رياضي تركي مصاب بداء السكري يلهم الملايين بمسيرة حياته

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 03.05.2019 12:51
غوركان أجيك كوز عداء الماراثون التركي المصاب بالسكري من الأرشيف "غوركان أجيك كوز" عداء الماراثون التركي المصاب بالسكري (من الأرشيف)

لا يتصدر الناس الملهمون بالعادة واجهة الأحداث كثيراً، ولكن عندما يفعلون، فإن لديهم القدرة على تغيير حياة أشخاص أكثر مما يتخيل المرء. إليكم "غوركان أجيك كوز"، عداء الماراثون المصاب بالسكري، والذي على وشك الشروع في أصعب تحدٍ له في حياته.

عندما تعطيك الحياة الليمون، لماذا لا تصنع عصير الليمون؟ هذا هو بالضبط ما فعله "غوركان أجيك كوز"، عداء الماراثون، وما زال يفعل. إن ما يجعل "أجيك كوز" مصدراً للإلهام، ونموذجاً للإرادة والشجاعة، ليس نجاحه المذهل في المسابقات الدولية فحسب، بل حقيقة أنه حقق كل هذا رغم كونه مصاباً بمرض السكري.

كان "أجيك كوز" في العشرين من عمره عندما تم تشخيص مرض السكري لديه من النوع الأول. مما يعني أن جسمه لا ينتج الأنسولين. تقوم أجسامنا عادةً بتحطيم الكربوهيدرات التي نتناولها وتحويلها إلى سكر في الدم، يستخدم في إنتاج الطاقة. الأنسولين هو هرمون يحتاجه الجسم لنقل الجلوكوز من مجرى الدم إلى خلايا الجسم. قد تظن أن هذا سيمنعه من متابعة أحلامه، لكنه لم يفعل. بعد أن تم تشخيصه، أصبح "أجيك كوز" عداء ماراثون مشهورا وحقق عدة أوسمة.

التحول إلى عداء ماراثون:

رغم أن "أجيك كوز" لم يكن رياضياً محترفاً قبل التشخيص، إلا أنه كان مهتماً دائماً بالرياضات مثل رياضة سباق السيارات وركوب الدراجات واللياقة البدنية. عندما أصبح مرض السكري جزء من حياته، قرر بدء الجري لمسافة 5 كيلومترات يومياً لمساعدته في السيطرة على مرضه.

وقال "أجيك كوز" أثناء الحديث مع ديلي صباح حول بداياته:

"عندما أركض أو أمارس الرياضة لفترات طويلة، ينخفض ​​معدل السكر في دمي بسهولة. ومع ذلك، فإن فكرة رفع حدود قدراتي الجسدية والجري لمسافات طويلة، قد أثارت انتباهي أيضاً. عندما اكتشفت أنه يتعين علي فحص نسبة السكر في دمي طوال الوقت، وأن أتناول الكربوهيدرات الضرورية من وقت لآخر فقط، صار هدفي أن أزيد مدة الجري وفي نهاية المطاف أن أشارك في سباقات الماراثون".

بعد تعلم كيفية التحكم في مرضه أثناء المشاركة في سباق الماراثون، قرر "أجيك كوز" الانضمام إلى سباق ماراثون "طريق ليسيان"- وهو ماراثون في مسار دولي متعدد الأيام يقع عبر منطقة ليسيان القديمة في جنوب غرب تركيا. وقد واصل رحلته وأصبح مصدر إلهام لكثيرين ممن يعانون من الأمراض المزمنة. كذلك أصبح "أجيك كوز" رياضياً لفريق سالومون للجري، الذي شكّل أحد نقاط التحول في حياته. وأضاف: "الآن، أجري مع الرياضيين الذين ألهمتهم ذات مرة. كان هذا شيئاً فوق أحلامي، إلا أنني مدينٌ بكل شيء لانضباطي وعملي الشاق".

كيف تصبح رياضياً مع داء السكري:

كمريض من النوع 1 من مرض السكري، يتعين على "أجيك كوز" حقن الأنسولين حتى أثناء الجري للتحكم في مستوى السكر في دمه. حول تلاؤمه مع التدريبات الرياضية قال "أجيك كوز": "عندما يتدرب مريض السكري، يصبح الأنسولين الذي حقنه أكثر فعالية. ووفقاً للخبراء، لا يوجد دواء فعال مثل التمرينات الرياضية. لقد اختبرت التأثير الإيجابي للتمارين لمدة ثلاثة عقود تقريباً. ومع ذلك، لا يتعين على الشخص أن يكون رياضياً محترفًا. إن نصف ساعة من التمارين على مدى يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع أكثر من كافية".

