الهزيمة المخزية لقوات الحلفاء

إسطنبول
نشر في 23.11.2020 11:39

شاركت أستراليا كواحدة من دول التحالف الدولي ضد الإرهاب في عملية الحرية الدائمة في أفغانستان. وقدمت ثالث أكبر وحدة عسكرية بعد المملكة المتحدة وكندا. وشاركت وحداتها في كافة العمليات القتالية هناك. كانت عبارة "إما أن تكون معنا أو ضدنا" التي قالها الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش في أعقاب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، هي السائدة في تلك الأيام، عندما تولى التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الحرب ضد القاعدة وطالبان.

وبلغ عدد القوات الأسترالية في أفغانستان آنذاك 1550 جندياً. حيث كانت أستراليا واحدة من ثلاث دول فقط دعمت علناً العمليات في أفغانستان في بداية الحرب، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وللإنصاف لا بد أن نذكر أن تركيا أيضاً، قدمت المساعدة لهذا التحالف مثل استخدام مجالها الجوي وتزويد الطائرات الأمريكية بالوقود جواً، كما قامت لاحقاً بنشر بعضاً من قواتها في أفغانستان كجزء من قوة حفظ السلام.

واليوم، يُظهر تقرير صادر عن المفتش العام لقوات الدفاع الأسترالية، أن هناك "23 حادثة قتل غير قانوني لـ 39 مدنياً أفغانياً على أيدي أفراد القوات الخاصة الأسترالية".

فهل تعكس هذه التقارير القانونية الصورة كاملة؟

دعونا نحاول إضافة بعض التفاصيل الدموية كي تظهر الصورة على حقيقتها.

إذا نظرنا بعناية إلى التواريخ الواردة في تقرير المفتش العام، نرى أن القوات الأمريكية شاركت بالفعل في عمليات القتل تلك، بعد أن لاحظ منسقو العمليات الأمريكيون أن الجنود الأستراليين كانوا جبناء ولا يقدمون على عمليات القتل بسهولة وهم يحتاجون إلى التعامل المباشر مع "الدماء". وأورد التقرير تفاصيل غامضة حول قيام القوات الأمريكية بإلقاء القبض على مجموعة من المدنيين الأفغان لاستجوابهم. يمكن أن تكون المجموعة عبارة عن ثلة من الفلاحين الذين لا يستطيعون التحدث باللغة الإنجليزية أو لغة الباشتو حيث يوجد في أفغانستان 14 مجموعة عرقية لذلك لا يتحدث الجميع نفس اللغة العامية. وتم وضع تلك الجماعة في منطقة احتجاز حيث كانوا يتوقعون استجوابهم وربما إطلاق سراحهم.

ومثل معظم شباب القرن الحادي والعشرين، لم يصادف الجنود الأستراليون "الدماء" إلا أثناء تقطيعهم شريحة لحم لذيذة، ولم يقتلوا في حياتهم حتى دجاجة، ناهيك عن إنسان. وعلى ما يبدو، لم يكن لدى الجنود الأستراليين خبرة بعمليات القتل الوحشية وكانوا بحاجة لتعريفهم على القتل عموماً، أو على التعامل مع "الدم" البريء.

وبالإضافة إلى الأدلة على 23 حادثة قتل غير قانوني لـ 39 قروياً أفغانياً، اكتشف المفتش العام للجيش الأسترالي المزيد من حوادث "المعاملة القاسية"، التي تدل على استخدام الجنود الكائنات البشرية الحية كأهداف عسكرية لأنهم لا يعرفون أهدافهم الحقيقية.

لكن دعونا لا نقفز إلى استنتاج مفاده أن ما نتحدث عنه الآن يتعلق بالقوات المسلحة الأسترالية فقط، الذين قال رئيسهم العام "أنغوس كامبل"، إنه صُدم بهذه المعلومات ووصفها بأنها "تضر بسلطتنا الأخلاقية كقوة عسكرية".

سيدي العزيز، لم يكن جيشك وحده هو الذي أضر بسلطتك الأخلاقية. التحالف بأكمله كان ملتزماً بما أسماه "الحرب على الإرهاب" تحت فرضيات زائفة.

أولها أن الشعب الأفغاني لم يكن إرهابياً، وأن حربك عليهم كانت في الواقع حرباً على الأبرياء.

وثانيها أن الرئيس بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، لم يخدعوك أنت فقط بل خدعوا العديد من الدول الأخرى أيضاً في الترويج لتلك الحرب وكانوا كاذبين، وأجبروكم على الانضمام لها بعملية "لي الذراع".

والله وحده يعلم ما هي الممارسات الأخرى غير المشروعة التي ارتكبتموها ليس فقط في أفغانستان ولكن في العراق وليبيا وسوريا واليمن أيضاً. لقد فقد التحالف الغربي بأكمله سلطته الأخلاقية في اللحظة التي بدأ فيها إعادة رسم خريطة ذلك الجزء من العالم، بدءاً من الاتفاقيات السرية للقسطنطينية ولندن عام 1915 ومعاهدة سايكس بيكو عام 1916.

وقامت إمبراطورية النفط وأتباعها بالتخطيط للهيمنة على العالم، بعد موت الشيوعية وخسارة عدوها الرئيسي، وخلق عدو جديد لها هو الإسلام. وصار بمقدور جميع المسلمين تقريباً، باستثناء أولئك الموجودين في منطقة الخليج العربي، أن يروا تلك الحقيقة بوضوح من خلال الترويج للإسلاموفوبيا وهم متأكدون أن هذه الكذبة لن تنجح.

لكن الواقع تكشف عن حقيقة أشار إليها الكاتب "إلياس كانيتي"، حين قال "لحظة النجاة هي لحظة القوة".

ففي عمليات القتل غير المشروع، مات الكثير من الناس لكن المسلمين بقوا في قيد الحياة. وعندما سلّم وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته مايك بومبيو وثائق ملكية الأراضي التي تحتلها إسرائيل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بقي الفلسطينيون في قيد الحياة أيضاً. وقتل حاكم ليبيا معمر القذافي في حفرة، لكن الليبيين بقوا في قيد الحياة. وكذلك فعل السودانيون واليمنيون. وبالرغم من احتراق جثمان الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية لكن العرب سيبقون في قيد الحياة. وسيظل الناجون الذين يبقون في قيد الحياة هم الأقوياء دوماً.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.