ما الدافع وراء تصريحات أردوغان حول عضوية الاتحاد الأوروبي؟

إسطنبول
نشر في 14.07.2023 14:15
آخر تحديث في 14.07.2023 14:16

استخدم أردوغان محاولة السويد للانضمام لحلف شمال الأطلسي ليقوم بتسليط الضوء على مخاوف تركيا الأمنية واحتياجاتها الدفاعية من أجل معالجة وإزالة الحواجز والعقوبات القائمة التي تواجهها البلاد.

بدأ الرئيس رجب طيب أردوغان مناقشاته الجديدة قبل قمة الناتو هذا الأسبوع في فيلنيوس/ليتوانيا، وتعليقاً على محاولة السويد الانضمام إلى الحلف، قال إن الدول المعنية يجب أن "تمهد طريق تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي" حيث يتماشى هذا البيان تماماً مع قراءة أحدث مكالمة هاتفية بين أردوغان والرئيس الأمريكي جو بايدن.

وقد يميل البعض إلى افتراض أن طلب أنقرة لتحريك عملية انضمامها جاء استجابةً لجهود واشنطن لربط عضوية السويد ببيع الطائرات المقاتلة من طراز إف-16 إلى تركيا. لكن الواقع أن الرئيس بايدن تحدث عن صفقة إف-16 بالاشتراك مع السويد واليونان في مقابلة أجرتها معه سي إن إن العالمية كشفت أن مثل هذه الحجج تقدم رؤية محدودة للغاية للوضع الحقيقي.

فقبل قمة فيلنيوس، أظهر الرئيس أردوغان رغبته في إعادة بناء علاقات تركيا مع الغرب على أساس جديد. وبعد إعادة انتخابه لخمس سنوات قادمة، يريد أردوغان إعادة إحياء علاقات بلاده مع الناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى وجه التحديد، يسعى الرئيس التركي إلى إزالة كافة العقبات الثابتة وجميع أنواع العقوبات التي لا تزال تركيا تتحملها. ولهذا السبب استخدم محاولة عضوية السويد لتذكير حلفاء تركيا في الناتو بمخاوف بلاده الأمنية واحتياجاتها الدفاعية، كما سلط الضوء على الحاجة إلى تغيير نوعي في حلف الناتو وسياسات الاتحاد الأوروبي تجاه أنقرة.

التكيف مع النظام العالمي متعدد الأقطاب

في الوقت الذي يسعى فيه جميع أصحاب المصلحة الدوليين إلى التكيف مع النظام العالمي متعدد الأقطاب الناشئ، من الضروري أن يفسر حلفاء تركيا الغربيون ملاحظات أردوغان حول عضوية الاتحاد الأوروبي بدقة. فمن خلال هذا البيان، لم يسع أردوغان إلى دفع صفقة صعبة، ولم يكن ينوي منع توسع الناتو بأي شكل من الأشكال.

وكان من المفهوم لوسائل الإعلام الغربية، عندما فوجئت بتصريحات أردوغان غير المتوقعة، أن تصف هذه الخطوة بأنه يقدم طلباً إضافياً. لكن تركيا لطالما تصرفت بعقلانية تجاه حلف الناتو، الذي ساهمت فيه بنشاط لمدة 71 عاماً، ودافعت عن هدفها الاستراتيجي المتمثل في عضوية الاتحاد الأوروبي. وفي الواقع، تصرفت الدولة بعقلانية بالرغم من تعامل بعض أعضاء الناتو والاتحاد الأوروبي مع إجراءات مكافحة الإرهاب بطرق تتعارض مع روح الحلف. ومن المهم أن نتذكر أن تركيا كررت التزامها بسياسة الباب المفتوح لحلف الناتو من خلال التوقيع على مذكرة ثلاثية في قمة مدريد وإعطاء الضوء الأخضر لعضوية فنلندا.

واليوم ، يحث أردوغان حلف الناتو الذي أصبح أكثر أهمية بسبب حرب أوكرانيا والتنافس بين الولايات المتحدة والصين، على أن يصبح أقوى من خلال النظر في أولويات الحلفاء الرئيسيين مثل تركيا. وبعبارة أخرى، ينخرط الرئيس التركي في النقد البناء، ويطالب بنظام عالمي أكثر عدلاً ويدعو إلى إصلاح الأمم المتحدة. ووفقاً لذلك، يجب على واشنطن وبروكسل تطوير نموذج جديد لأنقرة دون مزيد من التأخير. إن إعادة النظر في دور تركيا داخل التحالف الغربي على أساس روح التحالف والمصالح الجيوسياسية من شأنه أن يولد مكاسب استراتيجية للأتراك وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. كما أن تجاهل هذا السياق في ربط العضوية السويدية باحتياجات تركيا الدفاعية، بما في ذلك مقاتلات إف-16، من شأنه أن يرقى إلى سوء فهم تصريحات أردوغان.

سياسة متوازنة بين الغرب وروسيا

دعونا نتذكر أن الرئيس أردوغان استضاف نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل قمة فيلنيوس مباشرة وصرح علناً أن كييف حصلت على الحق في الانضمام إلى حلف الناتو، كما أكد على أهمية التعاون الدفاعي بين البلدين، وسلم قادة لواء آزوف الذين استضافتهم تركيا كجزء من تبادل الأسرى مع روسيا، إلى الزعيم الأوكراني. وفي ضوء هذه التطورات، يمكن القول إن الرئيس التركي لا يزال ملتزماً بسياسة متوازنة بين الغرب وروسيا.

نقطة أخرى مهمة هي أن تركيا لا تعتبر نفسها وسيطاً سلبياً بين أوكرانيا وروسيا. وبدلاً من ذلك، تظل أنقرة أكثر المدافعين صراحةً عن الحل الدبلوماسي. وبالرغم من رفض الانضمام إلى العقوبات المفروضة على روسيا، تدعم الدولة بقوة وحدة أراضي أوكرانيا وتعالج احتياجاتها الأمنية والدفاعية.

وما من شك أن سياسة التوازن النشط هذه متجذرة في تجربة الرئيس أردوغان والدبلوماسية الاستثنائية التي يبرع بها كقائد متمرس. وبرأيي، سيواصل الزعيم التركي مفاجأة الحكومات الأجنبية باتخاذ خطواتٍ إضافية.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.