من الصعب على الرياضي أن يستعد لسباق الماراثون، إذ عليه أن يضبط كلاً من جسمه وعقله، ولكن بالنسبة لـ"أجيك كوز"، عليه أن يكون أكثر حذراً أثناء التحضير للجري عشرات الكيلومترات.

وقد تحدث"أجيك كوز"موضحاً: "أشارك في الماراثون متعدد المراحل، لذلك، يجب أن أستخدم طاقتي بأكثر الطرق كفاءة من خلال تنظيم غذائي وممارسة التمارين الرياضية. ولهذا، لدي خطة عمل صارمة للغاية. أعمل مع صديقي ومدربي أوتكور يشار، منذ بدأت في محاربة مرض السكري منذ فترة طويلة، لدي بعض الأفكار حول نظامي الغذائي، لكنني أقدر نصيحة أخصائيي التغذية".

"أجيك كوز" هو بالتأكيد مصدر إلهام للأشخاص الذين لا ينبغي أن يروا في أمراضهم عقبة تعيقهم. طوال حياته، تعلم كيفية السيطرة على مرضه والتعايش معه. لسوء الحظ، عندما بدأ في المشاركة في الماراثون لأول مرة، أدرك أنه لا توجد مؤسسات كافية للرياضيين المصابين بداء السكري. في العام الماضي، ساعد في تأسيس "فريق 1"، وهو فريق جري مكون من الرياضيين المصابين بداء السكري من النوع الأول، بمساعدة من جمعية السكري التركية.

ماذا بعد؟ التحدي القارّي:

إن ندرة المتسابقين المصابين بالسكري في سباق الماراثون، أشعلت فكرة في رأس "أجيك كوز" وهي إكمال سلسلة التحدي القاري كرياضي سكري.

سباق التحدي المسمى "كونتيننتال تشالينج"، والذي تنظمه قناة المغامر "أدفينجار"، عبارة عن مجموعة من خمسة سباقات ماراثون يتم إجراؤها في خمس قارات. اثنين من سباقات الماراثون تقام سنوياً، ويتم تنظيم ثلاثة سباقات ماراثون كل عامين لتحدي التحمل الأقصى للرياضيين. الحدث مفتوح لجميع الرياضيين من جميع أنحاء العالم. خلال السباق، تبدأ مرحلة جديدة من سباق الماراثون كل يوم، ويحمل الرياضيون حقائب ظهر فيها احتياجاتهم التي لا بد منها، في هذا الماراثون الصعب الطويل.

قال "أجيك كوز" إن هذا الحدث هو الماراثون الوحيد الذي لم يكن جزءاً منه بعد، لكنه قريباً سيتحدى جسده وعقله في أطول ماراثون مسافةً، والذي سيجري في أستراليا الملقبة بأرض الكنغر.

وعبر "أجيك كوز" عن مشاركته بهذا التحدي قائلاً: "مسار أستراليا سيكون أصعب وأطول من أي سباق ماراثون آخر أقوم به. هذا هو التحدي الأخير. لقد واجهت التحديات القارية الأربعة السابقة بسلاسة. وتمكنت من الفوز بمركز على المنصة. مع ذلك، أنا لا أتطلع إلى الجائزة. ما يهمني هو أن أتمكن من إكمال السباق بأكثر الطرق الممكنة صحةً". ينطلق السباق بين 15 و24 مايو، وسيحمل "أجيك كوز" زنة 6 كيلوغرامات على الأقل في حقيبة ظهره، بما في ذلك حقن الأنسولين. سيقضي الليل في خيمته في المعسكر، ويبدأ الجري في الطبيعة البرية لأستراليا في الصباح.

وختم "أجيك كوز" حديثه بالقول: "إذا سار كل شيء وفقًا للخطة، سأكون قادراً على تحقيق الحلم الذي راودني منذ أربع سنوات. خلال هذا التحدي، سنحت لي الفرصة لرؤية العجائب الطبيعية المذهلة وتكوين صداقات لا تُنسى. عندما تبدأ بالتعرف على أشخاص وثقافات جديدة، تفهم أن العالم أكبر مما نتخيل".