"أنظمة الطوارئ".. قانون أسقط الحكومة الإسرائيلية وحل البرلمان

وكالة الأناضول للأنباء
القدس
نشر في 21.06.2022 13:29
صورة أرشيفية صورة أرشيفية

تسبب قانون "أنظمة الطوارئ" الإسرائيلي في حلّ الكنيست (البرلمان)، والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة.

وأعلن رئيس الحكومة نفتالي بينيت، مساء الاثنين، أن قرار حلّ الكنيست جاء تحسبا لدخول إسرائيل في فوضى دستورية، بسبب انتهاء صلاحية قانون أنظمة الطوارئ نهاية يونيو/ حزيران الجاري.

وقال بينيت في مؤتمر صحفي: "أجريت محادثات قانونية، وفهمت أنه إذا لم يتم حلّ الكنيست في غضون 10 أيام، فسيتضرر أمن إسرائيل بشدة، (جراء عدم تمديد العمل بالقانون)، ولن أسمح بذلك، اتفقت مع (وزير الخارجية وزعيم حزب "هناك مستقبل") يائير لابيد على نقل السلطة، بطريقة مُنظّمة وتحديد موعد للانتخابات".

وللمرة الأولى منذ سن قانون أنظمة الطوارئ بالضفة الغربية في 1967، أخفقت الحكومة الإسرائيلية في 7 يونيو الجاري في حشد الأصوات المطلوبة بالكنيست لتمديد العمل بالقانون.

وتؤيد الأحزاب اليمينية في ائتلاف المعارضة الإسرائيلية قانون أنظمة الطوارئ ولكنها صوتت ضده على أمل إسقاط الحكومة الحالية، وهو ما يبدو أنها نجحت فيه بنهاية الأمر.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، إن بينيت اتخذ القرار بعد أن أبلغه عضو الكنيست من حزبه "يمينا" أوري أورباخ، أنه سيصوّت لصالح مشروع قانون الحل إذا تم عرضه من قبل المعارضة، لفشل الحكومة في تمديد قانون أنظمة الطوارئ.

كما أشارت إلى أن النائبين العربيين مازن غنايم وغيداء ريناوي زعبي، أكدا أنهما لن يصوتا لصالح تمديد القانون، رغم الضغوط.

والقانون الذي يمدده الكنيست منذ ذلك الحين كل 5 سنوات، يعامل نحو نصف مليون مستوطن إسرائيلي بالضفة الغربية، معاملة المواطنين في إسرائيل.

لكنّ هيئة البث الإسرائيلية قالت، الاثنين: "حلّ الكنيست قبل نهاية الشهر، يعني أن قانون أنظمة الطوارئ سيُمدد تلقائيا ولن ينتهي سريانه".

وكان من شأن عدم تمديد القانون، أن يثير إشكاليات حول سُبل التعامل القانوني مع المستوطنين.

ولكن ثمة جانب آخر لهذا القانون، فهو يسمح لإسرائيل باعتقال آلاف الفلسطينيين في سجونها، ما يفرض عليها في حال عدم تمديده، إما الإفراج عنهم أو نقلهم إلى سجون داخل الضفة الغربية.

وعمليا، تُطبّق إسرائيل قانونين بالضفة الغربية، الأول: عسكري يُفرض على الفلسطينيين فقط، والثاني: أنظمة الطوارئ، الذي يعامَل المستوطنون بموجبه، معاملة المدنيين في إسرائيل.

** ما قصة قانون أنظمة الطوارئ؟

يقول المحامي محمد دحلة الخبير في القانون الإسرائيلي والدولي، إن الحكومة الإسرائيلية سنت ما يُسمى بقانون أنظمة الطوارئ، بعد احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967.

وأضاف: "هي أنظمة تسنها الحكومة ولها مكانة قانون ولكن مدة سريانها قصيرة، ولا يمكن أن تدوم إلى الأبد".

وأردف: "لاحقا، ولكي تبقى هذه الأنظمة سارية المفعول، قامت إسرائيل بسن قانون في الكنيست لتمديد فترة سريان هذه الأنظمة، وهو قانون لفترة مؤقتة مدته 5 سنوات قابلة للتمديد، حيث ينتهي التمديد الأخير نهاية يونيو الجاري".

وأشار المحامي دحلة إلى أن "فحوى هذه الأنظمة التي تحوّلت إلى قانون بالكنيست الإسرائيلي، هي أنها عمليا تحاول أن تعطي للمستوطنين الذين يعيشون في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، المكانة وكأنهم يعيشون داخل إسرائيل".

وطبقا للقانون الدولي، فإن المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، غير شرعية ووجود المستوطنين فيها غير شرعي.

وبُعيد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، كان من المفترض التعامل القانوني مع الضفة الغربية وقطاع غزة، على انها منطقة مختلفة كليا عن إسرائيل.

واستدرك المحامي دحلة: "وكي لا يشعر المستوطنون بأنهم يعيشون في دولة أخرى، قاموا بسن هذه الأنظمة تسهيلا عليهم، وأيضا لكي يُسهّلوا تعامل السلطات الإسرائيلية مع المستوطنين وحياتهم داخل المستوطنات".

وتابع: "إضافة لتسهيل أمور أخرى تتعلق بالتعامل القضائي بما يشمل الجنايات والمخالفات الجنائية والعلاقة ما بين الشرطة داخل إسرائيل، وسلطات فرض القانون في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وأضاف: "إسرائيل أرادت عمليا منذ اليوم الأول ألا تكون لهذه الأراضي الفلسطينية مكانة منفصلة، وإنما أن تحوّلها إلى محمية وأرض خاضعة لها ولسيطرتها، وبالتالي أرادت أن تُسهّل تبادل المعلومات والإفادات بين الجسمين اللذين من المفروض أن يكونا منفصلين".

