العلاقات السعودية العراقية بعد زيارة مقتدى الصدر للرياض

من استقبال ولي العهد السعودي لمقتدى الصدر (رويترز)

استقبلت الرياض مؤخراً عدداً من الزعامات الشيعية العراقية في محاولة منها "لاختراق" نفوذ إيران والحد من هيمنتها على بغداد، ضمن إستراتيجية سعودية لإعادة العراق إلى محيطه العربي.

وفي هذا السياق، يقول خبير عراقي إن مصافحة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في إسطنبول الثلاثاء الماضي في الوقت الذي كان فيه الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر يزور المملكة السعودية، تحمل رسالة من الرياض لطهران مفادها أننا قادرون على النزول إلى ملعبكم الخلفي (العراق) ومواجهتكم هناك، كما أننا على استعداد لمد يد السلام شريطة أن تكفوا عن تدخلاتكم بالمنطقة .
واتفق الخبراء أن إستراتيجية السعودية في العراق يعوزها دعم خليجي وعربي لكي تحقق أهدافها، ودعوا السعودية والدول الخليجية والعربية إلى تشكيل تكتل سني عراقي قوي قادر على أن يكون له وجود في خريطة العملية السياسية.


وقد صافح الجبير ظريف على هامش اجتماع اللجنة التنفيذية الاستثنائي الموسع لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي حول المسجد الأقصى، في إسطنبول، يوم الثلاثاء الماضي؛ واللافت أن المصافحة بين رأسي الدبلوماسية في البلدين، جاءت غداة اتهام السعودية إيران بالمماطلة ورفض استكمال التحقيق في حادثة اقتحام سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد في يناير 2016، وبعد يومين من توجيه الجبير انتقادات حادة لإيران بمؤتمر صحفي بالمنامة، قال فيها "أي دولة تتعامل مع إيران ستكون النتيجة سلبية عليها، فالإيرانيون سبب الخراب والقتل والفساد والدمار فلا يوجد دولة تعاملت مع إيران وحققت الخير".

كما جاءت المصافحة في وقت كان يختتم فيها مقتدى الصدر زيارة للمملكة استمرت 3 أيام (30 يوليو/ تموز الماضي وحتى 1 أغسطس/ آب الجاري) في زيارة نادرة هي الأولى له منذ 2006، التقى خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ويتزعم الصدر التيار الصدري الذي يشغل 34 مقعدًا في البرلمان (من أصل 328) فضلًا عن فصيل جناح مسلح يحمل اسم "سرايا السلام" وهو واحد من فصائل الحشد الشعبي الشيعي الذي يقاتل إلى جانب القوات العراقية ضد تنظيم "داعش".
وجاءت زيارة الصدر بعد أسبوعين من زيارة وزير الداخلية العراقي قاسم محمد الأعرجي الذي ينتمي إلى فيلق بدر 17 يوليو/ تموز الماضي.

واستبق الزيارتين زيارة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى المملكة يومي 19 و 20 يونيو/ حزيران الماضي هي الأولى له منذ تسلمه مهام منصبه نهاية عام 2014، اتفق في أعقابها البلدان على تأسيس "مجلس تنسيقي" للارتقاء بعلاقاتهما إلى "المستوى الإستراتيجي".

وكانت العلاقة بين الرياض وبغداد شهدت توتراً خلال الفترة الماضية، بعد تقديم بغداد طلباً، في أغسطس/آب الماضي، إلى الرياض، لاستبدال السفير السعودي، ثامر السبهان، بعد اتهامها له بـ"التدخل في الشأن الداخلي العراقي".

وبعد عقود من التوتر، بدأت العلاقات في التحسن بشكل كبير، بعد زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، لبغداد، في 25 فبراير/ شباط الماضي، هي الأولى لمسؤول سعودي رفيع المستوى، منذ عام 1990.


** تحول بعد قمة الرياض:
الكاتب والمحلل السياسي العراقي إياد الدليمي اعتبر في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول أن "زيارة مسؤولين عراقيين شيعة أو قادة تيارات سياسية ودينية إلى السعودية ليست جديدة إذ سبق أن زار عمار الحكيم ومقتدى الصدر السعودية إبان فترة حكم الملك السعودي الراحل عبد الله، غير أن تلك الزيارات وقتها لم تتمكن من ترطيب الأجواء بين العراق الرسمي والسعودية ولا بين قادة تلك التيارات والرياض، رغم أن السعودية أعلنت إعادة افتتاح سفارتها في بغداد عام 2015 وتعيين السفير ثامر السبهان الذي سرعان ما بدأت عليه حملة واسعة النطاق من الساسة والعراقيين الشيعة أدت بعد وقت إلى تغييره."
وبين أن التحركات السعودية في الآونة الأخيرة باتجاه العراق جاءت تحديدا عقب القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض 21 مايو / أيار الماضي، والتي كانت على ما تبدو واضحة في دعم حكومة العراق برئاسة حيدر العبادي.

