دليل المسافر للتعرف على آداب وقواعد دخول الحمام التركي

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 17.11.2020 16:29
آخر تحديث في 17.11.2020 16:44
Shutterstock Photo (Shutterstock Photo)

يعتبر الحمام التركي شكلاً فريداً من أشكال حمامات البخار التي تمنح الجسم استرخاء وراحة وتجدداً ونشاط. وهو تقليد قديم للعناية بنظافة الجسم وصفاء الروح والفكر من تعقيدات الحياة اليومية وملوثاتها. ولكن استخدام الحمام التركي يتطلب قواعد معينة يجب التعرف عليها للاستمتاع بالتجربة المميزة وإعطائها حقها بكل التفاصيل.

بالنسبة للعديد من الأتراك، لا يوجد شيء أكثر بهجة واسترخاء وحنيناً إلى الماضي من الحمام التركي، الذي يزدهر موسمه خلال فصل الشتاء بما يقدمه من دفء وأجواء اجتماعية يندر وجودها في المقاهي أو المتنزهات. ومع ذلك، وكما هو الحال في كثير من التقاليد العثمانية، هناك عدد من العادات والآداب حول دخول الحمام التركي والتي قد تغيب عن بال الأجنبي أو الوافد الجديد. ويقدم هذا المقال دليلاً مفصلاً للحصول على تجربة "الحمام التركي" التي قد ترسخ في البال إلى مدى الحياة.

عمارة الحمامات التركية

يتكون الحمام التركي تقليدياً من غرفة بخار كبيرة على شكل دائرة مبنية من الرخام ولها أسقف عالية. يتم تسخينها بواسطة فرن بهواء ساخن يتدفق عبر قنوات تحت الأرض. ويحتوي وسط الغرفة الرئيسية على منصة دائرية مرتفعة تسمى "غوبيك تاشي" وتعني "الحجر البحري" والتي يستلقي عليها المستحمون للتعرض إلى حرارة مرتفعة كي تجرى لهم عملية التدليك والتقشير باستخدام قماش خشن يلبس باليد يسمى "كيس الحمام". ويوجد على الجدران المحيطة أحواض فردية، يشار إليها بالتركية باسم "kurna"، مع صنابير المياه الساخنة والباردة التي يمكن للمستحم أن يجلس بجوارها ويملأها بالماء عند درجة الحرارة المرغوبة مستخدماً أوعية معدنية أو نحاسية تسمى "tas" لصب الماء على الرأس والجسد.

ويوجد عند مدخل الحمام التركي، سلسلة من غرف تغيير الملابس التي تحتوي عادةً على منصة تشبه السرير للاستلقاء والاسترخاء. ويتم إعطاء الداخل إلى الحمام مفتاح غرفة تغيير الملابس الخاصة به، ويمكنه عادةً طلب مشروبات مثل الشاي أو الماء أو كما تملي التقاليد "الغازوز"، وهو مشروب غازي محلى.

القواعد الأساسية للحمام

لا يوجد وقت محدد في السنة لدخول الحمام التركي لكن فصل الشتاء البارد هو الموسم الافضل على الإطلاق للاستمتاع بحمام تركي ساخن. ومن الطبيعي أن تتغلغل حلاوة هذه التجربة إلى الروح قبل الجسد لما تمنحه من استرخاء وانتعاش وحيوية كذلك فإنها فرصة رائعة أيضاً للتخلص من السموم، بالرغم من أن الجزء الداخلي من الحمام ساخن ولا يطاق الجلوس فيه لساعات طويلة. ويمكن للمستحم قضاء ساعة أو ساعتين بعيداً عن النقطة المركزية التي تعد الأشد حرارة، وإذا زاد الشعور بالحرارة، يمكن أن يتم غمر الجسم ببعض الماء البارد من الحوض الشخصي. ومن المعروف تقليدياً أن الحمام التركي يستقبل الرجال والنساء، ولكن ليس في الوقت نفسه بالتأكيد. بل تخصص ساعات للرجال وأخرى للنساء من اليوم الواحد أو ربما تخصص أيام مختلفة للنساء والرجال على التوالي. ويكون جميع الحاضرين والعاملين الذين يقومون بالتدليك والدعك من نفس جنس المستحمين.

