في "بعقلين".. أكبر مكتبة في لبنان من الزمن العثماني

وكالة الأناضول للأنباء
بعقلين
نشر في 13.10.2016 00:00
آخر تحديث في 13.10.2016 13:13
في بعقلين.. أكبر مكتبة في لبنان من الزمن العثماني

تحتضن بلدة "بعقلين" في قضاء الشوف التابع لمحافظة جبل لبنان (جنوب غرب العاصمة بيروت) أكبر مكتبة في كامل البلاد تضم 140 ألف كتاب ونحو 300 ألف مطبوع، تعود إلى الحقبة العثمانية، عندما كانت قصراً تم تشييده زمن السلطان عبد الحميد الثاني في 1897، ثم تحولت عبر السنين إلى محكمة ثم مركزاً للبلدية فسجناً، قبل أن يتم ترميمها وتحويلها إلى مكتبة بطلب من سكان البلدة.
وكغيرها من المدن والبلدات في لبنان، لا تزال "بعقلين" تحتضن العديد من الآثار العثمانية التي تحول بعضها إلى معالم ثقافية لا مثيل لها في لبنان، وبعضها الآخر يشتكي الحرمان من الترميم والاهتمام.


في بعقلين، التي تبعد عن العاصمة بيروت نحو 45 كيلومترا جنوباً، وترتفع عن سطح البحر حوالي 900 متر، لا تزال السراي العثمانية التي دشنت عام 1897 في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، تتوسط البلدة شاهدة على مراحل تاريخية عديدة من تاريخ لبنان الحديث، حيث بنيت لتكون مقراً للحكم، وتحولت في 1986 إلى مكتبة عامة بعد أن استعملت مدرسة ومقراً للمحكمة ومركزاً للبلدية.
يُستقبل زائر المكتبة، التي تعتبر أكبر وأغنى مكتبة عامة في كل لبنان، بالختم والشعار العثماني الذي ما زال يعلو مدخل المبنى، مرفقا ببيتين من الشعر باللغة العربية حول تاريخ بناء "السراي العثمانية"، ليدخل بعد ذلك الى الأروقة والأقسام التي وبالرغم من ترميمها وتجديدها، لا تزال تفوح منها عبق التاريخ الممزوج بـ"التراث اللبناني والعربي والإسلامي" الموجود في المكتبة.


وإلى جانب المكتبة، تحتضن بعقلين، "السبيل الحميدي" (نبع ماء)، الذي لايزال شامخا على إحدى التلال، جافا من المياه، محتاجا للكثير من الترميم والصيانة والاهتمام، تعلوه لوحة تؤكد أنه بُني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1308 للهجرة (نحو 1890 للميلاد).
وكحال السبيل الحميدي، تتربع مقبرة تاريخية تعود للحقبة الزمنية نفسها، على سفح التلة ذاتها التي تضم سبيل الماء.
أهالي البلدة، وفق فايز أبو غيضا، مدير مكتبة بعقلين الوطنية، والمهتم بالتاريخ والآثار، يحبذون إعادة ترميم هذه الآثار العثمانية "التي تؤكد قوة العلاقة الطيبة بين لبنان وتركيا اليوم".
وتحدث أبو غيضا، للأناضول عن المكتبة والآثار العثمانية الأخرى، مشيرا الى أن "المكتبة دشنت عام 1897 سراي (قصر) في بعقلين، أيام السلطان عبد الحميد الثاني تزامناً مع عدة سرايات مشابهة في مختلف المناطق (من لبنان)".

ولفت إلى أن "الأمير مصطفى أرسلان، هو الذي بنى سراي بعقلين، بتكليف من الإمبراطورية العثمانية، حيث كان يشغل منصف قائم مقام في ذلك الوقت".
وأوضح أبو غيضا أن "مبنى السراي استخدم عدة استخدامات بعد الحرب العالمية الثانية، من مدرسة إلى محكمة، ثم مركز للبلدية، و بعدها حول إلى سجن حتى 1982، تاريخ الاجتياح الإسرائيلي للبنان"، مشيرا إلى أنه "منذ ذلك التاريخ، فرغ المبنى حتى 1986، حيث قررت الدولة اللبنانية إعادة افتتاح السجن في المبنى، لكن الأهالي رفضوا ذلك".
وتابع أن "رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قام بناء لطلب الأهالي "بترميم المبنى وأسس المكتبة الوطنية في بعقلين، وقدمها للدولة، واستمر الحال كذلك حتى 1996، حيث قررت الحكومة إلحاق المكتبة بوزارة الثقافة مباشرة".


وأضاف أن "مكتبة بعقلين؛ أكبر مكتبة عامة وأغنى مكتبة في كل البلاد، حيث أنها تضم أكثر من 140 ألف كتاب، و300 ألف مطبوعة دورية من صحف ومجلات، إلى جانب المكننة الموجودة فيها".
ووصف أبو غيضا، المكتبة بأنها "حافظة التراث اللبناني والعربي والإسلامي"، مشيرا إلى أن شعار الدولة العثمانية "مازال موجودا في أعلى مدخل المكتبة، مرفق بأبيات شعرية باللغة العربية".
ولفت إلى أن "من أهم المعالم والآثار العثمانية التي مازالت موجودة في بعقلين، المقابر القديمة ونبع المياه (السبيل الحميدي)"، مشددا أن "أهالي البلدة والمعنيين فيها راغبون بالمحافظة على هذه الآثار وترميمها والاهتمام بها".
وتمنى أبو غيضا أن "تقوم الدولة التركية الحديثة بدور للمحافظة على هذه الآثار"، مضيفا أن "الدور مطلوب أيضا من الدولة اللبنانية"، وقال في هذا الصدد: "لو طلب لبنان مساعدة تركيا لترميم هذه الآثار فلا أعتقد أن تركيا ستقصر في المحافظة على تراث عربي وإسلامي وتركي وتاريخي".
ورأى أنه "عندما نحفظ التاريخ، وعندما تحاول تركيا ولبنان معا الحفاظ على الآثار الهامة جداً، فإن هذا سيحسن بطبيعة الحال العلاقة بين البلدين، خاصة وأن اللبنانيين يقضون غالبية أوقاتهم في مختلف المدن التركية"، مشيداً بـ"العلاقات الشعبية الطيبة الموجودة بين الشعبين اللبناني والتركي".