كل شيء عن المنسوجات التركية.. بين الماضي والحاضر

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 14.10.2020 11:09
آخر تحديث في 14.10.2020 11:12
امرأة وسط أكوام القطن المجني حديثاً في أنطاليا الأناضول امرأة وسط أكوام القطن المجني حديثاً في أنطاليا (الأناضول)

تشتهر تركيا بمنسوجاتها الجميلة المصنوعة من المواد الطبيعية بنسبة كبيرة، كالقطن عالي الجودة المزروع بعناية والمغزول والمنسوج بآلياتٍ وطرائق بدأت منذ غابر الأزمان وتقدمت وتطورت مع الأيام إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم من الرقي والإتقان. ولا تقتصر المنسوجات التركية على السجاد أو المناشف أو المفروشات فحسب بل تتنوع لتشمل كافة أنواع الأقمشة الفريدة التي تختلف اختلافاً كبيراً في الأسلوب والتصميم والألوان مثل الأقمشة الصيفية الخفيفة والطبيعية والمخمل المزخرف وغيرها. وهناك مجموعة واسعة من المنسوجات التي يمكن للزائر شراؤها كهدية أو اصطحابها معه لدى عودته إلى موطنه. وسنتعرف في هذا المقال على بعض الأنواع المميزة من المنسوجات التركية الشهيرة.

قماش "شيلة بيزي" Şile bezi

هو نسيج قطني خفيف الوزن مصنوع يدوياً، يستخدم في صنع الفساتين الصيفية، والقمصان غير الرسمية للرجال والنساء، ومفارش المائدة وبياضات الأسرّة ويشبه الكتّان إلى حد كبير. يكثر الطلب على هذا النوع من القماش كونه مصنوع من القطن الطبيعي 100% ويمتص الرطوبة الناجمة عن التعرق، ويستخدم خامياً دون صباغ ولكنه يُزين بتطريز يدوي أو بنقوش الكروشيه. وقد سُمي هذا النسيج على اسم "شيلة" المنطقة الساحلية الواقعة شمال إسطنبول، ويتم إنتاجه بشكل تقليدي على يد نساء الريف المحليات. ويتوفر هذا النسيج الطبيعي والمنتجات المصنوعة منه في الأسواق المحلية في جميع أنحاء البلاد بشكل دائم، وخصوصاً في أسواق "شيلة" وبازاراتها الغنية بالمنتجات الغذائية والمنسوجات المنتجة محلياً.

قماش "دنيزلي دوكوماسي" Denizli dokuması

يعود تاريخ إنتاج الأقمشة القطنية في ولاية "دينيزلي" إلى ما يقرب من 4000 عام حيث أثبت الكشف الأثري الأخير عن وجود أطلال لمصنع نسيج. وتشتهر مدينة "سبا" الرومانية المجاورة لـ "هيرابوليس" والتي يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد، بالنساجين المهرة كما ذكر الرحالة المسلم ابن بطوطة في القرن الرابع عشر. وتصنع منسوجات "دنيزلي دوكوماسي" من خيوط قطنية سميكة، وتشمل قماش المناشف المستخدمة في الحمامات التركية واسعة الشهرة.

قماش "يزما" Yazma

يزما أو "الطرحة"، هو نوع من القماش المطبوع إما يدوياً أو باستخدام قالب خشبي محفور. وتنتج كل ولاية من ولايات تركيا تصميمات وأنماط فريدة من هذا القماش باستخدام خيوط وألوان مختلفة، ولكن أشهرها تصميمات توكات السوداء المطبوعة على قماش قطني أبيض أو ملون، ونسيج قسطموني الأصفر اللامع المطبوع بتصاميم باللون الأزرق والأحمر والأخضر، وكذلك حرير بورصة. وتُستخدم هذه الأقمشة في صناعة الفساتين الصيفية الأنيقة والسراويل التقليدية الفضفاضة وأوشحة الرأس التي تُزين حوافها بزخرفة من الدانتيل المطرّز يدوياً، ويُشار إليها باسم "oyası". ويتوفر قماش "يازما" في البازارات الأسبوعية المحلية وجميع متاجر النسيج.

قماش "إيكات" Ikat

هو نوع من القماش القادم في الأصل من إندونيسيا وماليزيا. ويتم في هذا النسيج ربط الخيوط المستخدمة لإنشاء التصميم المطلوب مع توفير المقاومة الكافية للحصول على المتانة المناسبة، ويختلف نسيج "الإيكات" عن غيره من المنسوجات بأن التصميم والرسومات يتم تطبيقها على الخيوط نفسها قبل حياكة القماش، بدلاً من تطبيقها على قطعة القماش بأكملها. ويظهر النسيج النهائي بمزيج فريد ومذهل من الألوان والأنماط الراقية، ويستخدم غالباً في المفروشات المنزلية. ويعود تاريخ هذا النوع من النسيج إلى مئات السنين وقد ظهر في العديد من المناطق المختلفة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك آسيا الوسطى وأوزبكستان وكذلك في الشرق الأوسط في إيران وسوريا واليمن وبالطبع في تركيا. ولكل بلدٍ أسلوبه المميز أو زخارف وخيوط خاصة به والتي يمكن أن تختلف من القطن والمخمل إلى الحرير والصوف.

قماش "سوزاني" Suzani

يمثل هذا النوع من القماش إضافة رائعةً إلى إرث تركيا من المنسوجات، فهو قماش مطرز ومزخرف بالألوان التي وصلت إلى تركيا عبر القبائل البدوية التركية في دول آسيا الوسطى مثل أوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان. وقد اشتق اسم هذا النسيج من الكلمة الفارسية التي تعني الإبرة وهي "سوزان"، وتعود إليها التصاميم الرمزية الرائعة والدائرية التي تحمل ألواناً غنيةً كانت تطرزها العرائس تقليدياً كجزء من مهرهن. وتشمل بعض تصاميم قماش "سوزاني" الذي يصنع أساساً من القطن أو المخمل، الشمس والقمر والزهور بما فيها الزنبق العثماني والطيور والأسماك والفاكهة مثل الرّمان. ويعود تاريخه رسمياً إلى أواخر القرن الثامن عشر وربما قبل ذلك بكثير. ويمكن العثور على "سوزاني" عتيق في أسواق السلع المستعملة في جميع أنحاء البلاد وهو منتشر في معظم مخازن البازار الكبير، بعد أن تم استخدامه في مجموعة متنوعة من تصميمات الأحذية والمحافظ وكذلك حقائب اليد ومفارش الأسرّة وأغطية المقاعد أو حتى كلوحاتٍ تُعلق على الجدران بهدف الزينة وإبراز العراقة والجمال معاً.

بقلم: ليلى إيفون أرغيل