عمليات التجميل في تركيا وحقوق المرضى في حال نشوب نزاع قانوني

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 28.04.2021 14:35
Shutterstuck (Shutterstuck)

احتلت تركيا موقعاً متقدماً ومرموقاً بين دول العالم في مجالات الصحة والعلاج وخصوصاً فيما يتعلق بالجراحة الصنعية والتجميلية مثل زراعة الشعر وحشوات السيليكون وحقن البوتوكس وزراعة الأسنان وغيرها. ويقدم هذا المقال دليلاً للمرضى الذين يرغبون بإجراء هذا النوع من الجراحات لمعرفة حقوقهم القانونية قبل الإقدام على هذه المعالجة.

وبالعودة إلى التاريخ فإن الجراحة التجميلية حققت تقدماً كبيراً بدءاً من عام 3000 قبل الميلاد. وعرف عن قدماء المصريين أنهم كانوا يستخدمون علاجات لإصلاح جماليات الأنف المكسور. وفي عام 800 قبل الميلاد، استخدم الأطباء الهنود ترقيع الجلد كنوع من الجراحة الترميمية. وفي العصر الروماني، أجرى الأطباء جراحة تجميل الأذن وإزالة الندبات على نطاق واسع.

أما في التاريخ الحديث، فقد خضع البحار البريطاني "والتر يو" في القرن التاسع عشر لجراحة تجميلية متقدمة على شكل شريحة جلدية بعد أن أصيب بجروح خطيرة في وجهه في الحرب العالمية الأولى. واعتبرت هذه الجراحة بداية عصر الجراحة التجميلية الحديثة.

وقام الأطباء والجراحون في عهد الإمبراطورية العثمانية، بإجراء عمليات تصغير الثدي للرجال الذين يعانون من التثدي وكذلك أجروا عمليات جراحة الجفون المتدلية. وفي عهد الجمهورية الحديثة، أجرى الدكتور "خالد ضياء كونور ألب" أول جراحة تجميلية في تركيا في ولاية ديار بكر عام 1931 لإصلاح عيب حاد في الأنف. وعندما أسس الجمعية التركية لجراحي التجميل في الستينيات، بدأ هذا المجال الطبي في الازدهار والاتساع والنمو.

ومن أهم أسباب شهرة تركيا في مجال الجراحة التجميلية على مدار العقدين الماضيين، خاصة في عمليات زراعة الشعر و"تعديلات" الوجه وجراحة الأنف وغيرها، دقة ونجاح العلاج الطبي الذي يتلقاه المرضى ورخص الخدمات المقدمة مقارنة بالولايات المتحدة أو أوروبا.

ولكن ما الذي يدفع الناس للاهتمام أكثر بالعمليات التجميلية؟

إن التركيز المتزايد على "الحاجة إلى الظهور بشكل أفضل" أدى إلى ارتفاع كبير في عدد عمليات التجميل التي يتم إجراؤها ليس في تركيا فقط ولكن في جميع أنحاء العالم أيضاً. كما أن مستويات دخل الفرد بدأت بالتحسن مما جعل البعض قادرين على تخصيص المزيد من الأموال لاحتياجاتهم الشخصية وبالتالي زاد من الاهتمام بالجراحة التجميلية. إضافةً إلى الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام الفلاتر وتعديلات الصور وحتى الاجتماعات التي يتم عقدها على "زووم" والتي زادت كثافتها منذ العام الماضي بسبب الجائحة، جعلت الملايين من الناس يشعرون بالحاجة إلى تغيير شيء ما في مظهرهم، خاصة في هذه الأيام حيث أصبح الوصول إلى هذه الإجراءات أكثر سهولة من أي وقت مضى.

كما أنه من الخطأ أن نعزو هذا الارتفاع في الجراحة التجميلية بالكامل إلى عوامل خارجية، فهناك أيضاً عوامل داخلية تتعلق بالتشوهات الجسدية التي تقلل من جودة الحياة.

ويقول بعض الخبراء إن الجراحة التجميلية هي علاج روحي أكثر من كونها علاجاً جسدياً لأن المرء بعد الجراحة يستعيد ثقته بنفسه، ويكون أكثر رضىً عن حياته ويعيش باسترخاء أكبر.

