تاريخ فن صناعة الأواني النحاسية أهم الحرف اليدوية التركية التقليدية

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 24.03.2023 11:38
ركوة قهوة نحاسية FOTOGRAF: BETUL YAZICIOGLU ركوة قهوة نحاسية (FOTOGRAF: BETUL YAZICIOGLU)

ظلَّ النحاس جزءاً من حياة البشر لآلاف السنين، من الأدوات والأسلحة إلى الأكواب وأدوات المطبخ. وقد استفاد البشر من هذا العنصر في كل مناحي الحياة، وخاصة في الأناضول حيث اتخذ الناس منه حرفةً خاصة وخلقوا أشكالاً فنيةً فريدةً من الإبداعات اليدوية ذات قيمة جمالية وتاريخية عالية.

وكان النحاس الذي يعود اكتشافه إلى عصور ما قبل التاريخ، أول معدن يستخدم في صنع الأدوات والأسلحة. ويُعتقد أن النماذج الأولى تم صنعها في الكلدانية الركن الجنوبي الشرقي من بلاد ما بين النهرين عام 4000 قبل الميلاد. وفي وقت لاحق، ومع تفضيل البرونز والحديد في إنتاج الأدوات والأسلحة، بدأ استخدام النحاس بشكل أكبر في أدوات المطبخ والحلي. وخلال رحلة المعدن العتيق من الماضي إلى الحاضر، وجد نطاقاً واسعاً من الاستخدامات في الصناعة والحياة اليومية، وأبدع الصنّاع المهرة منه أشكالًا فنية جديدة.

استخدم النحاس منذ العصور القديمة لسهولة معالجته، وتحظى صناعة النحاس بتاريخ قديم في كل منطقة من مناطق الأناضول وخاصة في غازي عنتاب وشانلي أورفا، حيث يتم إنتاج العديد من المنتجات النحاسية للاستخدام اليومي أو الأغراض الزخرفية.

وتتمتع الحرف اليدوية التركية بمجموعة واسعة من الفروع، ولكن من أهمها فن صناعة النحاس حيث يركز مجال الأواني النحاسية الذي كان يستخدم في الماضي في إنتاج العناصر القيمة وذات الاستخدام اليومي، بشكل أكبر اليوم على منتجات الحرف اليدوية المصنوعة لأغراض الزخرفة.

ويوجد النحاس في الطبيعة كمعدن طبيعي وكمادة خام، وتم العثور على شظايا النحاس الخام في مجاري الأنهار أو الطبقات العليا المتآكلة من خامات النحاس. وهو معدن مؤكسد يتحول سطحه إلى اللون الأخضر بمرور الوقت، لذلك لا يظل لامعاً مثل الذهب.

ومع ذلك يبقى النحاس هو المعدن الأكثر استخداماً في الصناعة والحياة اليومية بعد الألمنيوم بسبب مقاومته للتآكل وقابليته للتطويع والتوصيل الحراري والكهربائي العالي ومقاومته للتأثيرات الخارجية.

ويتم استخراج رواسب النحاس الكبيرة في تشيلي وكندا والولايات المتحدة وروديسيا والكونغو وروسيا والبيرو.

أما أراضي الأناضول مهد صناعة النحاس في العالم، فتحتوي أيضاً على رواسب خام النحاس في بعض المناطق الغنية فيه مثل إرغاني شرق الأناضول وموغلا وإرتفين وريزة وإيلازيغ وغيرها، حيث تستضيف تركيا 0.17% من احتياطي النحاس في العالم.

ويعد فن صناعة المعادن من أقدم فنون الأتراك كما تشهد العديد من العينات المعدنية قبل العصر الإسلامي وبعده. ومعظم الأعمال المعدنية التي نجت اليوم هي عناصر نحاسية مصنوعة بتقنيات زخرفة النحاس.

ويُظهر استخدام التقنيات المختلفة خاصة في الأعمال المعدنية للسلاجقة العظماء، النجاح الباهر الذي حققوه في هذا الفن إذ يُفهم من القطع العديدة الباقية أن ورش صناعة النحاس المتقدمة كانت تعمل بتقنيات مختلفة في الأناضول خلال الفترات الحثية والأورارتو والفريجية والرومانية الهلنستية والبيزنطية والتركية.

هذا وقد تركزت ورش العمل خلال العصر السلجوقي في قونية وماردين وديار بكر وأرزينجان وأرضروم وفي العصر العثماني، تم إنشاء ورش عمل جديدة بسبب التشغيل المكثف لرواسب النحاس، وازدادت الأهمية المعطاة لهذا الفن.

وتشتهر مدينة توقات بشكل أساسي بفنانيها المهرة بتطويع النحاس. ومن بين المنتجات التي تنتجها الشركات في المدينة، الغلايات والأحواض والأوعية الكبيرة، وهناك أسباب مختلفة لذلك ولكن الأهم من ذلك، أنه لا يزال بإمكان هذه المنتجات العثور على مشترين في سوق المدينة.

وتستخدم المراجل والأحواض النحاسية بشكل متكرر في إعداد الطعام مثل معجون الطماطم والدبس والأشياء المعلبة في المنزل كإمدادات الشتاء في المنطقة. ومن ناحية أخرى، يتم شراء الأواني النحاسية كعناصر زخرفية بدلاً من استخدامها لأغراضها المباشرة. ويواصل عدد قليل من الحرفيين في المدينة العمل في هذا النوع من الأعمال.

وبعد طرق النحاس وتشكيله، عادة ما يتم حفر الأشكال والنماذج الزخرفية على سطحه. كما تستخدم تقنية الحدادة في معالجة النحاس. ويتم نقش الزخارف المرسومة بأقلام الإزميل على النحاس بضربها لحفر أنماط زخرفية مختلفة.

ومن أنماط النقش على النحاس الكشط والمخرم. وتعتبر المزهريات وأواني الزهور والصواني ومختلف الزخارف من بين العناصر النحاسية الأكثر رواجاً. وغالبية العناصر المنتجة هي قطع فنية للهدايا التذكارية السياحية.