رغم الحرب الداخلية.. قبائل التبو الليبية تحافظ على هويتها

وكالة الأناضول للأنباء
طرابلس
نشر في 24.09.2020 13:41
آخر تحديث في 24.09.2020 14:34
رغم الحرب الداخلية.. قبائل التبو الليبية تحافظ على هويتها

رغم الحرب الأهلية المتواصلة منذ قرابة عشر سنوات في ليبيا، لا تزال قبائل التبو إحدى المجموعات العرقية الكبيرة في البلاد، محافظة على هويتها كمكون أصيل.

وتلتقي القبائل في "مهرجان التبو الثقافي" منذ عام 2015، لإبراز أنفسهم كمكوّن من مكونات ليبيا، من خلال ثقافتهم المميزة، وذلك بعد تجاهل هويتهم لأكثر من 40 عامًا، في ظل حكم الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي.

وكانت العاصمة الليبية طرابلس قد استضافت مهرجان التبو الثقافي، والذي أقيم منتصف سبتمبر/ أيلول الجاري واستمر ثلاثة أيام.

وشارك العديد من أبناء قبائل التبو جنوبي البلاد، مثل سبها ومرزق والقطرون في هذا الحفل الذي نظمه مركز الدراسات التباوية، والمديرية العامة للثقافة، مرتدين الزي المحلي الذي يميزهم.

وعزفت الأغاني والرقصات المحلية في الاحتفال مثل "كيدي"، و"تشيجني"، و"النينارا" مصحوبة بالطبول، كما دوت أصوات زغاريد النساء أثناء تأدية هذه الرقصات.

وتحتفل التبو بالمهرجان في مدن عدة من البلاد في كل عام، ويهدف هذا الاحتفال إلى توصيل ثقافة التبو إلى المجتمعات الأخرى في ليبيا والعالم.

* كيان ليبي:

زينب إبراهيم، المسؤولة الإعلامية للمهرجان، قالت لـ"الأناضول، إن المهرجان أُقيم في السنوات السابقة في مدن بنغازي وسبها والقطرون ومرزق.

وأضافت "يمثل هذا المهرجان الكثير بالنسبة لنا، فنحن جزء من ليبيا وجماعة التبو عنصر من عناصر الدولة، ولدينا تراثنا وتقاليدنا وعاداتنا، ونسعى في هذا المهرجان لتقديم ثقافتنا المختلفة عن الآخرين، لليبيين وللعالم أجمع".

وقالت: "شاركت العديد من النساء في مهرجان تبو الثقافي مع عائلاتهم، حيث تحتل المرأة مكانة مهمة في مجتمع التبو وثقافته، كما أن لها دورًا رياديًا، ومستقلًا، ويمكنها القيام بأمور شاقة وصعبة كالرجال".

* تقاليد متميزة:

محمد السنوسي أحد المتطوعين في تنظيم الحفل، من منظمات وجمعيات المجتمع المدني، شارك في المهرجان ومعه أغراض شخصية قال إنها من رموز الثقافة التابوية.

ويشير السنوسي إلى أحد الأسلحة القديمة ذات رأس معدني مدبب يعكس تقاليد التبو، ويقول حول الغرض من استخدامها: "هذا سلاح فريد يسمى (موزري)، وهو يرمز إلى شعب التبو في الوقت نفسه".

وأوضح أن هذا السلاح استخدم في الحروب القديمة منذ وقت بعيد، وعُرف كسلاح لا يمكن الفرار منه، فعندما يطلق على هدف ما، فلا بد وأن يسبب أحد طرفيه ضرراً للهدف، فإن لم يصبه الطرف العلوي فحتمًا سيصبه الطرف السفلي".

وزاد "كما ذكرت، فإن هذا السلاح يُسمى موزري ويرمز إلى قبائل التبو، حتى أنه يمكن رؤيته مرسومًا على ظهر ثوبي".

* أدوات تقليدية:

السنوسي يعرف أيضا بما يمسكه من أداة تشبه السوط، مصنوعة من الجلد، وعليه أهداب.

