استمرار روح التضامن يسرّع تعافي تركيا من الزلازل

إسطنبول
نشر في 22.02.2023 14:26

في أعقاب الزلزال المزدوج الذي ضرب تركيا، عملت بعض الدول على تقديم المساعدات والدعم بما يتجاوز طاقاتها، في حين كان أداء البعض الآخر خجولاً ومحدوداً.

ولأول مرة في تاريخها طالبت تركيا حكومةً وشعباً وهيئاتٍ ومنظمات بعد كارثة الزلزال الهائل الذي ضرب الجزء الجنوبي من البلاد، بمساعدة دولية قامت على أثرها أكثر من 100 دولة بتقديم أنواعٍ مختلفةٍ من المساعدات.

وإذا ما حللنا دوافع الدول التي أرسلت الدعم إلى تركيا، يمكننا أن نرى بسهولة أن هذه الدوافع ليست هي نفسها لدى الجميع. فبينما أرادت بعض الدول حقاً المساهمة في إنقاذ ضحايا الزلزال في تركيا، أعربت دول أخرى عن تعاطفها مع الدولة التركية وشعبها.

وفي هذا المقال، أريد أن أحلل بشكل أكبر دوافع إرسال المساعدات والمساهمة في الإغاثة تجاه الكارثة التركية، من خلال تقسيم الدول التي قدمت المساعدة إلى 3 فئات.

ففي الفئة الأولى قامت الدول مثل أذربيجان وقطر، بتعبئة مواردها لمساعدة تركيا، فأرسلت أذربيجان أنواعاً مختلفة من المساعدة إلى منطقة الكارثة. وحضر أكبر فريق بحث وإنقاذ من 720 شخصاً من باكو، وبثت التلفزيونات الأذربيجانية التطورات على مدار أيام.

كما نظم الشعب الأذربيجاني حملات مساعدات كبيرة، وتم إنشاء مدينة من الخيام تضم 750 خيمة ومستشفى ميداني من الدولة الشقيقة. بالإضافة إلى ذلك، جمع أكثر من 1500 طن من المساعدات من مختلف الأنواع وإرسالها إلى تركيا. وبالنتيجة يمكننا القول إن الشعب الأذربيجاني شارك حقاً الشعب التركي في تفاصيل الكارثة ووقف بجانبه.

وبالمثل، أرسلت دولة قطر أنواعاً مختلفةً من المساعدات، إلى جانب فرق البحث والإنقاذ الفعالة، بينما أرسل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مبلغاً كبيراً من المساعدات المالية من حسابه الشخصي، إضافةً إلى ما أرسله الهلال الأحمر القطري ومؤسسة قطر من مساعدات عينية ومالية. كما وعدت الدوحة بإرسال 10.000 منزل من الحاويات وأنشأت مستشفىً ميدانياً يستوعب 3000 شخص. وعلاوة على ذلك، أرسلت قطر 40 طائرة إلى تركيا لنقل المساعدات الوطنية والدولية إلى الميدان.

وعلى غرار أذربيجان وقطر، أرسلت العديد من الدول الإسلامية الأخرى مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وأوزبكستان وباكستان وماليزيا وإندونيسيا أنواعاً مختلفة من المساعدة. ولم تقم مؤسسات الدولة في كل هذه الدول فحسب، بل حشدت شعوب هذه الدول أيضاً كميات هائلة من المساعدات لضحايا الزلزال.

كذلك قدمت العديد من الدول الصغيرة المساعدات مثل موريتانيا وفلسطين وكوسوفو وأفغانستان واليمن ولبنان ذات القدرات المحدودة للتخفيف من حزن الشعب التركي.

وليس من الغريب أن تهب حملات الإغاثة لتركيا أرض الرحمة، التي تساعد على الدوام العديد من الدول والشعوب في جميع أنحاء العالم، حتى أن مسلمي الروهينغا في ميانمار حشدوا لإرسال المساعدة إلى تركيا، لإظهار تضامنهم ومشاركة حزنهم.

أما المجموعة الثانية من الدول مثل اليونان وإسرائيل وأرمينيا فقد قدمت مساعدة كبيرة لتركيا لدوافع إنسانية. ومع ذلك، حاولت هذه الدول الاستفادة من أجواء الزلزال واتخذت مبادرات لتحسين علاقاتها مع أنقرة.

وبالرغم من أن علاقات تركيا مع هذه البلدان الثلاثة على مستويات مختلفة مقارنة بفترة ما قبل الكارثة، إلا أن التوقعات زادت بتحسين علاقاتها مع تركيا من خلال دبلوماسية الزلزال.

الفئة الثالثة من الدول هي تلك التي لم تفِ بالتوقعات، ويمكن وضع العديد من الدول الغربية القوية والمتقدمة والغنية والحليفة لتركيا أيضاً ضمن هذه الفئة والتي كان بإمكانها اعتبار كارثة الزلزال فرصةً لتغيير الخطاب السياسي تجاه أنقرة. ومع أن هذه الدول أرسلت فرق بحث وإنقاذ إلى تركيا بعد الزلزال وجمعت المساعدات للشعب التركي لكن كان لديها القدرة على فعل المزيد. وظلت استجابتهم الإجمالية أقل من المستوى المطلوب مقارنةً بردود أفعالهم السابقة.

وعلى سبيل المثال، وبالمقارنة مع رد فعل الولايات المتحدة على الزلزال الذي ضرب تركيا عام 1999، لم يكن رد فعل الحكومة الأمريكية الحالية بنفس القوة السابقة. ففي عام 1999 زار الرئيس بيل كلينتون منطقة الزلزال في زيارته الرسمية التي استمرت 5 أيام إلى تركيا. كما عرضت واشنطن المساعدة وكررت التزامها بمساعدة تركيا في أعقاب الكارثة. لكن هذه المرة كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هو من جاء لزيارة تركيا بدلاً من الرئيس الحالي جو بايدن. وتمت مناقشة الزلزال بشكل أساسي من منظور سياسي وليس من منظور إنساني. ونشرت وسائل الإعلام الغربية العديد من التحليلات التي ركزت على تأثير الكارثة على السياسة الداخلية التركية.

ختاماً بالنسبة لنا نحن شعب تركيا، نقدر أي مساعدة ونشكر جميع الدول التي تقدم أي نوع من المساهمة لتركيا وشعبها. ومع ذلك، في مثل هذه الأوقات الصعبة وعلى الرغم من أنها طوعية، يتوقع المرء الكثير من الحلفاء والدول الصديقة أن تقدم مساهمات كبيرة في عملية التعافي في منطقة الكارثة. ونأمل أن تتحسن صورة تركيا على الأقل لأن هذه الفترة ليست مناسبة للتركيز على السياسة الواقعية بل على القيم الأخلاقية والتضامن.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.