"النازيون المُحتجَزون".. قصّة جنود ألمان لجأوا إلى تركيا إبان الحرب العالمية الثانية

وكالة الأناضول للأنباء
اسطنبول
نشر في 03.07.2016 00:00
آخر تحديث في 03.07.2016 14:02
النازيون المُحتجَزون.. قصّة جنود ألمان لجأوا إلى تركيا إبان الحرب العالمية الثانية

يُشرف أكاديميون أتراك على إنتاج فيلمٍ وثائقيٍّ، بعنوان "النازيون المُحتَجَزون"، يُجسّد قصّة 400 جندي نازيّ لجأوا إلى تركيا، بعد غرق ثلاث غواصّات ألمانية قبالة سواحل البحر الأسود عام 1944، إبان الحرب العالمية الثانية.

وأفاد حسين موشمال، الأستاذ المساعد في كلية الآداب بجامعة "سلجوق" التركية بولاية "قونية" (وسط البلاد)، أنّ تصوير الفيلم الوثائقيّ يتم في بلدة "بي شهير"، بإشراف المخرج التركي "هُدائي أتيش".

وفي حديث للأناضول، قال موشمال، منسق المشروع، إنّ "الغرض من إنتاج الفيلم الوثائقي، هو التذكير بالموقف الإنساني الذي انتهجته تركيا حتى تجاه جنود (أدولف هتلر) النازيين، في الوقت الذي يتعرض فيه الأتراك لاتهامات الإبادة الجماعية - ضد الأرمن عام 1915- من قبل ألمانيا ودول أخرى".

وأوضح موشمال، أنّ "تركيا لم ترفض الجنود الألمان، الذي لجأوا إلى أراضيها، حتى أثناء ظروف الحرب الصعبة"، ما يؤكد الإنسانية التي تحلي بها الأتراك في تلك الفترة والتي يستحيل معها ارتكابهم أي انتهاكات ضد أي فئة أو عرق.

وانتقد موشمال في هذا السياق مصادقة البرلمان الألماني "البوندستاغ"، مطلع يونيو/ حزيران الماضي، على مشروع قرار يعترف بمزاعم "إبادة الأرمن على يد الدولة العثمانية".

وأشار إلى أنّ تركيا احتضنت الجنود الألمان عل مدى عامين، واعتبرتهم ضيوفًا عندها، مبينًا أنّه ليس ثمة أي دولة في العالم أبدت موقفاً إنسانيًا مماثلًا لهذا الموقف، تجاه الجنود الأجانب، وأنّ "العديد من التقارير والوثائق تؤكد مدى الإنسانية التي تحلى بها الأتراك في تلك الفترة".

وحول ملابسات لجوء الضباط النازيين إلى تركيا، أفاد موشمال، أنّ ست غواصات ألمانية نُقِلت إلى البحر الأسود على شكل قطع مجزأة عام 1942، وبدأت، بعد إنزالها إلى البحر، بقصف الأراضي الروسية على مدى عامين، مُشيرًا أنّه "جرى تفجير ثلاث منها على يد القوات الروسية، وقررت ألمانيا فيما بعد إغراق الغواصات المتبقية للحيلولة دون وقوعها بيد الروس".

وتابع: "أوقفت القوات التركية طاقم الغواصات الألمانية في سواحل البحر الأسود، يوم 10 سبتمبر/ أيلول 1944، ونقلتهم إلى ثكنة للجيش ببلدة (بي شهير) بقونية، وأسكنتهم فيها، ليبدأ الضباط والجنود الألمان فيما بعد بمعاشرة أهالي البلدة التركية والتعرف على عادات وتقاليد سكان الأناضول في تلك المرحلة، وكانوا يقولون في كتاباتهم ورسائلهم إن الأتراك ساعدونا واعتنوا بنا وأطعمونا في موائدهم وسط تلك الحرب".

يُذكر أنّ تركيا أبقت الجنود الألمان محتجزين لديها على مدى عامين لعدم استطاعتها تسليمهم إلى الطرفين المتحاربين (روسيا وألمانيا)، وسلّمتهم فيما بعد إلى بلادهم.

ولفت موشمال إلى أن "الضابط الألماني (لودفيغ غاونير)، قائد الغواصة (U19)، أعرب وقتها عن شكره وامتنانه للشعب التركي باسم طاقمه البحري الذي لجأ إلى تركيا وتمتّع فيها بالأمن والأمان وحصل على مسكن دافئ، رغم سمعة بلادهم السيئة آنذاك على الصعيد العالمي".

وشدّد على أن وثائقيّ "النازيون المُحتَجَزون"، سيكون عملًا مناسبًا لمهمة تركيا التاريخية، معتبرًا أن "الشعب التركي العفيف الذي قام بحماية اليهود نهاية القرن الرابع عشر، ويحتضن ملايين السوريين في الوقت الراهن، لا يمكن أن يرتكب إبادة جماعية".

وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة "الإبادة العرقية" على أحداث 1915، بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.