عفرين وقضايا مصيرية على طاولة قمة سوتشي الثلاثية حول سوريا

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 17.11.2017 00:00
آخر تحديث في 21.11.2017 11:44
عفرين وقضايا مصيرية على طاولة قمة سوتشي الثلاثية حول سوريا

يعقد رؤساء الدول الضامنة لاتفاقيات أستانة الرامية إلى إنهاء العنف في سوريا والتمهيد للحل السياسي، قمة ثلاثية في مدينة سوتشي الروسية غداً الأربعاء، بهدف تقييم المسار العام، وأيضاً تحديد مرحلة ما بعد إنجاز مناطق خفض التصعيد، سواء على صعيد الخطوات الميدانية أو على صعيد الحل النهائي.

وتكتسب القمة التركية – الروسية – الإيرانية المرتقبة أهمية خاصة في ظل التطورات الأخيرة المتسارعة في سوريا، لا سيما ظهور مدينة عفرين كقضية رئيسية في الأجندة التركية، وبروز نقاط خلاف بين الدول الضامنة نفسها، وكذلك رغبة واشنطن في العودة إلى المشهد السوري، ومزاحمة مسار أستانة عبر بث الحياة في مسار جنيف للمفاوضات، إضافة إلى قرب إعلان نهاية الحرب على تنظيم "داعش".

ومن المتوقع أن تكون قمة سوتشي حاسمة فيما إذا كانت الدول الثلاثة ستتوجه إلى إطلاق مسار سياسي بعد النجاح النسبي في تخفيف العنف، أم ستجد آلية معينة للتكامل مع مسار عملية جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة.

والتقى وزراء خارجية الدول الثلاث نهاية الأسبوع الماضي في مدينة أنطاليا التركية تمهيداً للقمة، في خطوة تشير إلى أهميتها الاستثنائية واعتزام المشاركين فيها مناقشة قضايا جوهرية.

وفي ذات الإطار، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس النظام السوري بشار الأسد في مدينة سوتشي، مساء أمس الاثنين. وقال بيان صادر عن الكريملن إن بوتين قال خلال اللقاء إنه "يتعين الانتقال إلى العملية السياسية".

وهي الزيارة الثانية للأسد في عهد التدخل الروسي في سوريا، واتسمت بحضور قائدي الجيشين الروسي والسوري، ما يدلل على أهمية المباحثات التي جرت بين بوتين والأسد.

وتعد زيارة الأسد إلى روسيا والتي تستبق قمة سوتشي بيومين مؤشراً على جوهرية النتائج المتوقع صدورها عن القمة المرتقبة.

وأكد عدد من المسؤولين في الدول المشاركة في القمة إن محادثات سوتشي ستركز على الملف السوري، فيما أشارت تصريحاتهم إلى عدد من الموضوعات التي يتوقع أن تكون على أجندة القمة الثلاثية.

* اتفاق خفض التصعيد

ينظر إلى اتفاق مناطق خفض التصعيد على أنه الموضوع الأبرز الذي سيأخذ حيزاً واسعاً في أجندة المؤتمر، ويشمل تقييم الوضع الحالي لتطبيق الاتفاق، في ظل ما يشوبه من خروق مستمرة.

وصعد النظام السوري الأسبوع الماضي انتهاكه للاتفاق عبر استهدافه الأحياء السكنية والأسواق بغارات جوية أوقعت عشرات الضحايا من المدنيين، كما حصل في الأتارب في حلب والغوطة الشرقية بريف دمشق، إضافة إلى منع دخول المساعدات إلى بعض المناطق المشمولة بخفض التصعيد.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، في بيان أمس الخميس، إن القمة ستناقش الفعاليات التي ستجري في مناطق خفض التصعيد المتفق عليها خلال محادثات أستانة.

* قوات المراقبة

في نفس الإطار، من المتوقع أن تبحث القمة الخطوات الميدانية التالية استكمالاً لتطبيق اتفاق مناطق خفض التصعيد، وفي مقدمة هذه الخطوات مهام قوات المراقبة التابعة للدول الثلاث بعد انتشارها في المناطق المشمولة بالاتفاق.

ودخلت قوات من الجيش التركي إلى منطقة إدلب ومحيطها اعتباراً من 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقامت بتأسيس نقاط للمراقبة، لكنها لم تدخل في اشتباكات مع "هيئة تحرير الشام"، الفصيل المصنف على لوائح الإرهاب والذي تريد موسكو القضاء عليه على الفور، وهو ما يتوقع أن يكون محل بحث في القمة.

