اليونان تنتهك الحقوق الدينية للمسلمين بإبقاء المساجد مغلقة

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 15.03.2023 16:39
المسجد الكبير في ديار بكر المسجد الكبير في ديار بكر

المؤرخون والباحثون ينتقدون ممارسات اليونان بإغلاق المساجد التاريخية من العهد العثماني، ووصفوها بأنها خطوة تنتهك مبادئ المعاملة بالمثل في منح حرية الدين

وفي إشارة منه للتناقض بين الحرية الدينية في مدينة السياحة التركية الشهيرة والجزيرة اليونانية التي تقع على بعد أميال قليلة من تششمة Çeşme، قال صبري جان صنّاف، وهو أكاديمي من قسم التاريخ بجامعة تراقيا/تركيا: "يمكن للمجتمع المسيحي أداء الشعائر الدينية بحرية في كنائس تششمة التركية، ولكن لا يمكن للمسلمين أداء الصلاة في المساجد القديمة في خيوس اليونانية" مؤكداً رأي الخبراء أن اليونان فشلت في الالتزام بالمعاملة بالمثل في تأمين الحقوق الدينية للمجتمع المسلم، بينما تُظهر دول أخرى مثل تركيا احترامها لإرثها المسيحي.

وبالرغم من أن اليونان وتركيا بدتا وكأنهما تقاربتا قليلاً بعد زلزال 6 فبراير/شباط الذي ضرب جنوب تركيا واثار تعاطف جارتها الغربية، إلا أن حالة المساجد ذات التراث العثماني لا زالت نقطة خلاف بين البلدين. وانتقدت تركيا في الماضي أثينا لحرمان الأقليات المسلمة من حقوقها وترك المباني العثمانية بما في ذلك المساجد، في حالة سيئة.

وحول وضع المساجد التاريخية في الأراضي اليونانية قال صنّاف الإثنين إن مسجد مجيدية الذي تم تحويله إلى "المتحف البيزنطي" في خيوس عام 1912، فقد معالمه كمسجدٍ إلى حد كبير، وأضاف: "لقد خضع المسجد لعملية ترميم عدة مرات منذ ذلك الحين ما أدى إلى تحولٍ هائل في مظهره". ويستضيف المتحف الآن القطع الأثرية المسيحية وشواهد القبور الإسلامية واليهودية رغم أنه المبنى الوحيد المتبقي من العصر العثماني الذي ظل سليماً في خيوس.

وأوضح صنّاف: "تم إغلاق مسجد مجيدية في الوقت الذي كان فيه المسيحيون قادرون على أداء شعائرهم الدينية في كنيسة آيا هارالامبوس في تششمة بعد 100 عام". مشدداً على أن اليونان يجب أن تكون أكثر حساسية تجاه هذه القضية.

هذا وتُقدّر جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الحرية الدينية والمساواة، بغض النظر عن العقيدة. ومع أن تركيا ليست عضوة في الاتحاد الأوروبي مثل اليونان، لكنها لا تزال تحافظ على الحريات الدينية. وتواجه اليونان حالياً تساؤلاً هاماً هو لماذا لا يستطيع المسلمون الصلاة في مسجد مجيدية أو غيره من المساجد المغلقة، بينما يمكن للمجتمع المسيحي أن يصلي في الكنائس هنا في تركيا!

من جانبها قالت نوال قونوق الأستاذة المشاركة في الهندسة المعمارية من جامعة مرمرة، التي كتبت كتاباً عن العمارة العثمانية في الجزر اليونانية، إن 4 مساجد عثمانية صمدت أمام اختبار الزمن في خيوس، ولكن لا يخدم أي منها غرضها الأصلي. وأوضحت: "أحدها تحول إلى مستودعٍ ملحقٍ بمتجرٍ لإصلاح الأجهزة الكهربائية، ومجيدية صار متحفاً بينما يُستخدم الآخران لتخزين القطع الأثرية".

مضيفةً أن اليونان تتبع سياسة "تجاهل" المباني العثمانية التركية داخل حدودها. وقالت: "جميع المباني من العصر العثماني مسجلة رسمياً على أنها عمارة "إسلامية"، ولكنهم ببساطة يتجاهلون خلفية المسلمين الأتراك الثقافية، لأنهم بالتأكيد ليسوا مسلمين هنود أو باكستانيين أو عرب. وأشارت إلى أن السجلات اليونانية أظهرت 8.500 مبنى بنيت خلال الحكم العثماني، بينما تجاهلت اليونان ببساطة المباني العثمانية التي شُيدت في الفترة التي تلت الانتفاضة اليونانية عام 1821 ضد العثمانيين. وتقول قونوق إن أبحاثها أبرزت وجود حوالي 20 ألف مبنى في اليونان، بالرغم من سياسات الهدم المتعمدة وعوامل أخرى.

كما أشارت إلى أن سياسات اليونان تضمنت ترميماً "غير طبيعي" لمبانٍ من العصر العثماني بهدف "محو" آثار الغرض الأصلي الذي أنشأت تلك المباني من أجله. وأشارت إلى أن "بعضها تم ترميمه بطريقة تجعلها تشبه العمارة البيزنطية".

وأضافت قونوق أنه في خيوس، الجزيرة التي كان يحكمها العثمانيون من عام 1566 إلى عام 1912، من الغريب أن الجزيرة تضم مقبرة عثمانية واحدة فقط، في حين وضعت شواهد القبور التي تم جمعها من مقابر أخرى، بعد إزالتها عمداً بشكل عشوائي في مناطق مفتوحة.

وأوضحت أنهم أزالوا مآذن المساجد وشواهد القبور التي كانت في المباني العامة التاريخية، ويمكن للخبراء رؤية آثار معمارية تشير إلى أنها معلم من العصر العثماني، ولكنهم طمسوها بالجص لتغطيتها.