وأردف: "أيضا كانوا بحاجة إلى هذا القانون من أجل أن تتم محاكمة المستوطنين الذين يقترفون مخالفات جنائية، خارج حدود الخط الأخضر، بمعنى داخل المستوطنات، أو في أي منطقة أخرى بالضفة الغربية، وأن يتم التحقيق معهم من قبل الشرطة الإسرائيلية المدنية، وتقديمهم للمحاكمة في محاكم إسرائيلية مدنية، وليس في المحاكم الإسرائيلية العسكرية التي يقدم لها الفلسطينيون المتهمون بمخالفات جنائية".

وزاد: "وكذلك في حال الحكم على مستوطنين بالسجن، أن يتم سجنهم في سجون إسرائيلية مثل أي مواطن إسرائيلي آخر يقترف مخالفة جنائية، وألا يكونوا عرضة لا للقانون العسكري المستعمل ضد الفلسطينيين ولا أن يكونوا عرضة للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ولا أن يكونوا معرضين للاعتقال في المعتقلات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وعلى رأسها معتقل عوفر (قرب رام الله)".

** كيف تنظر إسرائيل إلى تمديد الأنظمة؟

شرح وزير العدل الإسرائيلي جدعون ساعر، في جلسة الكنيست يوم 2 يونيو، أهمية قانون الأنظمة في تسوية الوضع القانوني لأكثر من نصف مليون مستوطن إسرائيلي يُقيمون في الضفة الغربية.

وأضاف ساعر: "الحديث عن القانون ومواصلة سريانه أمر حاسم من أجل الحفاظ على النظام العام الروتيني في منطقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ومن دونه ستتحول المنطقة إلى غابة وإلى ملجأ للمجرمين، وسيفقد مواطنو إسرائيل الذي يعيشون هناك (الضفة) أبسط حقوقهم ويعيشون في حالة من الفوضى".

بدوره، لفت المحامي الفلسطيني دحلة، إلى أن "جزءا من أنظمة الطوارئ يتعلق أيضا بالضرائب وبالإقامة".

واستطرد: "إسرائيل خلقت نظامين قانونيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية، أحدهما يُطبق على الفلسطينيين وهو الأوامر العسكرية والمحاكم العسكرية والسجون العسكرية".

وتابع: "والقانون الثاني يُطبق على المستوطنين وهو قوانين إسرائيلية مدنية ومحاكم إسرائيلية مدنية مع قضاة إسرائيليين مدنيين، وليس ضباط جيش، مثل المحاكم العسكرية وأيضا سجون إسرائيلية مدنية داخل الخط الأخضر".

** ما مصير آلاف المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل؟

ولكن ثمّة جانب آخر بأنظمة الطوارئ يتعلق بآلاف المعتقلين الفلسطينيين في سجون داخل إسرائيل.

فاستنادا إلى الكنيست، فإن الأنظمة تتناول "صلاحيات السلطات في إسرائيل في تنفيذ عقوبات واعتقالات في إسرائيل، والتي تم فرضها من قبل السلطات العسكرية في المنطقة، وكذلك إمكانية تنفيذ أوامر وعقوبات في المنطقة تم فرضها في إسرائيل بحق من يقيمون في المنطقة"، أي الضفة الغربية.

وفي كلمته بالكنيست، تساءل وزير العدل الإسرائيلي: "في الأول من يوليو/ تموز سيخرج تلاميذ المدارس الابتدائية ورياض الأطفال في عطلة صيفية، وهل سيطلق معهم أيضا سراح 3500 سجين أمني يمكثون اليوم في منشآت سلطة السجون الواقعة ضمن حدود دولة إسرائيل؟".

وفي هذا الصدد، يقول المحامي دحلة: "أرادت إسرائيل من خلال هذه الأنظمة، أن تعطي الحق لنفسها بأن تعتقل الفلسطينيين داخل سجون موجودة في إسرائيل، فلولا هذا القانون لكان اعتقال الفلسطينيين فيها غير قانوني حتى من المنظار الإسرائيلي، فقد كانوا بحاجة إلى هذا القانون لكي يتم اعتقال هؤلاء السجناء داخل الخط الأخضر".

وأضاف أن عدم تمديد أنظمة الطوارئ "قد يؤدي إلى ضرورة نقل كل المعتقلين الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية وعددهم حوالي 3500 معتقل إلى معتقلات عسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونحن نعرف أنه لا توجد معتقلات وسجون تكفي لاستيعابهم، وهذا قد يؤدي إلى إطلاق سراحهم".

** ماذا سيحدث في حال عدم تمديد أنظمة الطوارئ؟

وقال المحامي دحلة: "إذا لم يتم تمديد القانون، فسيصبح المستوطنون عرضة أولا لملاحقتهم أمام القضاء العسكري، وأمام سلطات التحقيق التابعة له وللنيابة العسكرية، واعتقالهم أيضا في المعتقلات العسكرية بالضفة الغربية".

وأضاف: "بما يخص تبادل المعلومات والتحقيقات والإفادات بين الشرطة الإسرائيلية وسلطات التحقيق التابعة للحكم العسكري في الضفة الغربية، فإن عدم تمديد أنظمة الطوارئ يؤدي إلى تعسير الوضع على الشرطة الإسرائيلية في القيام بمهامها".

وتابع موضحا: "لأنه قد يهرب المواطن من إسرائيل إلى الضفة الغربية ولا يكون بالإمكان اعتقاله، أو بالعكس إذا اقترف مواطن إسرائيلي مخالفة في الضفة الغربية قد تستصعب الشرطة الإسرائيلية اعتقاله وملاحقته".