صناعة الكولونيا في تركيا.. ثقافة عريقة وروائح محلية مميزة

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 13.03.2020 16:13
من الأرشيف (من الأرشيف)

من المعروف أن استخدم الكولونيا المحتوية على نسبة 50% أو أكثر من الكحول هو إجراء وقائي ممتاز ضد انتشار الفيروسات والبكتيريا.

لكن معظم الذين زاروا تركيا أو أقاموا فيها لبعض الوقت يشهدوا على محبة الأتراك للكولونيا، التي تحمل الاسم ذاته باللغة التركية.

لا يمكن الخلط في تركيا بين العطور الفخمة التي يتم شراؤها من الأسواق الحرة أو المتاجر، والكولونيا التي هي حقاً كيان ثقافي مختلف يحمل رموزاً ودلالات تعبر عن كرم الضيافة والحبور الذي يشعر به الناس لدى استقبالهم أو توديعهم شخصاً أو حتى حدثاً مبهجاً أو مباركاً في بلادهم.

ويكمن الاختلاف الرئيسي بين العطور والكولونيا، التي تحظى بشعبية كبيرة في تركيا، في نسبة الزيوت العطرية إلى الكحول التي يمكن أن يصل الأخير فيها إلى 80%. وفي الواقع، يمكن أن يكون شغف الأتراك بالكولونيا هو الذي ضمن بقاء البلاد محصنة ضد أزمة الفيروس الأخير باعتبار أن استخدام هذا المنتج المنعش والمطهر لطالما كان تقليداً سائداً في عموم تركيا.

ومنذ الإمبراطورية العثمانية سادت الكولونيا في تركيا إبان حكم عبد الحميد الثاني. وتأصل وجودها واستمر في الثقافة التركية في حين يعود اسمها إلى مدينة كولونيا الألمانية. وبالرغم من أن الكولونيا تعد منتجاً من منتجات العناية الشخصية بسبب وجود المواد العطرية فيها، إلا أنها تمثل للأتراك أكثر من ذلك بكثير حيث استخدموها في العديد من المجالات عبر التاريخ كأحد عوامل التعقيم والتطهير وكمنتج طبي يمزج بنسب ضئيلة بمكعبات السكر حتى يساعد في الهضم. أما في الحياة اليومية، فيتم رشها على أيدي الضيوف عند دخول المنزل أو المطعم، أو بعد الانتهاء من تناول الطعام. كما يتم تقديمها للعملاء عند دخولهم المحلات التجارية وخاصة صالونات حلاقة الشعر. وحتى في الحافلات التي تسافر عبر مدن وولايات تركيا، يُقدم لكل شخص جالس رذاذ من الكولونيا المنعشة باستمرار ليمسح بها وجهه ويديه.

ومع شعبيتها الواسعة وارتفاع الطلب الحالي عليها، قد يكون من الصعب اختيار واحد من بين عدد كبير من العلامات التجارية وجلّها ذات سمعة طيبة. لذا يقدم هذا المقال دليلاً لمجموعة متنوعة من الكولونيا المتوفرة في تركيا.

كولونيا "أتيليه ريبول":

Atelier Rebul، إحدى أقدم العلامات التجارية للكولونيا التركية. بدأ إنتاج هذه الماركة مغترب فرنسي اسمه "جان سيزار ريبول" في صيدلية "فارماسي باريزيان"، التي افتتحها في حي "بايوغلو" في إسطنبول عام 1895. ولا تزال هذه العلامة التجارية واحدةً من أكثر أنواع الكولونيا شهرة في تركيا. وهناك العشرات من المتاجر التي تحمل اسم "أتيليه ريبول" في جميع أنحاء تركيا ولها أيضاً موقعاً على الإنترنت يمكن الشراء منه ضمن مجموعة واسعة من الكولونيا العطرية.

