ارتفاع الطلب وتراجع الإنتاج أشعل أسعار السيارات دون نهاية تلوح بالأفق

ديلي صباح
اسطنبول
نشر في 05.08.2020 16:12
آخر تحديث في 06.08.2020 01:44
ارتفاع الطلب وتراجع الإنتاج أشعل أسعار السيارات دون نهاية تلوح بالأفق

دفع الطلب المرتفع على السيارات الجديدة في تركيا مقابل تراجع عرضها، المواطنين للتفكير باقتناء السيارات المستعملة، مما أدى إلى زيادة غير منضبطة في أسعارها قد تستمر حتى نهاية العام على الأقل.

وقد أدى الحجر المنزلي العام وإجراءات الإغلاق في تركيا إلى اتجاه غير متوقع في أسعار السيارات حيث طُرحت أعداد أقل بكثير من المطلوب من مخزون السيارات الجديدة في السوق، وكانت النتيجة أن ارتفعت أسعار السيارات المستعملة بشكل غير منضبط ولا مسبوق.

وفي مقابلة أجرتها صحيفة ديلي صباح مع "حسام الدين يالجين" المدير العام لإدارة جمع وتحليل بيانات قطاع السيارات قال: "لسوء الحظ فإن أسعار السيارات المستعملة ستستمر في الارتفاع بسبب عدم دخول عدد كافٍ من السيارات الجديدة التي بمقدورها إعادة أسعار السيارات المستعملة إلى طبيعتها".

وكان الانخفاض الحاد والمفاجئ في النشاط الصناعي والتجاري وتوقف معظم عمليات الإنتاج بسبب الوباء، قد وجه ضربة قوية لسوق السيارات خاصة في شهري مارس وأبريل. ومع استمرار تدابير مكافحة انتشار الوباء وتثبيط ثقة المستهلك، تراجعت المبيعات في كافة أنحاء العالم لكن تركيا تمكنت من جعل تأثير الأزمة أقل حدةً من البلدان الأخرى.

وتشهد البلاد منذ البدء في رفع إجراءات الإغلاق مطلع مايو، ارتفاعاً كبيراً في الطلب على السيارات، زادت حملات القروض الرخيصة التي طرحها المقرضون العامون اعتباراً من يونيو من تفاقمه. كما تزايدت رغبة الناس في استخدام السيارات الخاصة بدلاً من وسائل النقل العام تجنباً للعدوى.

لكن المفاجأة وقعت عندما لم تتمكن شركات صناعة السيارات من توفير مركبات للبيع بسبب تدهور سلاسل التوريد التي تسببت فيها الأزمة ولأنها اضطرت إلى وقف الإنتاج خلال ذروة الوباء.

وأدت كل الأسباب السابقة إلى ارتفاع أسعار السيارات المستعملة بنسبة وصلت إلى 40% من قيمتها في الظروف العادية في غضون 5 أشهر فقط.

وقال "يالجين" لصحيفة ديلي صباح :"إن المعروض الكافي في سوق السيارات الجديدة هو أكبر عامل يحافظ على توازن أسعار السيارات المستعملة". "نتحدث هنا عن توقف توريد ما يقرب من 250 ألف سيارة، لم تتمكن من دخول السوق في الأشهر الأربعة الماضية بسبب الوباء". مشيراً إلى أن المواطنين الذين لم يتمكنوا من شراء سيارات جديدة بسبب عدم توافرها توجهوا إلى سوق السيارات المستعملة.

وأضاف:"لقد أدى هذا إلى طفرة كبيرة في الطلب نتج منها زيادة تقارب 40% في أسعار السيارات المستعملة خلال خمسة أشهر بدأت في مارس".

وأوضح "يالجين" الترابط بين سوق السيارات الجديدة والمستعملة بقوله:"إن سوق السيارات الجديدة وسوق السيارات المستعملة من الأسواق المترابطة. فسعر السيارة الجديدة هو أكبر محدد لسعر السيارة المستعملة. ونظراً إلى وجود نقص في السيارات الجديدة في السوق في الوقت الحالي، ونقص في الإنتاج والواردات، فهناك صعوبات كبيرة في توريد السيارات الجديدة.

ووفقاً لبيانات جمعية موزعي السيارات التركية، تم بيع حوالي 254.068 سيارة ركاب ومركبة تجارية خفيفة في البلاد منذ يناير حتى يونيو من هذا العام، بزيادة سنوية تصل إلى 30%.

وبالمقارنة، سجلت مبيعات السيارات الجديدة في الاتحاد الأوروبي انخفاضاً سنوياً بنسبة 38% في النصف الأول من العام، وتم تسجيل حوالي 4.28 ملايين سيارة جديدة في 27 دولة من دول الاتحاد منذ يناير حتى يونيو، بعد أن كان الرقم 6.9 ملايين سيارة في نفس الفترة من العام الماضي.