ماذا يرتدي المستحمون في الحمام التركي

خلافاً للسلوك السائد في الحمامات الخاصة، فإن مرتادي الحمامات التركية لا ينزعون كافة ملابسهم. بل يرتدي معظم الناس هناك ملابس داخلية أو ملابس سباحة، بينما يختار البعض تعرية منطقة الصدر فقط. ومع ذلك، يميل الجميع بعد الانتهاء من الاستحمام لوضع منشفة الـ"peştamal"، وهي منشفة استحمام تركية كلاسيكية تُستخدم للستر براحة دون قيود أو مشدات. وهي كذلك إحدى أجمل التذكارات التي يمكن شراؤها في تركيا لأنها مصنوعة من ألياف طبيعية بألوان مبهجة وهي مريحة للغاية. ومن إكسسوارات الاستحمام الأخرى التي قد يرغب السائح أو الأجنبي المقيم في تركيا في اقتنائها الكيس المقشر وإسفنجة الاستحمام التقليدية. كذلك تعتبر النعال المقاومة للماء شائعةً أيضاً ويتم إحضارها من قبل الزائر أو تقوم بعض الحمامات بتوفيرها ولكن بعد تفشي الجائحة يُنصح بشدة بإحضار كافة المستلزمات الخاصة كالشامبو والصابون والمنشفة للأغراض الصحية. ويوصى دائماً باستخدام الصابون الطبيعي المصنوع من زيت الزيتون.

ما هي الخدمات المقدمة في الحمام التركي

من أفضل الخدمات التي يجب الحصول عليها في تجربة الحمام التركي خدمة الفرك والتدليك من قبل طاقم ماهر. وقد لا يكون العامل معالج تدليك مرخص كما هو شائع في أكثر المنتجعات الصحية الدولية، ولكنه يتمتع بمهارة فريدة نتيجة لخبرته الطويلة في هذا المجال، وسوف ينتهي الأمر بشعور ليس له نظير من الراحة والنظافة والانتعاش. وتقدم معظم الحمامات في تركيا خدمات تجميلية تتعلق بالعناية بالجلد والبشرة وقد يلحق بالحمام صالون تصفيف الشعر للسيدات والرجال.

أما الخدمة الأكثر شعبية التي يتم تقديمها في الحمام فهي المقشر، والتي سميت على اسم القماش الكاشط المستخدم في هذه العملية، وهو مصنوع على شكل "كيس" صغير. ويُنصح قبل القيام بهذا الإجراء بقضاء 20 دقيقة تقريباً في جو مفعم بالحرارة ونقع الجسم بماء دافئ ضمن مدة زمنية تعادل الـ20 دقيقة أيضاً. بعد ذلك يمكن للعامل أن يستخدم يده بعد إدخالها في الكيس الكاشط أو أن يستخدم جهاز التنظيف في فرك الجلد الميت من كامل الجسم من خلال حركات متكررة تكشف عن لفائف داكنة من الجلد والأوساخ. وبعد سكب كميات كبيرة من الماء الساخن على الجلد الذي عادت له الحيوية سيكون المستحم قد حصل على تجربة رائعة من شأنها أن تشعره أنه أكثر نظافة وأخف وزناً مما كان عليه من قبل.

وبعد التقشير يأتي دور التدليك بالصابون، والذي يتم باستخدام إسفنجة وصابون طبيعي، حيث يقوم المدلك بفرك كل مكامن الجراثيم والأوساخ في الجسم بينما ينزلق المستحم قليلاً على الحجر الأوسط الساخن. وعادة ما تكون هذه المرحلة سريعة ومليئة بالرغوة وتختلف في حماستها عن التدليكات الاحترافية. ومع ذلك، فإنها لا تزال تعتبر مرحلة خاصة من الرفاهية والمتعة وتقدم بعض الحمامات أيضاً تدليكاً لفروة الرأس بالشامبو. وفي نهاية كل ذلك، يشعر المرء بلزوجة عضلاته وتتجدد بشرته في حمامات تقدم رفاهية خالصة لطالما صمدت أمام اختبار الزمن.

ولا بد من الإشارة أخيراً إلى أنه نظراً لتفشي الوباء، فقد ألزمت معظم الحمامات التركية ضيوفها بارتداء الأقنعة الوجهية في مناطق الانتظار. ولا يُسمح بدخول منطقة الاستحمام سوى للأشخاص داخل نفس المجموعة الواحدة. كما حددت بعض الحمامات مواعيداً لضمان عدم وجود أعداد كبيرة من الزوار. ويرتدي العاملون في الحمام سواء من الرجال والنساء الأقنعة الواقية طوال ساعات العمل.