كولونيا "أيوب صبري تونجر":

Eyüp Sabri Tuncer، تأسست عام 1923 في أنقرة، وقامت هذه العلامة التجارية بإصدار كولونيا الليمون الأكثر شهرةً حتى اليوم. وفي أيامنا هذه، توجد علامة "أيوب صبري تونجر" التجارية في مئات المتاجر في جميع أنحاء تركيا ولديها مجموعة كولونيا رائعة تتضمن إلى جانب كولونيا الليمون روائح مثل "غابة المطر"، و"ليالي باريس"، و"ذكريات"، وهناك أيضاً مجموعة واسعة من الروائح التي ارتبط اسمها بمواقع محددة في إسطنبول مثل خزان بازيليكا والبازار الكبير وآيا صوفيا والبوسفور والسوق المصري وما إلى ذلك. ويضم موقع "أيوب صبري تونجاي" الإلكتروني ما يقرب من 700 منتج للعناية الشخصية المختلفة، بما في ذلك المناديل المعطرة والبخور في أصناف العطور، وهناك أيضاً منتجات نباتية تتضمن معاجين الأسنان.

كولونيا سيلين:

Selin، يُقال أن هذا الاسم هو أول علامة تجارية تنتج الكولونيا في التاريخ التركي، إذ دخلت سيلين السوق لأول مرة عام 1912 في إزمير باسم "قطرات الذهب"، التي صنعها كبير الصيادلة آنذاك "سليمان فريد". لتصبح بعد ذلك هدية مرموقة يحظى بها كل من يزور إزمير.

كولونيا "برجا":

Pereja، علامة تجارية أخرى تتحدث عن ماضي الكولونيا في تركيا، تم تصنيعها في مصنع ضخم كان له افتتاح مدوٍّ عندما تم تأسيسه في "بهجتشلي إيفلر" عام 1967 بحضور رئيس الوزراء في ذلك الوقت "سليمان ديميريل" ولا تزال الكولونيا المعطرة بالليمون واحدة من أكثر الرموز دلالة في تركيا منذ السبعينيات وما بعدها.

كولونيا "دورو":

Duru، تأسست عام 1927 في ولاية أرضروم، وهي علامة تجارية أخرى معروفة في تركيا صمدت أمام اختبار الزمن. تعمل اليوم من منشأة تبلغ مساحتها 350 ألف متر مربع في إسطنبول، وقد تفرعت في مجموعة متنوعة من منتجات العناية الشخصية والعلامات التجارية، بما في ذلك علامة "أركو Arko" التجارية. وتنتج 300 طن من الصابون كل عام بالإضافة إلى مجموعة متنوعة وعبوات ذات أحجام واسعة من الكولونيا التقليدية.

كولونيا "تاريش":

Tariş، وهي واحدة من أكثر العلامات التجارية شهرة لإنتاج زيت الزيتون في تركيا. ولديها أيضاً منتجات عناية شخصية مرموقة، تتضمن أكثر من ستة أصناف من الكولونيا بما في ذلك رائحة التين الأكثر ندرة، وزهر الزيتون ورائحة الشاي الأخضر.

كولونيا فاكو:

Vakko، المميزة بأناقتها في عالم الكولونيا، لأنها علامة تجارية مفضلة بتشكيلتها من الروائح المتنوعة مثل الغاردينيا والمسك وزهر الشاي والأطلس. تقدم هذه العلامة التجارية التركية كولونيا فاخرة بسعر مناسب وهي بالفعل من أكثر أنواع الكولونيا رقياً في البلاد خصوصاً إذا ما تم اختيارها كهدية.

في رحلة البحث عن الرائحة المفضلة:

من المؤكد أن جميع ما ورد ذكره من العلامات التجارية تشكل أكثر أسماء الكولونيا شهرةً وتوافراً على نطاق واسع، إلا أن هناك أيضاً عدداً كبيراً من المتاجر المنتشرة التي تبيع الكولونيا المصنعة من المنتجات المحلية التي تشتهر بها المناطق التركية. ويوجد في بودروم كولونيا المندرين، في حين تشتهر أنطاليا بتنوعها في أزهار البرتقال. وكولونيا التبغ من ولاية دوزجة هي عطر مفضل للكثيرين، بينما يفضل آخرون كولونيا التفاح المشهورة في أماسيا لكونها منعشةً للغاية. ومن ملاطيا تطل كولونيا المشمش، في حين تشتهر أيواليك بكولونيا أزهار الزيتون وأخرى معطرة بالشاي من ولاية ريزة.