جولة في النسيج الحضري التاريخي لمدينة إسطنبول الموغل في القدم

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 10.08.2022 13:11
البواية الرئيسة لجامعة اسطنبول الأناضول البواية الرئيسة لجامعة اسطنبول (الأناضول)

تضم إسطنبول التي تعد مهد الحضارات على مدى آلاف السنين، العديد من المباني التاريخية التي يتراوح عمرها بين 200 و2000 عام والتي تقف شاهدةً على تاريخ هذه المدينة العظيمة الموغل في القدم.

ويثير جمال إسطنبول الساحر إعجاب كل من زارها، ففي هذه المدينة المزدحمة والمكتظة، يمكن للمرء أن يستريح بشكل لا يصدق وأن يشعر بالسلام في أعماق روحه. وأثناء التجول المملوء بالدهشة والفضول، يرى الزائر آثار التاريخ في كل خطوة، بل ويضيع في جوالمدينة السحري ويشعر وكأنه يسافر عبر الزمن.

ويكاد يجمع الكل على أنه ليس هناك ما يكفي من المفردات لوصف هذه المدينة، لذلك سيحاول هذا المقال تسليط الضوء على المباني القديمة الأهم التي تشكل النسيج التاريخي للمدينة العملاقة.

تقع إسطنبول عند تقاطع قارتي أوروبا وآسيا، ولها تاريخ حضري يبلغ 3000 عام، وتاريخ عاصمة يعود إلى 1600 عام، فقد استخدمت كعاصمة خلال الفترات الرومانية والبيزنطية والعثمانية.

واستضافت المدينة حضارات وثقافات مختلفة على مر العصور، وحافظت على هيكلها العالمي والحضري حيث عاش الناس من مختلف الأديان واللغات والأعراق معاً لعدة قرون، ما جعلها تتحول إلى فسيفساء فريدة من نوعها في التطور التاريخي.

وتعتبر منطقتي الفاتح وأمينونو الواقعتين في شبه الجزيرة التاريخية في إسطنبول رمزاً لجوهر المدينة منذ القرن الخامس عشر.

وتسبب النمو السريع للمدينة في القرن العشرين في هجرة كبيرة من الشرق إلى الغرب، ويبلغ عدد سكان المدينة الآن أكثر من 15 مليون نسمة.

وفيما يلي نظرة على بعض أقدم المباني في إسطنبول:

مستشفى "حيدر باشا نومونة"

وهو مستشفى تاريخي يقع في منطقة أوسكودار. افتتحه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني كمؤسسة تعليمية مبتكرة من حيث موقع البناء إذ كانت تحتل مدرسة غلاطة سراي الثانوية المكان عام 1839، قبل أن يتم نقلها إلى موقعها الحالي عام 1894.

واستمر المستشفى في العمل كمدرسة طبية عسكرية بين عامي 1903 و 1908، ومن 1908 إلى 1933 عمل تحت اسم كلية الطب في اسطنبول.

وتم نقله في عام 1936 إلى عهدة وزارة الصحة وبدأ في قبول المرضى.

مسجد العرب

يقع المسجد العربي في حي غلاطة في منطقة بيوغلو، ويتميز بقبته العالية ذات الشكل المربع مع مخروط مدبب بين الكتل الخرسانية.

ويعتقد أن هذا المسجد هو أول مكان سُمع فيه الأذان في إسطنبول.

مطعم "حجي عبد الله"

تم منح رخصة تشغيل مطعم حجي عبد الله Hacı Abdullah Restaurant، الذي افتتح تحت اسم "عبد الله أفندي" على رصيف كاراكوي عام 1888، من قبل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني نفسه.

وفي عام 1915 نقل المطعم إلى بيوغلو، وتم تغيير اسمه مرة أخرى عام 1940 واتخذ اسم "حجي صالح".

وفي عام 1958، انتقل المطعم إلى موقعه الحالي بالقرب من مسجد آغا، لكن اسمه تغير مرة أخرى عام 1983 ليعود مطعم "حجي عبد الله".

ويمثل المطعم باسمه التقليدي نقابة أو تجمعاً للحرفيين والتجار المسلمين كانت تسمى "Ahilik" والتي تكاد تُنسى اليوم.

