هل اقتربت إيران من فتح طريق بري من طهران إلى البحر المتوسط؟

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 23.08.2017 00:00
آخر تحديث في 23.08.2017 22:17
الطريق الصحراوية الواصلة بين العراق ودمشق عبر تدمر من الأرشيف الطريق الصحراوية الواصلة بين العراق ودمشق عبر تدمر (من الأرشيف)

مثلما كانت روسيا تحلم، منذ القرون الوسطى بمنفذ بحري على البحر المتوسط، كذلك كانت تحلم إيران بمنفذ بري إلى البحر ذاته.

واليوم، ومع التدخل الإيراني المباشر في دعم نظام الأسد وزجها بآلاف المقاتلين الشيعة أصبحت طهران أقرب ما يكون إلى تحقيق هدفها في تأمين ممر من حدودها عبر العراق وصولا إلى البحر المتوسط، ما يوفر لها وسيلة وصول برية دون عوائق إلى حلفائها في سوريا ولبنان للمرة الأولى.

إذ تتقدم قوات النظام السوري بإسناد من آلاف المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا وسط المنطقة الصحراوية، في المنطقة المحاذية للحدود السورية الأردنية العراقية.

الاستيلاء على هذه الطريق البرية سيكون الجائزة الكبرى لإيران لقاء انخراطها في الحرب الدائرة في سوريا منذ ست سنوات.

ومن شأن هذا الطريق أن يؤمن سهولة حركة المقاتلين المدعومين من إيران بين إيران والعراق وسوريا ولبنان فضلا عن تدفق الأسلحة إلى دمشق ومليشيا حزب الله اللبناني. كما يضع إيران في موقف تلعب فيه دورا رئيسيا مربحا في ما يتوقع أن تكون جهودا ضخمة في عمليات إعادة البناء في العراق وسوريا التي دمرتهما الحروب المستمرة.

هذا ويثير احتمال وجود شريان مادي لنفوذ إيران عبر المنطقة قلق الدول العربية التي يغلب عليها الطابع السني، وقلق إسرائيل كذلك، كما يشكل تحديا لإدارة ترامب التي تعهدت بمكافحة انتشار إيران المتزايد

ومن المتوقع أن يتطرق الحديث عن مخاوف بشأن تقدمهم في اجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اليوم الأربعاء في مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي تعد بلاده حليفا لإيران والأسد.

وقال ديفيد كيس، المتحدث باسم نتنياهو، إن المحادثات ستركز "قبل كل شيء على منع التحصين العسكري الإيراني في سوريا".

وأضاف "أن العدوان الايراني في المنطقة مستمر في التنامي، ويحاول النظام توطيد نفسه عسكريا على حدود إسرائيل، وهذا ما لا لن تسمح إسرائيل به". واعتبر أن "أي وقف لإطلاق النار يسمح لإيران بتأسيس موطئ قدم في سوريا سيشكل خطرا على المنطقة بأسرها".

وفى الشهور الأخيرة تقدمت قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة في ثلاث جبهات باتجاه المناطق المتاخمة للعراق. ومن بين أهدافها الرئيسية مدينة دير الزور شرقي سوريا.

وتلتقي القوات السورية والمليشيات العراقية الموالية لإيران بالفعل في منطقة صغيرة على الحدود، في منطقة جمونة على الجانب العراقي ووادي الوعر على الجانب السوري. لكن المنطقة خطرة جدا لاستخدامها كممر، حيث تواصل قوات المعارضة لنظام الأسد والمدعومة أمريكيا شن هجمات خاطفة.

وفي داخل العراق، تحصل المليشيات الشيعية المدعومة من إيران على مزيد من النفوذ في المناطق ذات الغالبية السنية المتاخمة لسوريا. ويشارك رجال المليشيات في معركة لاستعادة بلدة تلعفر العراقية، الأمر الذي من شأنه تعزيز سيطرة المليشيات على المنطقة الحدودية المجاورة. يذكر أن المليشيات الشيعية موجودة أيضا في محافظة الأنبار غربي العراق المتاخمة لسوريا.

وقال جعفر الحسيني من مليشيا كتائب حزب الله في العراق: "هدفنا هو منع أي حواجز من العراق إلى سوريا على طول الطريق إلى بيروت... المقاومة قريبة من تحقيق هذا الهدف".

وحذر الحسيني من أنه إذا حاول الأمريكيون العمل ضد التقدم في الجانب السوري فإن المليشيات العراقية ستستهدف القوات الأمريكية في العراق.

وكان المقاتلون السوريون المدعومون من الولايات المتحدة استهدفوا الانتقال من جنوب شرقي سوريا إلى الشمال عبر الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش على طول الحدود العراقية، وهو هجوم من شأنه عرقلة تحركات القوات الموالية لإيران للربط.

لكن قوات الأسد نجحت في يونيو / حزيران، في الوصول إلى الحدود أولا وقطعها.

والآن يستعد الحلفاء الأمريكيون للمحاولة من الاتجاه الآخر، منتقلين جنوبا على طول الحدود من محافظة الحسكة شمالي شرقي البلاد، وفقا لنشطاء سوريين.

وإضافة إلى المئات من أعضاء الحرس الثوري الإيراني، يتم نشر الآلاف من المقاتلين الموالين لإيران في سوريا وقاموا بدور أساسي في دعم قوات الأسد. ومن بينها حزب الله اللبناني ولواء فاطميون الأفغاني ولواء زينبيون الباكستاني، فضلا عن جماعتي النجباء وكتائب حزب الله في العراق.

وفي حين يتجنب القادة الإيرانيون التحدث علناً عن هدفهم بالارتباط بما يسمى "محور المقاومة"، في إشارة إلى إيران وحزب الله وسوريا وغيرها من القوى التي تدعي "مقاومة" إسرائيل، لا يتوانى حلفاؤهم في إظهار طموحات إيران.

كان وزير إعلام النظام السوري رامز الترجمان قال في مقابلة تلفزيونية إن هدف بلاده هو إقامة "علاقة جغرافية بين سوريا والعراق ومحور المقاومة".

وفي وقت سابق هذا العام، ساعدت واشنطن في التوصل إلى اتفاق بين الحكومة العراقية وشركة أوليف غرين، وهي شركة أمنية أمريكية خاصة لتأمين الطريق السريع الذي يربط بغداد بالحدود الأردنية، وهو ما اعتبره حلفاء إيران محاولة عرقلة "الربط البري". وحذر قيس الخزعلي، الذي يرأس مليشيات "عصائب أهل الحق" العراقية المدعومة من إيران، بأن الشعب العراقي "لن يسمح بعودة شركات الأمن الأمريكية".

وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان، رامي عبد الرحمن، "يكاد يكون من المستحيل منع ايران من تحقيق هدفها بعد أن أنفقت مئات الملايين من الدولارات، وأرسلت أسلحة ومقاتلين للمساعدة على إبقاء الأسد في السلطة."

وأضاف: "نفوذ إيران في سوريا لا يمكن وقفه حتى لو غادر بشار الأسد السلطة لأن إيران لها صلات وثيقة ووجود في سوريا. لولا إيران، لانهار النظام السوري منذ بداية الثورة".