وقال شارحا "هذا أيضًا رمز آخر للتابوية، ويُطلق عليه في لغة التبو اسم (قارا)، ويحمله العرسان عند زواجهم مدة سبعة أيام، ويسلمونها بعد ذلك إلى عريس آخر جديد".

وأردف "يستخدم هذا السوط في التراث التابوي ليلة الزفاف، إذ إنه في تقاليد التبو يرسخ اعتقاد شائع بوجود الشيطان في المنزل، فيقوم الزوج بضرب أركان المنزل الأربعة لطرد الشيطان بمجرد دخوله المنزل في ليلة زفافه".

* قبائل التبو شعب مُهمَل:

السنوسي ذهب إلى أنه "لم يُسمح لقبائل التبو بالمشاركة في الإدارة طيلة 40 عامًا، هي مدة حكم نظام معمر القذافي، وأن هذه الأقلية تعرضت للتمييز والتفرقة والتجاهل، ولم يتعرف العالم على هويتهم و ثقافتهم عن قرب".

وفي تقييمه لسياسة فترة حكم القذافي تجاه الأقليات في ليبيا قال السنوسي: "لقد مُنعت الأقليات عامة والتبو بشكل خاص من ممارسة الحياة السياسية، وكانت الدولة ذات هوية عربية مطلقة باتجاه واحد وهو اتجاه السلطة".

وأضاف "ما أُريد من هذه الأقليات هو نسيان هوياتهم، والانصهار داخل هذا الهيكل أحادي الجانب، تجاهل النظام لغتهم وهويتهم وعاداتهم وتقاليهم وثقافتهم، لذا سعت أقليات مثل الطوارق والبربر (الأمازيغ) والتبو في جنوب البلاد، إلى الحفاظ على موروثاتهم الثقافية".

وزاد متابعا "يعيش أهل التبو في جنوب ليبيا، وشمال تشاد والسودان والنيجر، لذا حاول النظام نشر وترسيخ فكرة أن أهل التبو ليسوا جزءًا من ليبيا، ومع تجاهل وتهميش النظام لقبيلة التبو، بقي الشعب الليبي بمعزل عن هذه القبيلة".

وأكمل "استمر هذا الأمر حتى ثورة 17 فبراير/ شباط، وشاركت التبو في الثورة، وأثناء ذلك حاول النظام الحاكم وقتها كسب التبو في صفه ولكن كان قد فات الأوان".

* لا فرق بين قوات حفتر ونظام القذافي:

مع اندلاع الحرب الأهلية بعد الثورة، شنت ميليشيات خليفة حفتر الذي يقود قوات غير شرعية شرقي البلاد، هجمات استهدفت المدنيين، ولم تختلف ميليشيات حفتر بهذا عن الاضطهاد الذي تعرضت له قبائل التبو في عهد القذافي.

فعلى سبيل المثال قامت ميليشيات حفتر في الرابع من آب/ أغسطس من العام الماضي، بشن غارة على حفل زفاف بمدينة مزرق التي يسكنها غالبية قبائل التبو في جنوب البلاد، مما أدى إلى مقتل 45 مدنيا على الأقل.

السنوسي تحدث عن هذه الممارسات بقوله: "بعد سقوط النظام في 17 فبراير، واندلاع الحروب الأهلية، عادت قبائل التبو إلى ما كانت عليه من قبل من معاناة، وأقرب مثل لهذا هو قتل 45 مدنيًا من التبو جراء غارة جوية على حفل زفاف".

وكان المتحدث باسم ميليشيات حفتر، قال إنها كانت تستهدف وحدات مسلحة، ولكن أوضح تقرير الأمم المتحدة أن قوات الخليفة حفتر هي من قامت بشن هذا الهجوم، بحسب السنوسي.

وعلى هامش المهرجان تم تقديم جوائز تذكارية لمتطوعين من منظمات المجتمع المدني لمساهمتهم في التعريف بثقافة التبو.