تركيا.. جامع أثري حيثما تولي وجهك

وكالة الأناضول للأنباء
بورصة
نشر في 06.10.2016 00:00
آخر تحديث في 06.10.2016 12:00
تركيا.. جامع أثري حيثما تولي وجهك

تحفل أرض الأناضول التركية بعدد كبير من الجوامع الأثرية المبنية في العهدين السلجوقي والعثماني، والتي استطاعت الصمود في وجه الزلازل والحروب التي شهدتها المنطقة، لتبقى بمثابة تذكار من الأجداد إلى الأحفاد (الشعب التركي) الذي يحافظ على إقامة الصلوات فيها، كما تعتبر مصدر جذب للزائرين من أنحاء العالم.

وتتميز هذه الجوامع بمعمارها المتميز وزخارفها الداخلية المتنوعة، وبالحكايات التي رافقت إنشاءها ومن أهم تلك الجوامع "أولو جامع" أو الجامع الكبير في بورصة الذي أمر السلطان بايزيد الأول ببنائه، وتم إنشاؤه ما بين 1396 حتى 1399 ميلادية ، ويتميز بقبابه العشرين، وبقبته الرئيسية التي تسمح بدخول ضوء النهار إلى داخل الجامع ومكان الوضوء الذي يوجد أسفلها، وهو أمر ينفرد به هذا الجامع على إصقاع التراب التركي، حيث توجد أماكن الوضوء في العادة في ساحة الجامع، وليس داخله.

وتزين جدران الجامع 200 لوحة خط عربي، ما يجعله بمثابة متحف للخط، كما يعرض به غطاء لباب الكعبة، كان ضمن "الأمانات المقدسة" التي نقلها العثمانيون من مصر إلى اسطنبول، وأهداه السلطان سليم الأول إلى الجامع. و مما يدعو للأسف فقد انهارت 18 قبة من قباب الجامع العشرين في زلزال عام 1855، كما احترقت القمم الخشبية لمآذنه في حريق اندلع عام 1889، إلا أنه تم ترميم تلك الأضرار، ليظل "أولو جامع" يفرض هيبته على مركز مدينة بورصة.

و الجامع الأثري الثاني الذي تفتخر بورصة بوجوده على أراضيها هو "يشيل جامع" أو الجامع الأخضر، الذي يقدم مثالا على العمارة في السنوات الأولى للحكم العثماني، وبدأ بناؤه عام 1415 ميلادية بأمر من السلطان محمد الأول، واستكمل بناؤه عام 1419 للميلاد في عهد السلطان مراد الثاني.و يتميز الجامع بطرازه المعماري، وبالخزف الملون الذي يزينه، وببوابته التي تقدم أحد أجمل النماذج لفن الحفر على الخشب التركي، وبالرخام المشغول الذي يزين واجهته الأمامية، ونوافذه، وأسقف بواباته، وتم ترميم الجامع بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، وألحق أضرارا كبيرة بمدينة بورصة عام 1855.

تحتضن مدينة أدرنة، في القسم الأوروبي من تركيا، جامع السليمية الذي يعد التحفة الفنية الأجمل والأفخم للمعماري العثماني الشهير سنان؛ وقد اكتسب الجامع المزيد من الشهرة العالمية، بعد أن أصبح عام 2011 أول جامع تضمه منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والفنون (اليونسكو) لقائمة التراث الثقافي. ويأخذ الجامع شكل قبة كبيرة مستندة على 8 عواميد، وتتخذ مآذنه شكل أقلام يبلغ ارتفاعها 85 مترا، وهي ثاني أعلى مآذن العالم ارتفاعا بعد مأذنة "قطب منار" في نيودلهي بالهند، ويخطف الجامع ألباب الزوار، بالخزف الملون الذي يزينه، ومنبره ذو الباب الرخامي.و يعد بناء الجامع ما يشبه المعجزة، بالنظر إلى تقنيات البناء التي كانت متوفرة في العصر الذي تم البناء فيه. وترمز القبة الوحيدة للجامع إلى وحدانية الله عز وجل، ومآذنه الأربعة إلى الخلفاء الراشدين، ونوافذه إلى أركان الإسلام الخمسة، ومقاعد الدرس الأربعة، إلى المذاهب الأربعة.

جامع آخر تتميز به مدينة أدرنة، هو جامع الشرفات الثلاث (أوتج شرفلي جامع)، والذي توجد في مأذنته الرئيسية ثلاث شرفات صممت بحيث يمكن لثلاثة أشخاص أن يصعدوا المأذنة في وقت واحد دون أن يروا بعضهم البعض. كما يتميز هذا الجامع الذي بدأ بناؤه عام 1437 ميلادية واستغرق اتمامه عشر سنين بأنه أول جامع عثماني يضم ساحة ذات أروقة.

وتضم مدينة صفران بولو شمال الأناضول بالقرب من البحر الأسود، التي أدرجها اليونسكو على قائمة التراث الثقافي، عددا من الجوامع الأثرية التي تلفت الأنظار، بينها جامع "كوبرولو محمد باشا"، الذي افتتح عام 1661، وتوجد في ساحته ساعة شمسية لا تزال تشير إلى الوقت الصحيح، وجامع عزت محمد باشا، الذي بناه عام 1796، ابن المدينة عزت محمد باشا الذي كان صدرا أعظما للسلطان العثماني سليم الثالث، ويتميز بمزج في عمارة الجامع بين الطرازين الغربي والتركي.

وفي مدينة بي شهير بولاية قونيا وسط الأناضول التركي ، يوجد أكبر جوامع الأناضول القائمة على أعمدة خشبية، وهو جامع "أشرف أوغلو" الذي بني في الفترة ما بين 1296-1299 للميلاد في عهد أشرف أوغلو سليمان بيه، ويتميز بالزوايا الهندسية لمعماره الخارجي، والنقوش الملونة داخل الجامع.ويقوم الجامع على 47 عمودا خشبيا، قطعت من أشجار السدر على الطرف الآخر من بحيرة بي شهير، حيث تركت الأشجار المقطوعة لستة أشهر في مياه البحيرة، ثم تم إدخالها الأفران، قبل استخدامها في البناء، وهو ما أكسبها صلابة كبيرة، جعلتها قادرة على الصمود على مدى القرون. وفي منتصف مبنى الجامع يوجد حوض يطلق عليه حوض الثلج، كان يملء بالثلوج التي تزال من على سطح الجامع لكي تلطف جو الجامع وتمنع تشقق العواميد الخشبية؛ ولم يعد هذا الحوض يملأ بالثلوج في أيامنا هذه بعد الاستعانة بأجهزة التكييف لتؤدي مهمته.