معرفة القانون

في مقابلة صحفية مع صحيفة "ديلي صباح" تحدثت المحامية "علوان قاقجي شيمشيك" محاولةً الإجابة عن التساؤلات حول الجراحة التجميلية وقالت إنه من الخطأ إلقاء اللوم على الآخرين لمجرد رغبتهم في الظهور بشكل أفضل، ولكن لا بد قبل اتخاذ قرار يغير حياة الإنسان مثل إجراء الجراحة التجميلية، من معرفة الحقوق القانونية للمريض في حالة حدوث خطأ ما.

وبالرغم من التطورات الرئيسية المسجلة في التقنيات الجراحية في تركيا، لا تزال البلاد تفتقر إلى الإطار القانوني لحل النزاعات التي قد تنشأ. وبما أن مسؤولية جراحي التجميل لم يتم تنظيمها في القانون التركي مثل مسؤولية الأطباء الآخرين، فقد تمت معالجة هذه الفجوة إلى حد ما من خلال أحكامٍ في قانون الالتزامات، وفقاً للمحامية "شيمشك".

وأضافت: "من الواضح أن هناك حاجة لقوانين جديدة وخاصة في هذا المجال". مؤكدةً على أن استصدار قانون يتضمن لوائح بشأن مسؤولية الطبيب المتعلقة بسوء الممارسة أو الإهمال المهني، سيكون مفيداً للغاية من حيث وضع معيار في هذا المجال.

ما الفرق بين الخطأ الطبي والمضاعفات؟

في معرض إجابتها عن هذا السؤال تقول المحامية "شيمشك" إن التدخلات الجراحية للأغراض الجمالية هي تدخلات طبية تهدف إلى تصحيح العيوب الخلقية أو التي حدثت نتيجة لحادث، أو لجعل الشخص يبدو أكثر "جمالا" أو "مقبولا بمعايير المجتمع" بعيداً عن التشوه. ولكن لا بد من معرفة الفرق بين سوء الممارسة والمضاعفات.

يحدث سوء الممارسة الطبية عندما يتسبب مستشفى أو طبيب أو غيره من أخصائيي الرعاية الصحية، من خلال فعل إهمال أو تقصير في إصابة المريض، في حين يمكن تعريف المضاعفات بأنها نتيجة غير مُرضية لمرض أو حالة صحية أو علاج حدث بالرغم من كل الاحتياطات المتخذة.

لا يمكن للأطباء دائماً تحقيق نتيجة إيجابية أثناء التدخل الطبي، ولكنهم ملزمون بالوفاء بجميع الالتزامات المهنية أثناء العملية. لذلك وكقاعدة عامة، يتحمل الأطباء مسؤولية سوء الممارسة، ولا يتحملون مسؤولية المضاعفات التي تعتبر "خطراً مسموحاً به" وفقاً للقانون.

إذن ما هي حقوق المريض؟

تقول المحامية إن المسؤولية ضد الجراح تنشأ إذا ما انخرط في سلوك خاطئ مخالف للعقد، وأدى ذلك إلى أن يعاني المريض من ضرر وكانت العلاقة السببية بين السلوك والضرر واضحة ومثبتة.

فإذا كان المريض بعد الجراحة التجميلية، غير راضٍ عن النتيجة أو كان يعاني من مشاكل صحية ناجمة عن الجراحة، يمكنه المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية وغير المادية أو الأضرار الناجمة عن الوفاة أو الأذى الجسدي المؤقت أو الدائم.

أو الأضرار الناجمة عن التشخيص والعلاج الخاطئين، أو التمديد المفرط وغير الضروري للعلاج، أو الجراحة والعلاج غير الضروريين.

وهناك دعاوى ترفع للتعويض بسبب عدم الوفاء بالتزام إبلاغ المريض وبدء العلاج دون موافقة المريض وذويه وإجراء الجراحة. والتعويض عن خرق التزام السرية. والتعويض عن الأضرار المادية وغير المادية بسبب وفاة أو عجز المريض بسبب عدم قيام الطبيب بواجبه في الحالات التي تتطلب مساعدة طارئة. والتعويض عن تكاليف العلاج غير الضرورية والرسوم الزائدة.

ووفقاً للمادة 147/6 من قانون الالتزامات التركي، لدى المريض مدة 1 عام بعد أن يدرك حدوث ضرر جسدي له، وفترة 5 سنوات بعد إجراء الجراحة لرفع دعوى قضائية، لأن العمليات الجراحية لأغراض التجميل تخضع لبنود عقد العمل.