تقدم العلاقات التركية الروسية مرهون برفع الحماية عن تنظيم واي بي جي الإرهابي

إسطنبول
نشر في 17.06.2022 13:51

أدلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتصريحات هامة خلال زيارته لتركيا الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو قال فيها:"نأخذ بعين الاعتبار حساسيات أصدقائنا الأتراك من التهديدات التي تشكلها القوى الأجنبية على الحدود السورية. ويقوم المجتمع الدولي بمفاقمة الأوضاع في سوريا بينما تغذي الولايات المتحدة بشكل غير شرعي بعض المنظمات في البلاد" مشيراً إلى تنظيم واي بي جي الإرهابي الذراع السوري لميليشيا بي كي كي المشؤوم.

ويمكن فهم هذه التعبيرات بعمق أكبر إذا ما قارناها بكلمات لافرف إلى تشاويش أوغلو منذ حوالي 4 سنوات، حين عبّر عن رأيه للوزير التركي بضرورة مشاركة تنظيم واي بي جي الإرهابي في عملية أستانا بصفته "المحاور الرسمي".

وكان لافروف نفسه قد أعطى إشارات تدل على تفهم بلاده لأطروحات أنقرة الأسبوع الماضي قبيل زيارته لتركيا، نتيجة كل التطورات الحرجة التي مرت منذ ذلك الحين، ورغبة منه في تعميق العلاقات التركية الروسية.وقيّم الوزير الروسي عملية تركية محتملة ضد واي بي جي بالكلمات التالية:"روسيا لم يبق لها أي مهمة عسكرية تقريباً في سوريا، ولا يمكن لتركيا بالطبع أن تبقى غير مبالية بالإرهاب في شمال سوريا بينما تشجع الولايات المتحدة النزعة الانفصالية شرق الفرات".

واعتبر العديد من المحللين كلمات لافروف وتصريحات أخرى من موسكو بمثابة إشارة خضراء للعملية. فما الذي تغير في 4 سنوات؟

ومن أجل فهم ذلك، من الضروري العودة ليس فقط إلى السنوات الأربع الماضية ولكن يتعين أيضاً فحص التسلسل الزمني للتطورات التي أدت إلى تعميق العلاقات بين أنقرة وموسكو.

فتركيا الدولة العضو في الناتو أسقطت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 ولأول مرة منذ عقود، طائرة حربية روسية.وعندما وقعت محاولة انقلاب في تركيا لم تكن روسيا عدوانية، بل كانت تواصل فرض المزيد من العقوبات السلبية مثل عرقلة التجارة والسياحة بين البلدين، وجاء موقف موسكو من محاولة الانقلاب الفاشلة كنقطة تحول غيرت العلاقات التركية الروسية.

وفي الوقت الذي تلكأت فيه الولايات المتحدة باختيار موقفها بين الانقلابيين والحكومة الشرعية من خلال استعمال كلمات سحرية مطاطة على غرار "السلام والاستقرار"، استغرق الأمر أسبوعين حتى يرسل الاتحاد الأوروبي ممثلاً، بينما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أحد أوائل القادة الذين اتصلوا بالرئيس رجب طيب أردوغان ونقلوا دعمهم له.

وبعد شهر من الانقلاب، بدأ الجيش التركي أول عملية عسكرية له في سوريا. وأثناء إجراء العملية، قُتل السفير الروسي على يد أحد أعضاء جماعة غولن الإرهابية الذي تنكر بمظهر داعشي أمام الكاميرات.وقرأ الزعيمان هذا الحدث المؤسف على أنه وسيلة لتخريب العلاقات بين بلديهما، وهذا الفهم العميق بالضبط سبّب تحسن العلاقات بين البلدين وجعلها أقوى من كل الأزمات، لدرجة أنه عندما تم إسقاط الطائرة الروسية، لم يكن أحد يتوقع أن العلاقات التركية الروسية ستتقدم إلى حد شراء إس-400.

والحقيقة أن الديناميكيات المتغيرة في العلاقات التركية الروسية، من شراء إس-400 إلى بناء محطة أق كويو للطاقة النووية ومن تحرير إقليم قره باغ إلى عملية الجيش التركي الوشيكة في سوريا، أزعجت الغرب جداً.

ومن المؤكد أن الغرب يرغب في استخدام قضية تنظيم واي بي جي الإرهابي، التي تمثل عقبة هامة في العلاقات بين البلدين، ولكن إذا أمكن التوصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن هذا التنظيم الدموي، فمن المحتمل أن تفتح أبواب عملية جديدة.

وهنا لا بد أن نتذكر الخط الأحمر الذي أعلنه الرئيس أردوغان في 26 يونيو/حزيران 2015 عندما قال:"أخاطب العالم كله: لن نسمح أبداً بإقامة دولة في الشمال السوري وفي جنوب تركيا مهما كانت التكلفة". وأكد الرئيس من خلال هذا التوضيح على كلٍ من مكافحة الإرهاب ومكافحة النزعة الانفصالية بآن معاً.

لكن للأسف لا يزال تنظيم واي بي جي لديه مكتب رسمي في موسكو، رغم نفي السلطات الروسية ذلك.

واليوم لا بد أن تمضي العلاقات التركية الروسية إلى الأمام بطريقة صحية في الجغرافيا السياسية التي أعيد تشكيلها بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا، مراعيةً "الخطوط الحمراء"، خاصةً عندما تتجه الأنظار إلى تركيا وروسيا لإقامة ممر الحبوب في أوكرانيا.

وعلاوة على ذلك، تمتلك تركيا مفتاح عضوية فنلندا والسويد اللتين تريدان أن تصبحا عضوين في الناتو ضد التهديد الروسي. ومن خلال جمع كل هذه الحقائق معاً، يمكن القول إن وجود واي بي جي الإرهابي بات عتبةً حرجة في العلاقات مع روسيا وحان الوقت لتجاوز هذه العتبة.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.