كنيسة "آيا إيرين" Hagia Irene

وهي أكبر كنيسة بيزنطية لم يتم تحويلها إلى مسجد. وبحسب المصادر القديمة، فقد تم بناؤها في بداية القرن الرابع، في عهد قسطنطين الأول.

وخلال ثورة نيكا عام 532 حرقت الكنيسة بالكامل، لكن الإمبراطور جستنيان أعاد بناؤها. ثم تسببت الزلازل الشديدة في القرنين الثامن والتاسع في أضرار جسيمة للمبنى.

وبقيت "آيا إيرين"، التي وصفها البيزنطيون بالمصلى البطريركي، داخل أسوار السلطان المحيطة بقصر طوبكابي بعد فتح إسطنبول، لذلك لم يتم تحويلها إلى مسجد ولم تخضع لأي تغيير معماري كبير.

مكتبة "ولاية بايزيد" Beyazıt State Library

كان الاسم السابق لمكتبة ولاية بايزيد هو المكتبة العثمانية العامة. وهي مكتبة تخدم الباحثين منذ عام 1884 في مبنيين تاريخيين يطلان على ساحة بيازيد، بالقرب من مسجد بايزيد وبازار "الصحّافين" أي سوق الكتب.

واصل إسماعيل سايب سنجر، الذي تم تعيينه مديراً للمكتبة عام 1896، مهامه حتى عام 1939. وفي ذلك الوقت، بدأت المكتبة تُعرف باسم "مكتبة القطط" نظراً لإيوائها العديد من القطط في المكتبة لمحاربة غارات الفئران.

ويوجد أكثر من مليون مخطوطة ووثيقة في المكتبة، نصفها تقريباً على شكل كتب.

جامعة اسطنبول

تقع جامعة اسطنبول في الفاتح وهي أقدم جامعة حكومية في تركيا. تأسست عام 1453، وكان الاسم الأول لها جامعة التعليم العالي ومستشفى الفاتح.

ويدرس اليوم ما يقرب من 73.000 طالب في الجامعة كل عام.

وتم تصنيف جامعة إسطنبول ضمن أفضل 500 جامعة في العالم منذ عام 2006.

مبنى شقق فالبريدا Valpreda Apartment

وهو مبنى مكون من 7 طوابق ويضم 14 شقة تم بناؤه بواسطة "لافي كهربارجي" عام 1909. وهو واحد من أوائل الشقق التي تم بناؤها كمساكن في تاريخ إسطنبول. وبني على يد مهندسين ألمان يعملون في محطة "حيدر باشا" ليسكن فيه عمال الحجر الإيطاليون. وهو معروف اليوم باسم الشقق الإيطالية.

وتم بناؤه على طراز فن الآرت نوفو، الذي كان النمط السائد في تلك الفترة.

خط القطار الجبليFunicular

كان تسلق منحدر "يوكسك أليريم" وهو منحدر شديد الميل، للوصول إلى منطقة بيوغلو من كراكوي، متعباً للغاية بالنسبة للناس. ولإيجاد حل عملي، منح امتياز لإدارة السكك الحديدية عام 1869 لتحسين النقل الحضري في إسطنبول ببناء نفق لتسهيل النقل بين هاتين النقطتين.

وتم تشغيل النفق البالغ ارتفاعه 573 متراً، الذي بدأ بناؤه عام 1871، في 17 يناير/كانون الثاني 1875، بعد 3 سنوات من البناء. وخضع النفق، الذي أصبح كهربائياً عام 1910، لإصلاح شامل في عام 2007.

حمام آغا التركي Ağa Turkish Bath

وهو مبنى من 3 طوابق مقام على مساحة 650 متراً مربعاً.

وتم بناء الطابقين الأول والثاني كمنزل والطابق الأرضي كحمام.

أما تصميم الجزء الخارجي والجزء العلوي من الحمام والمسمى القبة، فكان مدروساً بعناية لتلقي ضوء الشمس من الشروق إلى الغروب. والقبة نصف كروية وتسمح فتحاتها الزجاجية المستديرة باستقبال الضوء في جميع ساعات النهار.

تأثر المبنى بالفترة الكلاسيكية التي ظهرت في نهاية القرن الخامس عشر. واتبعت العديد من المباني التي أنشأها السلطان العثماني محمد الثاني بعد فتح إسطنبول مباشرة هذا الاتجاه.

بقلم: NESLIHAN KOÇAK