إرسال قوات برية إلى سوريا وإسقاط الأسد

نشر في 27.04.2016 00:00
آخر تحديث في 27.04.2016 17:23

لم يقم الغرب بمسؤولياته في اتخاذ ولو خطوة واحدة لإنهاء الأزمة السورية. في الوقت الذي يواصل فيه اللاعب الأكبر الجلوس على عرشه لمشاهدة مسلسل فشل الخطط العقيمة.

قام الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، خلال زيارته الأخيرة إلى لندن بلقاء تلفزيوني مع قناة البي بي سي؛ وبفضل هذا اللقاء، تعرفنا أخيراً على أفكاره حول مستقبل الحرب الأهلية في سوريا.

ففي البداية، أشار أوباما إلى أنه لم يبق له في فترته الرئاسية سوى تسعة أشهر، وإلى اعتقاده أنه لا يمكن القضاء على داعش خلال هذه الفترة. وأشار ببساطة إلى أن الأشهر القادمة قادرة فقط على تقليص البيئة التي يعمل التنظيم من خلالها.

اللافت أن جل القوى الكبرى في العالم تحارب داعش اليوم، لكنها في الوقت ذاته غير قادرة على هزيمته. كيف من الممكن لتحالف ضخم يضم نظام الأسد وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران وتركيا وغيرها من القوى المحلية، أن يعجز عن هزيمة تنظيم مسلح؟؟ إن كان العالم بأسره يقف في مواجهة التنظيم؟ فمن الذي يقف خلفه إذاً؟ مخلوقات فضائية؟!

في ضوء تصريحات أوباما، يمكن لنا أن نتوقع أن الولايات المتحدة لا ترغب في اجتثاث تنظيم داعش في الوقت الراهن. أي أن التنظيم لم ينهِ مهمته بعد.

فداعش فور ظهوره، بأفعاله التي اتبع فيها سياسة الإرهاب والتخويف، جلب الجيش الروسي لدخول الحرب في سوريا، ودفع بالولايات المتحدة لإرسال المزيد من قواتها إلى العراق، ودفع إيران والسعودية وتركيا بعيداً عن المعادلة السورية، وجعل من الأكراد لاعباً أساسياً في سوريا والعراق. ربما لا يزال لداعش دور ما لتلعبه، خاصة وأن القوى العظمى لم تتوصل بعد لآلية إنهاء الصراع في سوريا.

وقد قال أوباما في لقائه أنه من الخطأ إرسال قوات برية لإسقاط نظام الأسد. وقال إن الجهود العسكرية وحدها غير قادرة على حل مشكلات البلاد.

لو أن الولايات المتحدة أو غيرها من القوى الغربية كانت تنوي القيام بعملية عسكرية برية في سوريا لفعلت ذلك منذ وقت طويل، ولتجنبت الكثير من المجازر. ولكن كما هو الحال اليوم، لا أحد يتحدث عن القيام بتدخل، والولايات المتحدة تبدو مقرّة ببقاء الأسد في السلطة لبعض الوقت، ما لم يتوسط المجتمع الدولي لتحقيق انتقال في السلطة.

ومن اللافت أن أوباما أدلى بهذه التصريحات من بريطانيا. ربما أصرت الحكومة البريطانية على إجراء عملية برية في سوريا لتقييد السيطرة الروسية؛ عملية من خلال تحالف بين الدول المستعدة لخوض حرب برية، أو من خلال الناتو.

وفي حال إجراء عملية برية، فإن تركيا بلا شك ستلعب دوراً أساسياً. فقد يدخل الجيش التركي الأراضي السورية تحت رعاية حلف الناتو، أو يسمح لبعض قوات الناتو باستخدام أراضيه. في كلتا الحالتين، ستكون تركيا الدولة الأكثر عرضة للمخاطر والتهديدات. ومع ذلك، فإن الحديث عن دخول المعركة البرية يبقى أسهل من الحديث عن الخروح منها. فالقوات التركية في سوريا لن تكون مضطرة لمحاربة قوات نظام الأسد فقط، ولكن أيضاً ضد تنظيم "ب ي د" وجناحه العسكري "ي ب ك". وإن أضفنا داعش إلى القائمة، فإن المعادلة ستصبح أكثر تعقيداً، لأن داعش أيضاً يحارب ضد "ب ي د".

لكن يبدو أن القلق الأكبر الذي يخيم على أي عملية برية لإسقاط الأسد، هي ردة الفعل الروسية المحتومة.

لا نعلم إن كان الناتو سيدعم تركيا للدخول في أي حرب برية. إذ ربما تتوقع بريطانيا من تركيا مواجهة جميع المخاطر بما فيها الغضب الروسي. وربما طلبت من أوباما إقناع أنقرة للدخول في حرب برية، وربما كانت تصريحات أوباما عبر البي بي سي رداً على هذا الطلب. ولكن لا يمكننا البت في ذلك.

بالعودة إلى الوراء، عندما كانت الدول الغربية تناقش انضمام تركيا إلى حلف الناتو، كانت بريطانيا تملك خططاً أخرى لتركيا. ربما الخطط نفسها ما زالت مطروحة على الطاولة اليوم. الذاكرة التاريخية تفيدنا حتماً في فهم الحاضر.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.