المواصلات العامة وتحد التباعد الاجتماعي في ساعات الذروة

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 03.06.2020 10:21
أحد مواقف المتروباص في اسطنبول DHA أحد مواقف المتروباص في اسطنبول (DHA)

بينما تخفف تركيا من قيود كوفيد-19، تواصل التمسك بإجراءات الوقاية منه مثل الحفاظ على مسافة التباعد الاجتماعي، وهو ما يمثل تحدٍ كبير مع تكدس الركاب في وسائل النقل الجماعية.

ترافق انحسار وباء الفيروس المستجد بترحيب المدن التركية يوم الاثنين برفع جميع أنواع القيود، من السفر بين المدن إلى استئناف الرحلات الجوية وإعادة فتح الأعمال. وبدأت الشوارع في جميع أنحاء البلاد تعج بالحياة وعادت وسائل النقل الجماعي إلى حالتها الاعتيادية المزدحمة. وبالرغم من مواصلة أغلب الناس ارتداء الأقنعة الواقية، إلا أن التباعد الاجتماعي لا يزال يمثل عقبة، حيث يجد الكثيرون صعوبة في التعود على "الوضع الطبيعي الجديد".

وفي إسطنبول التي تمثل العاصمة الاقتصادية للبلاد والمدينة الأكثر كثافة سكانية يزداد الوضع صعوبة حين يحتشد الركاب في الحافلات والقطارات والحافلات الصغيرة في ساعة الذروة. وبالرغم من أن تعليمات النقل الجماعي تقضي بقبول عدد معين من الركاب يسمح بتطبيق مسافة التباعد الاجتماعي، إلا أن الحافلات امتلأت بالركاب يومي الاثنين والثلاثاء كما كانت تمتلئ قبل الوباء.

ووفقاً للخبراء، فإن ارتداء الأقنعة والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي التي تتطلب الاحتفاظ بمسافة لا تقل عن 1.5 متر في جميع الأوقات، هي عوامل رئيسية في تقليل فرص الإصابة. ومع ذلك، فإن التنقل يبدو مستحيلاً عمليا لأولئك الذين يعيشون في المدن الكبرى. كما يواجه الركاب تحدٍ آخر يتمثل في نقص تكييف الهواء في الحافلات بسبب إغلاق وحدات التكييف. الأمر الذي يدفعهم إلى فتح النوافذ لتدوير الهواء، بالرغم من ارتفاع درجات الحرارة.

وفي اليوم الثاني من رفع القيود بدت العبّارات ومركبات الترام في اسطنبول أقل ازدحاماً نسبياً من المتروباص الذي يمثل العمود الفقري للنقل الجماعي في المدينة، والذي غصّ بالركاب كما كان قبل الوباء. وتجاهل ركابه إلى حد بعيد مسافة التباعد الاجتماعي مقابل الوصول إلى العمل في الوقت المناسب. كما ازدحمت الحركة المرورية أيضاً، خاصة في ساعات الذروة.

وفي حديثها لوكالة أناضول قالت "سلمى قارة بيه" أستاذة الصحة العامة": "إذا لم يكن لدى الشركات المساحة اللازمة أو المكاتب الكبيرة، فإن مطالبة كل موظف بالعودة إلى المكتب لن تكون سياسةً صحيحة، وسيعرض ذلك الإجراء الجميع للخطر في مكان العمل". مؤكدةً ضرورة أن تتبع الشركات نهجاً بطيئاً وثابتاً لتعود إلى وضعها الطبيعي، وتختار نظام التناوب وكذلك تسمح للموظفين بالعمل من المنزل.

وتعتبر المساحات المكتبية سبباً رئيسياً للقلق ليس فقط لخبراء الصحة ولكن للعاملين والموظفين أنفسهم، حيث تقع العديد من المكاتب في المباني الشاهقة التي تعتمد التهوية فيها على تكييف الهواء بدلاً من النوافذ المفتوحة. وفيما يتعلق بالتكيّف مع الوضع الطبيعي الجديد، قالت الأستاذة "قارة بيه" إن الناس قد سئموا بالفعل من الاحتياطات المستمرة ولكنها حذرت من أن المواطنين ليس لديهم خيار سوى مواجهة الواقع الجديد.

وقالت: "من الخطر أن نعيش كما لو أن شيئاً لم يحدث، ونعود إلى ما كانت عليه الحياة قبل تفشي المرض بدءاً من 1 يونيو. ستستغرق هذه العملية وقتاً".

وفي عواصم إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا، كان توقف الناس لتناول القهوة أو الكرواسان مع الآخرين جزءاً من روتين الصباح قبل تفشي الكورونا. لكن ذلك يجب أن يتغير الآن إذ تحاول السلطات معالجة الاعتبارات الاقتصادية دون أن تفقد أي مكاسب تم تحقيقها بصعوبة والتي يمثل التباعد الاجتماعي أهمها في السيطرة على انتشار الفيروس.

وشملت الحلول في ميلانو وضع ملصقات حمراء على الأرض لإبلاغ ركاب الحافلات بالأماكن المناسبة للوقوف. بينما خطط الهولنديون لوضع قطارات أطول وأكثر اتساعاً في الخدمة الداخلية وبين المدن مع زيادة أعدادها. أما برلين ففتحت المزيد من الممرات لراكبي الدراجات. وطلبت بريطانيا من ركاب الحافلات الدخول من الأبواب الوسطى أو الخلفية لحماية السائقين من مخاطر العدوى. كما خفضت ميلانو استيعاب المترو إلى 350.000 مسافر فقط في اليوم، مقارنة بـ 1.3 مليون في أيام العمل العادية.

وفي الولايات المتحدة، قال حاكم نيويورك إنه يتوقع أن يتمكن حوالي 400.000 شخص من سكان نيويورك من العودة إلى أماكن عملهم بدءاً من 8 يونيو، وبيّن أن هيئة النقل في المدينة تعمل على خطة لجعل نظام النقل الجماعي آمناً للركاب.

يذكر أن وزير الصحة التركي "فخر الدين قوجة" حثّ المواطنين على الاستمرار في اتخاذ التدابير اللازمة مثل نظافة اليدين، وارتداء الأقنعة والحفاظ على المسافة الاجتماعية. وكتب على تويتر "مقاييس أفضل ونتائج أفضل".

ويوم الاثنين، رفعت السلطات التركية المزيد من إجراءات الإغلاق واستؤنفت الرحلات الجوية والسفر بين المدن، في حين سُمح للمطاعم والمقاهي وصالات الألعاب الرياضية والحدائق والشواطئ والمتاحف ومراكز الرعاية النهارية والمكتبات، بفتح أبوابها بعد إغلاق دام قرابة شهرين.