هل تنجو شركة لافارج الفرنسية من عواقب "جرائمها ضد الإنسانية" في سوريا؟

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 08.09.2022 14:14
آخر تحديث في 08.09.2022 14:26
مصنع لافارج للإسمنت كما يبدو في شمالي سوريا الأناضول مصنع لافارج للإسمنت كما يبدو في شمالي سوريا (الأناضول)

بعد تعرض شركة لافارج الفرنسية للإسمنت لضربة في أيار/ مايو الماضي، بعد الاتهامات التي وجهتها لها محكمة الاستئناف في باريس "بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" في سوريا، لا يزال من غير الواضح متى ستبدأ المحاكمة حول التهم الموجهة ضدها.

وبالرغم من قرار المحكمة الفرنسية في سبتمبر/أيلول 2021، بضرورة التحقيق مع الشركة بتهمة التورط في جرائم ضد الإنسانية، تليها لائحة التهم الصادرة عن محكمة النقض في مايو/أيار، لم يتم الإعلان عن موعد للمحاكمة أو إصدار حكم نهائي حول القضية حتى بعد مرور خمس سنوات على رفع الدعوة وعرضها على القضاء.

كما لم يتم الإدلاء ببيان رسمي حول ما إذا كان ملف التحقيق نقل إلى قضاة جدد، رغم طلب المدعى عليه ذلك وقرار المحكمة السابق.

وفي السياق، صرحت كانيل لافيت، وهي محامية من الأطراف المدنية في القضية، للمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، إنه من غير المعروف أين صرفت الأموال الممنوحة من لافارج لتنظيم داعش الإرهابي.

وكشفت التحقيقات أن المبالغ المالية التي يعتقد أنها دفعتها لافارج لداعش تراوح بين 4.8 ملايين و10 ملايين يورو.

وقد واجهت الشركة المملوكة الآن لهولسيم السويسرية في دعوى قضائية، اتهامات بدفع نحو 13 مليون يورو عبر فرعها في سوريا إلى جماعات مسلحة، من بينها تنظيم داعش، ووسطاء، لضمان استمرار عملها أثناء الحرب في سوريا خلال عامي 2013 و2014.

كما يشتبه في أن المجموعة باعت إسمنتا لتنظيم داعش ودفعت لوسطاء من أجل الحصول على مواد أولية من فصائل إرهابية، لكن فرع لافارج في سوريا نفى أي مسؤولية عن وصول هذه الأموال إلى المنظمات الإرهابية.

وفي الأول من كانون الأول الماضي، اتهم مديران سابقان لفرع الشركة في سوريا، هما برونو بيشو وفريديريك جوليبو ومدير أمن المجموعة جان كلود فيار، بـ "تمويل شركة إرهابية" و"تعريض حياة الآخرين للخطر".

وبعد أيام تم توجيه اتهام لبرونو لافون رئيس مجلس الإدارة والمدير العام السابق للمجموعة 2007-2015، وإريك أولسن المسؤول عن الموارد البشرية في ذلك الوقت، ونائب المدير التشغيلي السابق كريستيان هيرو.

واستأنفت المجموعة وثلاثة من مسؤوليها القرار وشككوا في أسس التحقيق.

وفي 24 من تشرين الأول 2019 ردّت محكمة الاستئناف شكاوى أربع منظمات هي شيربا ومركز حقوق الإنسان والحريات وكريدو والحياة من أجل باريس، لكن شيربا ومركز حقوق الإنسان طعنا في القرار.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019 أسقط القضاء الفرنسي تهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية في سوريا" التي وجهت للشركة في يونيو/حزيران 2018.

وكشفت الوثائق التي حصلت عليها ونشرتها الأناضول في وقت سابق، أن المخابرات الفرنسية كانت على علم بعلاقة لافارج مع تنظيم داعش الإرهابي.

وبحسب الصحافة الفرنسية عام 2016، قدمت شركة لافارج مواد ووقودًا إلى تنظيم داعش مقابل مواصلة أنشطتها في منطقة جلابية شمال سوريا.

وأظهرت الوثائق، أن أجهزة المخابرات الفرنسية استغلت شبكة علاقات لافارج وتعاونها مع الجماعات الإرهابية في سوريا للحفاظ على عملياتها هناك والحصول على أخبار من المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، استخدم الجيش الأمريكي منشأة لافارج في سوريا قاعدة له بينما تتمركز قوات النظام السوري في عدة نقاط على بعد حوالي 3 كيلومترات 1.8 ميل شرق الجلابية.

ثم قام تنظيم بي كي كي، بدعم من روسيا بالتمركز في مواقع قريبة من جيش النظام مع تنامي احتمالية أن تنفذ تركيا عملية عسكرية في المنطقة لاجتثاث التنظيم.

ولمنع تركيا من التدخل عسكريا، قام بي كي كي بإظهار المناطق التي يحتلها على أنها مناطق تحت سيطرة النظام وسمح لعناصر هذا الأخير الانتشار في بعض النقاط التابعة له.

وسبق لتركيا أن برهنت بعملياتها المستمرة لمكافحة الإرهاب في شمال شرق سوريا، عن التهديدات الأمنية عندما تستولي الجماعات الإرهابية على البنية التحتية ومنشآت صناعية.

وانتقد الرئيس رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه في عام 2019، دعم شركة لافارج لتنظيم بي كي كي بالكم الهائل من الذخيرة والأسلحة الثقيلة وحفارات الأنفاق ومعدات لمساعدتهم على حفر الأنفاق السرية.

وأكد أردوغان، حينها، أن تنظيم بي كي كي ليس مجهز بالأسلحة والذخيرة فحسب، بل على صلة وطيدة مع مصنع لافارج الضخم في جلابية السورية، الذي يستخدمه كقاعدة وموقع تصنيع الاسلحة لهم.

وتسعى فرنسا إلى حصر قضية لافارج في فترة داعش فقط، إلى تحويل أنظار القضاء عن علاقات هذه الشركة مع تنظيم بي كي كي الإرهابي.