جدل في إسرائيل بعد صدور قانون جديد حول حقوق اعتناق اليهودية

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 05.03.2021 13:51
يهود متشددون أمام حائظ البراق في القدس 2002 رويترز يهود متشددون أمام حائظ البراق في القدس 2002 (رويترز)

أثار قرار أصدرته محكمة العدل العليا الإسرائيلية (أعلى هيئة قضائية في البلاد)، بإنهاء احتكار اليهود المتشددين (الأرثوذكس) لعمليات التحول إلى الديانة اليهودية، عاصفة سياسية، انقسمت على إثرها ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض.

والاثنين، قضت المحكمة، بالاعتراف بالأشخاص الذين اعتنقوا اليهودية في إسرائيل من خلال الحركتين الإصلاحية والمحافظة، كيهود، وبالتالي يحق لهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية، بحسب قناة "كان" الرسمية.

وينص قرار المحكمة العليا، على الاعتراف بالتهود الإصلاحي والمحافظ "لغرض قانون العودة"، أي من أجل الحصول على الجنسية الإسرائيلية.

ويأتي القرار بعد مداولات قضائية استمرت لقرابة 15 عامًا في المحكمة العليا.

وبحسب موقع الخارجية الإسرائيلية؛ اليهودية "الإصلاحية" و"المحافظة"، هما حركتان دينيتان ليبراليتان تطورتا في القرنين الماضيين، وتختلفان عن اليهودية الأرثوذكسية (التقليدية) المتزمتة، لكن الأخيرة ترفض الاعتراف بهما، وتقول إنهما "تعصيان الرب في رفضهم اتباع أوامر التوراة بدقة".

ويتشدد اليهود الأرثوذكس في مسألة اعتناق اليهودية، ويعتبرون أنها ليست ديانة تبشيرية، وأن الشخص يكون يهوديًا إن كان ابنًا لامرأة يهودية.

أما اليهودية الإصلاحية أو التقدمية فتدعو إلى زيادة انفتاح ومشاركة اليهود في الحضارة والحداثة، وتخلت عن الفكرة القائلة بأن اليهود يشكلون أمة منفصلة، وبدأوا عوضا عن ذلك باعتبار الديانة اليهودية كطائفة دينية على النموذج المسيحي، بحسب وزارة الخارجية الإسرائيلية.

وبخصوص التيار الثالث، "اليهودية المحافظة"، تقول وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها "حل وسط ما بين الإصلاحيين والأرثوذكس"، وترى أن الشريعة اليهودية تتغير من جيل إلى جيل وتتأثر بالتغيرات الحاصلة في العالم من حوله، ويختلفون مع الإصلاحيين حول المدى المسموح به لتحديث الديانة اليهودية.

وفي السابق، كانت إسرائيل تعترف بالتهويد الذي يحصل تحت إشراف المحافظين والإصلاحيين خارج إسرائيل فقط.

أما داخلها، فكان الأرثوذكس يحتكرون إقرار التحول إلى اليهودية، بحسب قناة "كان" الرسمية.

وفي حين انتقد رجال دين إسرائيليون من المتشددين (الأرثوذكس) قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، رحب سياسيون علمانيون ويساريون بالقرار.

ولم يُعلق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل مباشر على قرار المحكمة العليا، لكن بيانا صدر عن حزب "الليكود" الذي يتزعمه، أكد تأييد موقف الأرثوذكس.

ونقلت قناة "كان" الرسمية، الثلاثاء، عن الحاخام الأكبر في إسرائيل ديفيد لاو، قوله في بيان "من تحول عن طريق (حركة) الإصلاح وما شابهها، ليس يهوديا ولن يغير أي قرار من المحكمة العليا هذه الحقيقة".

كما علق وزير الداخلية أرييه درعي (زعيم حزب شاس المتشدد)، الثلاثاء، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" قائلا "قرار المحكمة العليا ضربة قاتلة للطابع اليهودي للدولة، وهدم كامل للوضع الراهن في الشؤون الدينية في إسرائيل المعمول به منذ أكثر من 70 عاما".

من جهته، قال النائب عن حزب شاس يوآف بن تسور، الثلاثاء، إن الوزير درعي، قدم مشروع قانون إلى الكنيست من شأنه إلغاء قرار المحكمة.

وفي تصريحاته لإذاعة الجيش أشار "بن تسور" إلى أن مشروع القانون الذي قدمه درعي يسعى للتأكيد وبشكل قانوني على أن الجهات التي تعمل بالنيابة عن الحاخامية الإسرائيلية (الأرثوذكسية المتشددة)، هي الوحيدة المخولة بمباركة التحول إلى الديانة اليهودية.

