تركيا والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية

إسطنبول
نشر في 22.09.2020 13:46
آخر تحديث في 22.09.2020 13:48

قامت تركيا بإعادة سفينتها التنقيبية "أوروتش رئيس" بعد انتهاء مهمتها دعماً لجهود ألمانيا والأمين العام لحلف الناتو "ينس ستولتنبرغ" الرامية لتسهيل الحوار مع اليونان. وستتم مناقشة التوترات في شرق البحر المتوسط في المجلس الأوروبي الخاص يومي 24 و 25 سبتمبر، مع استمرار أنقرة وأثينا في تبادل البيانات.

في غضون ذلك، تتجه الولايات المتحدة نحو انتخابات رئاسية تاريخية، حيث ترتفع وتيرة الادعاءات المثيرة والحرب الكلامية بين مرشحي الرئاسة الأمريكية بالتزامن مع اقتراب موعد التصويت في 3 تشرين الثاني. ويتناول الناخبون خلال الحملات الرئاسية والمناظرات واستبيانات الرأي، تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاقنعة الواقية ونقل العدوى بالفيروس المستجد بالإضافة إلى كلماته حول الجنود القتلى ومزاعم التحرش الجنسي وغيرها.

وبالرغم مما تظهره استطلاعات الرأي من تقدم المنافس الديمقراطي "جو بايدن" حتى في الولايات المتأرجحة، لكن ترامب على ما يبدو يتقدم هو الآخر ويستدرك التراجع من خلال الأمور التي تصب في مصلحته مثل الانتعاش الاقتصادي بعد الإغلاق الشامل الذي تسبب به الفيروس المستجد وخلق وظائف جديدة وردود الفعل على الاحتجاجات العنيفة عقب مقتل المواطن الأسود وابتعاد اللاتينيين عن بايدن. إلى جانب اتفاق المراقبين على ترجيح تفوق ترامب على بايدن في المناظرات المتلفزة. وما تزال أمريكا تشهد سباقاً متقارباً بطريقة تجعل قبول النتائج من كلا الجانبين يبدو صعباً.

ويكفي لتقدير مستوى الاهتمام العالمي بالانتخابات الأمريكية، إلقاء نظرة سريعة على تقارير المخابرات الأمريكية حول التدخل الروسي في سباق الرئاسة الأمريكية نيابة عن ترامب والذي لا بد أن يؤثر على اعتقاد الأمريكيين بأن الولايات المتحدة ستصبح دولةً مختلفة إذا أعيد انتخاب ترامب.

وبحسب رأي الخبراء فإنه من المرجح أن يقوم ترامب في فترة ولايته الثانية من مضاعفة رفضه للحلف الأطلسي والمنظمات والأعراف الدولية. وفي الوقت نفسه، يمكن للرئيس الأمريكي أن يزيد من إضعاف المؤسسات بهدف إعادة تشكيل البلاد بشكل أكثر انسجاماً مع القومية البيضاء.

ومن المؤكد أنه سيكون هناك المزيد من عدم اليقين في العالم بسبب تنافس واشنطن مع الصين الذي بات يغذي الاضطرابات العالمية. أما إذا تم انتخاب بايدن، فمن المتوقع أن يقوي الحلف الأطلسي وأن يكون أكثر اهتماماً بخلق توازن مع روسيا وإحياء الاتفاق النووي الإيراني والتعامل مع التنافس الأمريكي الصيني بهدوء أكبر. ومن الواضح أن المنافس الديمقراطي الذي سيتعين عليه التعامل مع القضايا المحلية أيضاً، لن يكون قادراً على استعادة النظام الدولي الليبرالي وسيستمر الصراع على السلطة.

كذلك سيكون للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة تداعيات كبيرة على الشرق الأوسط أيضاً. ففي حالة إعادة انتخاب ترامب سيقوم بمواصلة الانسحاب الأمريكي ووضع مصالح إسرائيل أولاً ومواصلة تطبيع دول الخليج مع تل أبيب كما يفعل حالياً من خلال عرض القادة العرب الذين يوقعون اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، في البيت الأبيض. وقد أشيع مؤخراً أن عُمان والكويت والمغرب والمملكة العربية السعودية ستتبع خطى الإمارات العربية المتحدة والبحرين قريباً. ولن يكون مفاجئاً أن تنضم قطر إلى عرض واشنطن التي وعدت بنوع من التطبيع مع دول الخليج الأخرى. وفي الوقت نفسه، يمكن لإدارة ترامب حث الدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية والآسيوية على نقل سفاراتها إلى القدس، كما فعلت مع بعض دول البلقان مثل صربيا وكوسوفو.

وبعد أن بنى ترامب حملته الانتخابية حول التطبيع مع إسرائيل وترشيحه لجائزة نوبل للسلام، بدأ يفرض بالفعل تحولاً كبيراً على الشرق الأوسط. ومع ذلك، إذا تم انتخاب بايدن فعلينا ألا نتوقع تراجعاً عن السياسة الأمريكية لتعزيز مصالح إسرائيل. بالرغم من أنه من المرجح أن ينأى بنفسه عن دول خليجية معينة ويسعى إلى التطبيع مع إيران مما قد يؤدي إلى بعض التغييرات.

وفي حال فوز ترامب فإنه من غير المحتمل أن يلعب دوراً نشطاً في شرق البحر المتوسط ، كما أنه من المرجح أن يعمل بايدن مع اليونان والقبارصة الروم لاحتواء تركيا خصوصاً بعد تعهده بدعم قادة المعارضة التركية في محاولة للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان. ومن الواضح أن المرشح الديمقراطي سيواجه بعض التوترات مع أنقرة في أعقاب الانتخابات مباشرة. كما يتوقع المراقبون أيضاً أن يعزز بايدن مشاركة واشنطن مع ب ي ك/بي كا كا الإرهابي، والسعي لخلق توترات في العلاقات التركية الروسية وإثارة ادعاءات الإبادة الجماعية المزعومة للأرمن.

علاوة على ذلك، قد يكون لانتشار الشخصيات المعادية لتركيا في فريق بايدن تأثير سلبي على العلاقات الثنائية. لكن الدبلوماسية بين الرئيسين أردوغان وبايدن قادرة دائماً على موازنة هذا التأثير، بما توفره من فرص بعدما أصبحت تركيا لاعباً بارزاً بشكل متزايد في المرحلة الجيوسياسية الجديدة في العراق وسوريا وشرق البحر المتوسط وليبيا.

وأخيراً لا بد من التأكيد على أن استعداء تركيا وإقصائها لن يخدم مصالح الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي لأن البلاد أصبحت الآن قوية بما يكفي لإدارة مصالحها المتداخلة والمتناقضة مع الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.