وفي سياق الوجود العسكري التركي في محافظة إدلب، برزت منطقة عفرين الواقعة شمال غرب حلب بمحاذاة الحدود التركية وتطهيرها من سيطرة تنظيم "ب ي د" الإرهابي كهدف إستراتيجي للسياسة التركية في المرحلة القادمة، وربطت أنقرة حضورها العسكري في إدلب مراراً بهدف منع إقامة ممرات للإرهابيين داخل سوريا على طول الحدود الجنوبية لتركيا.

ومن المتوقع أن يطرح الرئيس أردوغان قضية عفرين بقوة في سوتشي، بهدف انتزاع موافقة روسيا وإيران على عملية عسكرية تركية في هذه المنطقة.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب له بمدينة إسطنبول اليوم الجمعة، إن "عفرين السورية مهمة جداً بالنسبة إلى تركيا، وإننا بحاجة إلى تنظيفها من إرهابيي منظمة ب ي د".

* الوجود العسكري الأجنبي

ويكتسب موضوع قوات المراقبة أهمية إضافية قد تقود قمة سوتشي إلى إجراء مراجعة له، نظراً إلى الاعتراضات الإسرائيلية ومعها الغربية على وجود قوات إيرانية ومليشيات تابعة لإيران في جنوب سوريا قرب الحدود مع إسرائيل.

وفي هذا الصدد، أبرمت الولايات المتحدة وروسيا والأردن اتفاقاً جديداً السبت الماضي بشأن كيفية تطبيق خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية، وسط تقارير إسرائيلية عن تضمن الاتفاق الثلاثي الجديد تفاهمات سرية بشأن إبعاد القوات الإيرانية عن حدود إسرائيل، وهو ما نفاه مسؤولون روس في وقت لاحق.

ومن جهة أخرى، برزت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الداعية إلى سحب القوات الروسية والأمريكية من سوريا لإنجاح الحل السياسي، وهي نقطة ستكون حتماً محل بحث في القمة الثلاثية. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف عن هذه النقطة إن القمة الثنائية بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة "تناولت ما هو أعمق منها".

وتريد روسيا من قمة سوتشي اتخاذ موقف من وجود القوات الأمريكية في سوريا، لا سيما بعد ظهور التنافس الحاد بين قوات البلدين في معركة دير الزور وقرب القضاء على داعش، المبرر المعلن لوجود الجنود الأمريكيين بسوريا.

فقد أعلن النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، فلاديمير جباروف، أن القمة ستتناول، بالخصوص، تصرفات الولايات المتحدة في سوريا من أجل طرح "موقف موحد إزاء هذه المسألة".

* نقطة خلاف

وعلى صعيد نقاط الخلاف، من المتوقع أن تبحث القمة قضية "مؤتمر سوتشي للحوار الوطني في سوريا" الذي كانت موسكو قد اقترحته في الجولة الأخيرة من محادثات أستانة ودعت له جميع الفصائل والجماعات المقاتلة في سوريا بما فيها تنظيم "ب ي د" الإرهابي والمنظمات المنبثقة عنه. وهو ما تعترض عليه أنقرة بشدة.

ورفضت المعارضة السورية بغالبية أطيافها الدعوة الروسية لحضور المؤتمر، ما أدى إلى إعلان موسكو تأجيله، ومن المتوقع أن تبت قمة سوتشي الثلاثية في مصيره.

* تحديد المسار

في اللقاء الأخير الذي جمع بوتين بنظيره الأمريكي دونالد ترامب، اتفق الجانبان على أن حل الأزمة السورية ليس عسكرياً، كما اتفقا على أن "التسوية النهائية للأزمة في سوريا، يجب أن تكون في إطار عملية جنيف، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".

الاتفاق على أن تكون التسوية النهائية ضمن عملية جنيف يقتضي تراجع مسار أستانة وإضعافه، أو على الأقل إعادة الاعتبار من قبل أطراف عملية أستانة لمفاوضات جنيف، لا سيما في ظل دعوة السعودية أطراف المعارضة السورية إلى مؤتمر الرياض 2، الذي من المتوقع أن ينجح في ضم منصتي موسكو والقاهرة اللتين تحملان رؤية سياسية متقاربة مع روسيا بشأن الحل السياسي.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية أن قمة سوتشي المرتقبة ستتناول كيفية مساهمة الدول الثلاث الضامنة في محادثات جنيف الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، استناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.