التعاون مع تركيا ضرورة حتمية للاتحاد الأوروبي

إسطنبول
نشر في 21.01.2020 13:39

أثبتت تركيا خلال مؤتمر برلين الذي انعقد الأحد الماضي، صحة النهج الذي اتبعته طيلة السنوات الأخيرة. فبدعم منها أصبحت الدول الفاعلة في الاتحاد الأوروبي ابتداءاً من ألمانيا، قادرةً على اتخاذ خطوات ناجحة نحو عودة السلام والاستقرار إلى ليبيا. كما أصبحت إمكانية إنهاء الحرب الأهلية في ليبيا بفضل مؤتمر برلين، قاب قوسين أو أدنى. مع أنه لا زال من المبكر التأكد من تنفيذ نتائج المؤتمر، فقرارات الدول والمنظمات الدولية المتعلقة بوقف إطلاق النار في ليبيا، لن تتغير بين ليلة وضحاها، لكن اتخاذ خطوة مشتركة في هذا الاتجاه هو بحد ذاته تقدم كبير، حتى إن بدت تلك الخطوة بسيطة في ظاهرها.

ومن خلال إقرار ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي المشاركة في مؤتمر برلين، بحقيقة أن المسألة الليبية لا يمكن حلها إلا عبر المشاركة النشطة لتركيا وروسيا، قامت هذه الدول بالتعاون معهما.

وبفضل دعم تركيا للحكومة الليبية الشرعية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، باءت محاولات خليفة حفتر لإنتاج ديكتاتورية ليبية قائمة على المرتزقة بالفشل، وتبخرت أمنياته المدعومة من دول قمعية مثل الإمارات العربية والسعودية ومصر، بالسيطرة على طرابلس، وصار بالإمكان التحدث عن نجاح مؤتمر برلين.

وعلى مدى عدة أشهر، لم تكترث الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي بهجوم حفتر على الإطلاق، بل اكتفوا ببعض كلمات الدعم الواهية فقط. لكن تركيا التي أدركت هذه الحقيقة جيداً بادرت من فورها لتنفيذ الخطوات اللازمة وتقديم الدعم الكامل الذي أتاح للحكومة الشرعية في ليبيا وكذلك الشعب في جميع أنحاء البلاد مواصلة حياتهم اليومية بحرية.

كما أثمر تعاون الرئيس رجب طيب أردوغان مع روسيا، على إجبار حفتر على قول "نعم" لوقف إطلاق النار، وأثبتت مبادرات أردوغان ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو الدبلوماسية فائدتها حيث جعلت حفتر يدرك تماماً أن تركيا لم تكن تمزح بشأن ليبيا و أنها لن تتخلى عن خيار التدخل العسكري إذا ما لزم الأمر.

وجاء اهتمام تركيا بالمسألة الليبية بمثابة تحذير للدول التي تقدم المساعدات بكافة أنواعها إلى حفتر، واضطروا في النهاية للتوقف عن ذلك واتخاذ خطوات بناءة من خلال وقف إطلاق النار في البلاد، الذي ما كان ليتحقق لولا جهود تركيا المستمرة في تقديم الدعم حتى اليوم.

إن الاتحاد الأوروبي الذي دأب على انتقاد تركيا ظلماً في العديد من القضايا، يحتاج اليوم إلى الاستيقاظ على حقيقة أن البلاد كانت تنهج المسار الصحيح على طول الدرب. فلولا المعارك الطاحنة التي خاضتها تركيا ضد الإرهاب في سوريا ما كان من الممكن هزيمة داعش الإرهابي في المنطقة، ولولا دعوة تركيا لتوفير مناطق آمنة شمال سوريا التي ظل الاتحاد الأوروبي غير مبالٍ بها لما تمكن السوريون من البقاء في أوطانهم والعيش بسلام.

واليوم تسعى تركيا لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط بالتعاون المشترك مع روسيا، الذي يعتبر ضرورياً لحل القضايا المتعلقة بسوريا والعراق بقدر ما هو ضروري لحل قضية ليبيا. وكذلك الأمر بالنسبة لأي خطوات تتعلق بإيران، فإن التعاون المشترك بين تركيا وروسيا لا بد منه مرة أخرى.

خلاصة القول إن الاتحاد الأوروبي الذي يصر على إعاقة عضوية تركيا فيه، لا يمكن له أن يلعب دوراً نشطاً في حل مشكلات شمال إفريقيا وشرق المتوسط والشرق الأوسط، دون مساعدة تركيا. لأن الاستقرار في ليبيا وسوريا وشرق البحر المتوسط لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التعاون مع تركيا العضوة في الناتو، واتخاذ خطوات مشتركة معها تقود للنجاح في مكافحة الإرهاب ووقف تكرار أزمة اللاجئين التي حدثت عام 2015. وسيكون من المفيد للاتحاد الأوروبي مراجعة سياسته تجاه تركيا، وتوجيهها نحو تجديد التعاون المشترك وتوطيده.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.