قبل 500 عام.. العثمانيون عالجوا المرضى العقليين بالرسم والموسيقى

وكالة الأناضول للأنباء
أدرنة
نشر في 19.09.2016 00:00
آخر تحديث في 19.09.2016 15:25
قبل 500 عام.. العثمانيون عالجوا المرضى العقليين بالرسم والموسيقى

في وقت كان الغرب يعالج فيه المرضى العقليين بوسائل تعذيب ويعاملهم معاملة دونية، ابتكر الأطباء العثمانيون قبل أكثر من 500 عام علاج من يعانون من أزمات نفسية وعقلية بالموسيقى والعطور الطيبة والمعاملة الحسنة، الأمر الذي ينصح به الطب الحديث الآن، لما يضفي على المريض من مشاعر إيجابية.

فقد وعثر خبراء آثار أتراك على رسومات يتجاوز عمرها 500 عام نقشها مرضى عقليون، خلال أعمال ترميم مشفى الأمراض النفسية والعقلية أو كما يسميها الأتراك القدامى "دار الشفاء" في مجمَع السلطان العثماني بيازيد الثاني في مدينة أدرنة شمال غربي تركيا.

وتعكس الرسوم الموجودة على الأحجار والجدران المكتشفة حديثاً بالمشفى، أحلام ومشاعر المرضى في تلك الفترة حيث تشير إلى طيور متنوعة ذات ألوان خلابة كالطاووس، وحيوانات رشيقة كالغزلان، ومخلوقات أخرى، فضلًا عن أسوار قلاع، وزوارق بحرية مختلفة الأحجام.

"الأناضول" التقت مع "هاكان أقينجي" مدير المتحف الصحي بمجمَع بيازيد الثاني، حيث قال "الآلاف من السائحين المحليين والأجانب لا يغادرون مدينة أدرنة دون زيارة مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بالمجمع، ويشعرون بانبهار عندما يرون كيف استخدم العثمانيون الموسيقى والعطور قبل قرون عديدة كعلاج فعال في هذا المجال".

وتابع أقينجي، "في عام 2004 منح المجلس الأوروبي، المجمَع جائزة (المتاحف الأوروبية)، نظرًا للدور المهم الذي لعبه في تاريخ الطب في هذه الفترة"، مشيرًا أن الأطباء العثمانيين استخدموا الموسيقى كعلاج في وقت كانت أوروبا تعامل مرضاها العقليين بتعسف وقسوة".

وأضاف أقينجي، "كان المرضى بالمستشفى في هذه الفترة يخرجون في أوقات معينة إلى الحديقة للترويح عن أنفسهم واستنشاق هواء منعش، وأثناء ذلك حفروا أحلامهم وما بداخلهم من مشاعر على ما صادفوه من أجسام صلبة وجدران".

وعن أعمال الترميم بالمستشفى، قال مدير المتحف، "بذلنا قصارى جهدنا لحماية هذه الرسوم، واستخرجناها بدقة متناهية، لذلك حراس المتحف، لا يسمحون للزائرين سوى برؤيتها فقط دون مساسها بأيديهم".

وعن إقبال السائحين، أوضح أقينجي أن عدد زائري المتحف بالمجمَع يتجاوز في العام الواحد 240 ألف زائر، مشيرًا أنهم يهدفون إلى وصول هذا الرقم إلى 500 ألف سائح سنويًَا، لاسيما بعد إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) إدراج مجمُع السلطان بيازيد الثاني إلى قائمة التراث العالمي المؤقتة.

وتأسست "دار الشفاء" في مدينة أدرنة عام 1488 ميلادي في عهد السلطان بيازيد الثاني، وتعد أبرز مثال على الأهمية التي أولتها الأمبراطورية العثمانية عبر مئات السنين إلى مفهوم الدولة الاجتماعية حيث عالجت مرضاها عن طريق أصوات المياه وإسماعهم الموسيقى وتعطيرهم بروائح طيبة، ما أضفى عليهم الهدوء النفسي والطمأنينة.

وكانت المستشفى في تلك الفترة توفر خدمة علاج المرضى، فضلًا عن توزيعها أدوية مجانًا على أهالي المدينة يومين في كل أسبوع.