وأكد "بن تسور" أن عدم دعم نتنياهو لهذا المشروع سيدفع شاس إلى الامتناع عن الانضمام إلى ائتلاف بزعامته.

وأضاف "لن نجلس مع أي حكومة، لا تتعهد تعديل قانون التحول".

في المقابل، أيد وزير الدفاع في الحكومة الإسرائيلية بيني غانتس، الذي يمثل تيار الوسط في إسرائيل، قرار المحكمة.

وقال: "أحيي هذا القرار الذي يعترف بتنوع الهوية اليهودية ويختار المسار الحكيم للشمولية"، بحسب قناة "كان".

وفي ذات السياق، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن زعيم المعارضة في إسرائيل (وسط-يسار)، ورئيس حزب "يش عتيد" يئير لبيد تأييده لقرار المحكمة، وقال "يجب أن تتمتع إسرائيل بالمساواة الكاملة في الحقوق لجميع التيارات اليهودية-الأرثوذكسية والإصلاحية والمحافظة".

وأضاف "ينبغي علينا العيش هنا جنبا إلى جنب، بتسامح واحترام متبادل".

من جهته، يرى المختص بالشؤون الإسرائيلي فايز عباس أن قرار المحكمة الذي يأتي قبل قرابة 3 أسابيع من الانتخابات، سيؤدي إلى ردة فعل معاكسة وعنيفة من قبل الجماعات الدينية المتشددة، الأمر الذي قد يضع عراقيل أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يعتمد على دعم الأرثوذكس في تشكيل ائتلاف حكومي.

ويضيف عباس للأناضول "إن أراد نتنياهو الحصول على 61 مقعدا تخوله تشكيل ائتلاف حكومي، فهو بحاجة لدعم الحزبين المتدينين المتشددين (شاس ويهودوت هتوراة) اللذين من المتوقع أن يحصلا سوية على 15 مقعدا على الأقل".

ويشير عباس إلى أن "الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت متخوفة من اتخاذ قرار بشأن التحول إلى الديانة اليهودية، كونها لا تريد خسارة دعم المتشددين اليهود، كما أنها لا تريد خسارة دعم الإصلاحيين والمحافظين حيث أن نسبة كبيرة منهم، هم من يهود الولايات المتحدة".

وينوه المحلل فايز عباس إلى أن معظم اليهود خارج إسرائيل ينتمون للتيارين الإصلاحي والمحافظ، في حين أن غالبية المتدينين في إسرائيل ينتمون للتيار المتشدد الأرثوذكسي.

ويضيف عباس "لم يتضح بعد، عدد الأشخاص الذين سيتأثرون بقرار المحكمة الذي يُنظر إليه على أنه تحدٍ لسيطرة المتشددين على تحديد من هو اليهودي".

وتوقع المحلل المختص بالشؤون الإسرائيلية، أن تستغل إسرائيل هذا القرار لدواع سياسية، من خلال تطبيق ما يسمى (قانون العودة) على الأشخاص الذي اعتنقوا اليهودية، رغم أن ليس لهم أية جذور يهودية.

ويقول "بالطبع إسرائيل تستغل أية ثغرات من أجل تحقيق مكاسب سياسية، في حال تجاوزت هذه العاصفة، وعدم إقرار قانون في الكنيست (البرلمان) يلغي قرار المحكمة العليا، سيتم اجتذاب أعداد كبيرة من المتحولين للديانة اليهودية عبر الإصلاحيين والمحافظين".

لكنه أردف قائلاً "لن يسكت الأرثوذكس المتشددون على هذا القرار بسهولة، سيقومون بكل ما بوسعهم لإلغائه عبر تشريع قانون في الكنيست، وهو الخيار الوحيد أمامهم في سبيل إلغاء قرار محكمة العدل العليا".

وأضاف "سيتسلحون باعتماد نتنياهو عليهم في تشكيل ائتلاف حكومي، أما في حال تمكن الوسط والعلمانيون واليسار من تشكيل حكومة في الانتخابات المقبلة، سيكون حينها من الصعب إلغاء قرار المحكمة".

وأكد عباس أن من غير المستبعد أن يُنظم المتشددون الإسرائيليون (الأرثوذكس) تظاهرات عنيفة ضد قرار المحكمة.

ويعتقد عباس أن ما يحصل اليوم في المشهد الإسرائيلي دليل على "هشاشة المجتمع في إسرائيل، والاختلاف العميقة والجذرية بين العناصر التي تشكله".