وأدى تخفيف إجراءات الإغلاق وحزم القروض منخفضة الفائدة من قبل بنك الزراعة الحكومي و"وقف بنك" و"هالك بنك" إلى تحفيز الطلب المحلي في تركيا، وتسبب بزيادة سنوية بنسبة 66% في المبيعات في يونيو. وتم بيع حوالي 70.973 سيارة ركاب ومركبة تجارية خفيفة في الشهر ذاته.

وقال "يالجين": "يمكننا القول إن مبيعات السيارات المستعملة بدأت في الارتفاع الهائل بالتزامن مع حملات القروض منخفضة الفائدة في بداية يونيو". ولفت إلى أن الطاقة الإنتاجية في المصانع، التي تعمل منذ منتصف شهر مايو وإن كانت منخفضة، ستستمر في الزيادة في أشهر الصيف.

وقال:"هذا يعني دخول متزايد وتوافر سيارات جديدة في السوق. وكلما زاد عدد السيارات الجديدة، انخفضت أسعار السيارات المستعملة وعادت إلى وضعها الطبيعي". لكنه شدد على أن أسعار السيارات المستعملة ستستمر في الارتفاع حتى نهاية العام على الأقل.

وكانت البنوك الحكومية الثلاثة قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها لن تصدر قروضاً لشراء السيارات من ست علامات تجارية، هي هوندا وهونداي وفيات وفورد ورينو وتويوتا، بسبب رفع أسعارها مؤخراً. وقال مسؤولو القطاع إن قرار استبعاد شركات صناعة السيارات من شأنه أن يدفع المشترين نحو السيارات المستعملة ويزيد الأسعار في السوق.

ومن ناحية أخرى، يشعر الكثير من الناس أن التنقل بوسائل النقل العام ليس خياراً آمناً ويفضلون اقتناء سيارات خاصة للنقل تمنع انتشار العدوى مع استمرار الجائحة العالمية.

وأوضح "يالجين" قائلاً:"لعل أهم ما أدخله الوباء على حياتنا كإجراء جديد هو أن الناس بدؤوا تجنب وسائل النقل العام وصاروا يفضلون المركبات الخاصة بسبب السلامة الصحية". وتوقع أن يتعافى الطلب على وسائل النقل العام فقط عندما يتم تطوير لقاح ضد كوفيد-19.

وأضاف أن عدم تمكن المواطنين الذين يبحثون عن السيارات المستعملة أو الجديدة من العثور على مبتغاهم بسبب الندرة ونقص العرض دفع بالأسعار إلى التحليق.

"لقد صار من الصعب شراء سيارة جديدة بسبب عدم وجودها. ومن ناحية أخرى، من الصعب أيضاً شراء سيارة مستعملة حيث ارتفعت أسعارها، التي تجاوزت في بعض الموديلات أسعار السيارات الجديدة وانعكس هذا سلباً على السوق بسبب الأسعار والطلب المرتفعين جداً، والذي كان مرتفعاً بالفعل وزاد بشكل أكبر، ولكن بدون عرض كافٍ".

وفقاً للبيانات، حافظت أسعار السيارات المستعملة على اتجاه تصاعدي في يوليو. وارتفع سعر السيارة التي بيعت في شهر حزيران مقابل 124.400 ليرة تركية إلى حوالي 133.100 ليرة تركية في تموز. بينما كان سعرها الطبيعي 101.300 ليرة تركية في يناير.

وقد أثر هذا الوضع الجديد من ناحية أخرى على قطاعي مركبات الأسطول وتأجير السيارات بشكل كبير كونهما يعتمدان على شراء أعداد كبيرة من المركبات الجديدة وبيعها في وقت لاحق، وهو اتجاه يزيد عادةً من العرض في سوق المركبات المستخدمة.

وأضاف "يالجين" أنه بما أن جميع السيارات التي خرجت من خطوط التجميع تم بيعها على الفور تقريباً وسط انخفاض الإنتاج والواردات ونقص المخزون، فقد أدى الوضع برمته إلى نشوء قطاع يعرف باسم "الانتهازيين".

وشدد على أن هؤلاء "الانتهازيين" "تمكنوا من تقديم وبيع بعض السيارات، التي اشتروها سابقاً بسعر أساسي، عن طريق طلب مبالغ إضافية تصل إلى 150.000 ليرة تركية".

ووفقاً لبيانات معهد الإحصاء التركي، تم بيع حوالي 7.6 ملايين سيارة مستخدمة عام 2019. ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم بحسب ممثلي القطاع إلى 8 ملايين هذا العام.

وقال "يالجين" أنه بالرغم من أن المبيعات لم تصل إلى المستويات المطلوبة في الأشهر الستة الأولى من هذا العام بسبب الوباء، لكنها يمكن أن تصل إلى 8.5 ملايين مركبة في الأشهر المتبقية من العام.

وأشار إلى أن "زيادة المعروض من المركبات الجديدة، والتوريد السلبي من شركات التأجير والمستهلكين القادرين على بيع السيارات المستعملة بسهولة، سيزيد من توافرها في السوق المستعملة، وستشهد المبيعات أعداداً أعلى بحلول نهاية هذا العام".