كيف أحدثت دبلوماسية أردوغان فرقاً في أزمة أوكرانيا؟

إسطنبول
نشر في 22.03.2022 11:33

سعى الرئيس أردوغان منذ بدايات اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية إلى إيجاد أرضية مشتركة وتوازن في المطالب لكلا الجانبين، بما يؤدي لتعزيز السلام.

وتنخرط أنقرة اليوم في دبلوماسية مكوكية لإنهاء الاجتياح الروسي لأوكرانيا، حيث بنى الرئيس رجب طيب أردوغان بين 24 فبراير/شباط و 17 مارس/آذار، جهود المصالحة التي بدأها قبل اشتعال فتيل الحرب بالتحدث مع 35 من القادة الأجانب في 38 مناسبة. وقامت تركيا خلال حرب أوكرانيا بتنفيذ سياسة خاصة تستحق الاهتمام، وذلك بفضل إصرار الزعيم التركي على دبلوماسية القائد للقائد.

غني عن القول، أن تركيا لديها علاقات قوية مع كلا الطرفين ما يجعل أنقرة محط ثقة كليهما. ورحبت روسيا وأوكرانيا علاوةً على المجتمع الدولي، بالقرار التركي بعدم السماح بمرور السفن الحربية عبر مضيق الدردنيل. كما أدانت الحكومة التركية الاجتياح الروسي وأيدت استقلال أوكرانيا وسلامة أراضيها. وأبدى المسؤولون الأوكرانيون غاية امتنانهم للدعم الإنساني والسياسي والدبلوماسي وأنواع الدعم الأخرى التي قدمتها تركيا. ويتطلع الجانبان المتحاربان إلى أن تقوم تركيا إلى جانب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا بدور الضامن للمفاوضات. وفي الوقت نفسه، تسعى تركيا التي لم تفرض عقوبات على روسيا، لتحقيق نتائج من خلال المشاركة الدبلوماسية القوية مع موسكو.

إن النشاط الدبلوماسي التركي القائم على الاعتراف بالحقوق المشروعة للأطراف ويبحث أيضاً عن خيارات متعددة، يجعل من المرجح أن تتوسط تركيا بين الأطراف المتنازعة في محادثات السلام. وبالرغم من أن موسكو تفضل إسرائيل، إلا أن كييف تنظر إلى أنقرة على أنها وسيط محتمل وكذلك ضامن لما بعد الحرب. ومن المرجح أن يسعى الروس بسبب العقوبات الاقتصادية القاسية، إلى تحقيق نتائج عن طريق الدبلوماسية خلال الأسابيع المقبلة. ولا يمكن أن نتجاهل كنتيجة مباشرة لهذا الاقتتال الدامي وجود شعور متزايد بأن حرباً باردة جديدة قد بدأت بين الغرب وروسيا خصوصاً بعد أن وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "مجرم حرب"، ووافق على صفقة أسلحة بقيمة 800 مليون دولار لأوكرانيا.

كما قام الرئيس الأمريكي بتكرار تحذيره لنظيره الصيني شي جين بينغ، من تقديم المساعدة لروسيا. وفي هذه المرحلة، لا شيء يمكن أن يمنح بوتين مخرجاً مناسباً يحافظ به على ماء وجهه سوى الدبلوماسية وحدها، وهو ما يحتاج إليه بشدة. ويظل وقف إطلاق النار وإيجاد ممرات آمنة للمدنيين ووضع شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس، القضايا الأكثر أهمية على طاولة المفاوضات. أما إذا ما اختار الرئيس الروسي إطالة أمد الحرب كما فعل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، فسيمكِّن الغرب من تنفيذ سياسة احتواء حاسمة لإنهاء وضع روسيا كقوة عظمى.

فما هي الأهمية الاستراتيجية لتركيا وسط هذه المتغيرات؟

من المؤكد أن العالم أعاد اكتشاف الأهمية الاستراتيجية لتركيا وسط المواجهة بين الغرب وروسيا، التي من المتوقع أن تستمر لفترة طويلة. ففي واشنطن والعواصم الأوروبية، تحسنت صورة تركيا بالفعل في تطور من المنتظر أن يثمر عن تداعيات استراتيجية كبيرة بمرور الوقت. ومع ذلك، فإن قوة تركيا المتزايدة لا تكمن فقط في موقعها الجغرافي أو حقيقة وجودها على مفترق طرق لصراعات متعددة، بل هي نتاج السياسة الخارجية النشطة التي التزمت بها البلاد في السنوات الأخيرة، والتي عكست استخدامها للقوة الصارمة في سوريا وليبيا وإقليم قره باغ وكذلك سعيها للتعاون والدبلوماسية كما تجسدها سياسة التطبيع.

كذلك يعكس اهتمام العديد من البلدان المتزايد بالطائرات المسيرة التركية الدور الجديد للبلاد. ولم يشجع الاجتياح الروسي أوروبا على التحول إلى تركيا فقط بسبب خط أنابيب الغاز العابر للأناضول وشرق البحر المتوسط لتقليل اعتمادها على الطاقة الروسية، ولكنه منح أنقرة أيضاً موقفاً أكثر أهمية في مسألة الأمن الأوروبي كما يتضح من تقدير زعماء أوروبا الشرقية الذين تحدث معهم أردوغان في الأيام الأخيرة، بعد أن اتجهوا لفعل كل ما في وسعهم لحمل ألمانيا وفرنسا على التكيف مع الظروف الجديدة.

رسالة أمينة أردوغان

تدعم السيدة الأولى في تركيا أمينة أردوغان، الجهود الدبلوماسية للبلاد من خلال الاستجابة لنداء الأمهات والنساء الأوكرانيات وأصدرت بياناً مصوراً في 3 مارس/آذار خاطبت فيه نظيرتها الأوكرانية أولينا زيلينسكي وشعب أوكرانيا، مبديةً اهتمامها بهذه القضية بشكل أعمق من زوجات العديد من القادة الغربيين. وفي إشارة إلى المعاناة الإنسانية الكبيرة في هذه المرحلة قالت أمينة أردوغان إنه يتعين على الدول حل خلافاتها من خلال الدبلوماسية وليس الحرب، وحثت العالم على قول "لا للحرب" و"نعم للسلام". وجعلت من هذه الرسالة جوهراً بنت عليه رسالتها في اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس/آذار من خلال تسليط الضوء على محنة النساء والأطفال في أوكرانيا.

وفي منتدى أنطاليا الدبلوماسي أيضاً، اختارت السيدة الأولى تسليط الضوء على صرخات الأمهات الأوكرانيات اللائي فقدن أطفالهن في القتال، ومعاناة أولئك الذين أجبروا على الفرار من وطنهم.

ومما لا شك فيه أن دعم السيدة الأولى للشعب الأوكراني يمثل لمسةً أنثويةً حانية عميقة المغزى في عالم الدبلوماسية، كما ميزت مشاركتها جهود تركيا المستمرة عن مبادرات الدول الأخرى.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.