال الرئيس ترامب".

ويمهد هذا التصويت الطريق تاليا أمام فتح إجراء عزل بشكل رسمي ضد ترامب وبات الأمر أمام مجلس الشيوخ الآن لمحاكمته.

لكن هذه المحاكمة التي لن تبدأ قبل وصول جو بايدن الى السلطة، تطرح الكثير من التساؤلات.

وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل إنه من غير الممكن إجراء محاكمة "عادلة أو جادة" لترامب في غضون الفترة القصيرة المتبقية له في البيت الأبيض وقبل تولي الرئيس المنتخب جو بايدن السلطة الأسبوع المقبل.

بالتالي يبقى الجدول الزمني غير أكيد. بالنسبة للديمقراطيين، يكمن الخطر في أن تستحوذ المحاكمة كل الانتباه وأن تعرقل العمل التشريعي في مستهل ولاية بايدن.

ودعا بايدن ليل الأربعاء مجلس الشيوخ للمصادقة على التعيينات التي أجراها والقرارات التي يعتزم اتخاذها في مستهل عهده، وذلك بالتوازي مع واجباته في إجراء محاكمة ترامب.

وقال "آمل أن تجد قيادة مجلس الشيوخ طريقة تمكنها من أن تتعامل في آن معاً مع مسؤولياتها الدستورية بشأن إجراء العزل ومع الشؤون العاجلة الأخرى لهذه الأمة" مشيرا الى التعيينات وإعادة إطلاق الاقتصاد الأميركي ومواصلة خطة توزيع اللقاحات ضد كوفيد-19.

وقبل ساعات على التصويت ومن واشنطن التي سادها توتر شديد، وجه ترامب دعوة متأخرة الى الهدوء. وقال في بيان "ليس هناك أي مبرر للعنف على الإطلاق. لا أعذار ولا استثناءات: أميركا دولة قانون"، مشدداً على أن "الذين شاركوا في الهجمات الأسبوع الماضي سيُساقون أمام العدالة".

نشر جنود داخل مبنى الكابيتول:

ووضعت العاصمة الفدرالية واشنطن تحت حماية أمنية مشددة. ونُشرت صور معبرة تظهر عشرات من جنود الاحتياط وقد أمضوا الليل داخل مبنى الكونغرس، وكانوا ما زالوا نائمين على الأرض في الغرف والممرات لدى وصول أعضاء البرلمان.

ونصبت حواجز اسمنتية لسد أبرز محاور وسط المدينة كما أحاطت أسلاك شائكة بعدد من المباني الفدرالية بينها البيت الأبيض، فيما كان الحرس الوطني منتشرا بقوة.

واعلنت بيلوسي ان غرامات تصل الى عشرة آلاف دولار قد تفرض على البرلمانيين الذين يرفضون أجهزة رصد المعادن الجديدة. وقالت "إنه أمر مأسوي أن تكون هذه المبادرة لازمة لكن مجلس النواب يجب أن يكون مكانا آمنا".

ومن المقرر أن يؤدي جو بايدن اليمين الدستورية تحت حراسة مشددة في 20 كانون الثاني/يناير من على درج الكابيتول.

وبعدما انتقد لتأخره الأربعاء الماضي في إرسال الحرس الوطني، أجاز البنتاغون نشر 15 ألف جندي للحفاظ على الأمن خلال مراسم التنصيب.

وطوال نهار الاربعاء كانت النقاشات حامية في مجلس النواب.

ووصفت النائبة الهان عمر، دونالد ترامب بأنه "طاغية" قائلة "لا يمكننا مجرد طي الصفحة بدون القيام بشيء".

في صفوف الجمهوريين كانت المواقف أكثر تفاوتا. فقد دافع أشد مناصري الرئيس المنتهية ولايته عنه على غرار جيم جوردان الذي ندد "بهوس" لدى الديموقراطيين.

لكن آخرين نأوا بأنفسهم.

وقال زعيم النواب الجمهوريين كيفن ماكارثي إن "الرئيس يتحمل مسؤولية في الهجوم" على الكونغرس "من قبل مثيري أعمال شغب" وأنه "كان يجب أن يندد فورا" بأعمال العنف. وطالب بتشكيل "لجنة تحقيق وإجراء تصويت على حجب الثقة".

لكنه اعتبر أن تقديم اجراء عزل في مثل هذا الوقت مع اقتراب انتهاء الولاية "خطأ".

ماكونيل لا يستبعد شيئا-

لكن في معسكره قلة يشاطرونه هذا الرأي. وقبل إقرار اللائحة الاتهامية رسمياً لم يستبعد ماكونيل أن يصوت لصالح إدانة ترامب.

وكتب ماكونيل في رسالة الى زملائه الجمهوريين "لم أتخذ قراري النهائي بالنسبة الى كيفية التصويت، أعتزم الاستماع إلى الحجج القانونية حين يتم تقديمها في مجلس الشيوخ".

وماكونيل كان حتى الأمس القريب أحد أبرز حلفاء ترامب. وخلال محاكمة الأخير للمرة الأولى بداية 2020، أحكم قبضته على صفوف الجمهوريين في مجلس الشيوخ بحيث لم يصوت سوى عضو جمهوري واحد إلى جانب الديمقراطيين لإدانة الرئيس.

لكن ماكونيل يحمل ترامب هذه المرة، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، مسؤولية أعمال العنف التي شهدها مقر الكونغرس ولا يخفي تأييده لإمكان تخلص الحزب الجمهوري من هذه الشخصية التي تسببت له بإحراج كبير.

وفي 20 كانون الثاني/يناير، سيسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ لكنهم سيكونون بحاجة لأصوات العديد من الجمهوريين لبلوغ غالبية الثلثين اللازمة لإدانة ترامب.