مقدماً نفسه أداة طيعة بيد بن سلمان.. القرني يهاجم أردوغان

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 22.02.2020 15:28
آخر تحديث في 23.02.2020 01:32
مقدماً نفسه أداة طيعة بيد بن سلمان.. القرني يهاجم أردوغان

فاجأ الداعية السعودي، المعروف بولائه الشديد لآل سعود، عائض القرني، بعض المراقبين بهجومه المركز في فيديو نشره أمس على حسابه في تويتر، استهدف فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما لم ير البعض الآخر في هذا الهجوم ما يدعو للاستغراب.

فقد عرف عن القرني تلونه بلون سياسة "ولاة الأمر" في المملكة العربية السعودية، وكيله المديح لهم في كل مناسبة، ولكل من تربطه معهم علاقات جيدة، وذم من هم على النقيض من ذلك.

ولما كان القرني قد امتدح الرئيس أردوغان في مناسبات قديمة، لا سيما في الفترة التي شهدت تحسناً في علاقات السعودية وتركيا إبان تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم عام 2014، صار لزاماً عليه اليوم أن يتبرأ مما قاله، تجاوباً مع حملة العداء والتشويه التي تشنها الرياض وحلفاؤها بحق أنقرة.

وقال الداعية السعودي المعروف بتناقض مواقفه وتذبذبها على مدى سنوات: "أبرأ إلى الله من ثنائي القديم عليه (أردوغان)، كنت مخدوعاً به (...) أظهر لنا حسناً، ونحن نحب الإسلام ونحب من ينصره، لكنه ظهر على حقيقته، ومواقفه مشينة معيبة؛ منها العداء لبلاد الحرمين، وعدم نصرة المسلمين".

ويقصد القرني بعداء أردوغان لبلاده الحرمين إصرار الرئيس التركي على الوصول إلى حقيقة من يقف خلف إعطاء الأوامر لجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018، وتحقيق العدالة في هذه القضية بكل الوسائل الممكنة. وهو ما سكت عنه الداعية السعودي.

ومن المفارقات، أن القرني يأخذ على أردوغان أنه "يستضيف كل من خان وطنه وكل من تآمر، يعطيهم القنوات والأموال والدعم"، في إشارة إلى المعارضين السوريين والمصريين والمنفيين العرب من بلدانهم، معتبراً أنهم "خونة" للوطن، بدلاً من إطلاق هذه الصفة على من نفاهم ولاحقهم وسجنهم ونكل بهم من الأنظمة العربية ومنها نظام الرياض.

ورغم أن هجوم القرني على تركيا والرئيس أردوغان ليس الأول من نوعه، إذ هاجم أنقرة وسياساتها وما وصفه بـ"عدائها" للرياض، في لقاء متلفز العام الماضي، فإنه خرج اليوم بتسجيل مخصص بطوله وعرضه للتهجم على تركيا وشخص أردوغان، في خطوة فسرها بعض المتابعين بأنها نتيجة ضغوط تمارسها سلطة الرياض على بعض رجال الدين والدعاة لاستخدامهم كأدوات في سياساتها التخريبية في المنطقة.

وتأتي تصريحات القرني في وقت تظهر السعودية ميلاً أوضح وأكثر صراحة من السابق لاحتضان نظام بشار الأسد، الذي يمعن في قتل المدنيين، والتخلي عن دعم المعارضة، بما في ذلك لفظياً، في مسعى لاستغلال تطورات إدلب الميدانية ضد المصالح التركية، وهو ما يعود على السعودية نفسها بالتناقض الذي يحيلها في نظر العديد من الدول المتحالفة معها لا سيما في العالم الإسلامي إلى دولة هشة فاقدة للبوصلة، منغمسة في صراعات هامشية بدلاً من التركيز على قضايا الأمة الرئيسية ومناصرة المستضعفين.

ويعد هجوم القرني على أردوغان وسياسة تركيا سواء في اللقاء المتلفز أو في التسجيل الأخير خرقاً لما أعلنه في كانون الثاني/ يناير 2018 عن توبته من السياسة واعتزاله لها، "لكونها خطراً على الشريعة".

توبته من السياسة التي أعلنها جاءت بعد نجاته من حملة اعتقالات كبيرة طالت عدداً من أقرانه وعلى رأسهم الشيخ سلمان العودة، في خطوة فهم منها أن سياسة محمد بن سلمان، ولي العهد، تقتضي الصمت، إلا أن الكثير من المعتقلين لم تصدر عنهم أية انتقادات تذكر للسلطة، ما يعني أن القرني نجا من الاعتقال لا لصمته بلا لولائه المخلص للنظام الحاكم، وتقديم نفسه كأداة طيعة في أيديهم.

وهذا ما يفسر قوله في تسجيله الأخير "إن قائد الأمة الإسلامية هو الملك سلمان بن عبد العزيز وليس أردوغان"، في رسالة سياسية من النظام السعودي جاءت على لسان القرني، مفادها أن المملكة غير معنية بالشراكة والتحالف مع تركيا، بل بالعداء والتنافس الخاوي من أية مقومات.

وحول الفيديو الذي نشره على حسابه في تويتر، علق أحد المتابعين بالقول: "الشيخ عائض القرني تبرأ من كل شي فعله بالماضي، أخشى أن يأتي وقت يتبرأ فيه منه اتباع سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يأبى الله إلا أن يفضح هؤلاء الأشخاص".

وذكره آخرون بالمقارنة بين الخدمات الجليلة التي قدمها أردوغان لبلده، بموازاة ما يعانيه السعوديون من تدن في الخدمات وسوء أحوال المعيشة وضعف في البنية التحتية.