وأردف "واشنطن طلبت من الدول العربية الانفتاح على حكومة العبادي، وشاهدنا كيف أن بغداد وخلال فترة قصيرة من تلك القمة استقبلت العديد من الوزراء العرب، كما أن الرياض التي تمثل الثقل العربي والإسلامي، استقبلت حيدر العبادي في زيارة نادرة لرئيس وزراء عراقي الى الرياض الشهر الماضي، اعقب ذلك زيارة وزير الداخلية قاسم الأعرجي الذي ينتمي إلى فيلق بدر، ثم جاءت زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر واجتماعه مع الأمير محمد بن سلمان."
** الشيعة العرب وهيمنة إيران:
في السياق نفسه ذهب الكاتب اللبناني حازم صاغية في مقال نشره بجريدة الحياة تحت عنوان "بين شيعة العراق وإيران" إلى القول: "اليوم، هناك أربعة أقطاب من شيعة العراق لا يسرّهم نفوذ إيران الكاسح في بلدهم. وأغلب الظنّ أنّهم، وبغضّ النظر عمّا يقولون، لا يمانعون في نفوذ آخر يوازن النفوذ الإيرانيّ، متيحاً للوطنيّة العراقيّة أرضاً أوسع للمناورة."

وأوضح أن الأقطاب الأربعة هم :"حيدر العبادي، كرئيس حكومة، يعرف أنّ الدولة التي يقف على رأسها ستبقى بلا رأس في ظلّ هذا التضخّم الإيرانيّ. علي السيستاني، المرجع الشيعيّ الأعلى والأوّل، يعرف أنّ عمائم قم ستبقى قيداً على عمامته. مقتدى الصدر وعمّار الحكيم، ممثّلا العائلتين الأوثق صلة بـ «الشيعيّة العربيّة» في العراق، يعرفان أنّ قدرة الشيعيّة الإيرانيّة على القضم أقوى من أن يعوقها اعتداد العشائر الشيعيّة العربيّة بأصلها وفصلها."

واعتبر أن زيارة الصدر الرياض للمرّة الأولى منذ عقد ونيّف. تصب في هذا الاتجاه.
وهو الرأي نفسه الذي ذهب إليه الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد في مقال نشره بصحيفة "الشّرق الأوسط" تحت عنوان "مقتدى الصدر في الرياض "معتبرا زيارة الصدر للمملكة تؤكد "رفضه للهيمنة الإيرانية وإصراره على استقلالية القرار العراقي".

** شيعة السعودية:
لكن المحلل العراقي إياد الدليمي اعتبر أيضا أن استقبال المملكة لزعامات شيعية عراقية قد يكون له أهداف داخلية.

وبين أن "هناك أمرا تردد في أعقاب زيارة الصدر الأخيرة الى السعودية تتمثل في رغبة الرياض بأن يلعب الصدر دورا في تهدئة الاوضاع في القطيف والعوامية التي تشهد أحداثا أمنية متكررة، خاصة أن غالبية كبيرة من سكان تلك المناطق السعودية يقلدون السيد محمد صادق الصدر."
** عناق إسطنبول ورسائل لإيران:
"الرسالة الأبلغ من زيارة الصدر للسعودية هي لإيران التي اطمأنت بأنها باتت تتمتع بوصاية على العراق وقادرة على تحديد مستقبله. واستقبال رجل الدين الشيعي العراقي الذي عبر خلال السنوات الأخيرة عن رفضه لمثل هذا الوضع يعطي إشارة إلى طهران بأن من لا يتحالف معها لن يجد نفسه معزولاً".

ورأى المحلل العراقي إياد الدليمي أن رسائل الرياض لطهران ظهرت أيضا في مصافحة وزير الخارجية السعودية عادل الجبير لنظيره الإيراني في إسطنبول.

وقال الدليمي "أعتقد أن هذه المصافحة تحمل رسالة أخرى من طرف السعودية وهي أن الرياض على استعداد لمد اليد لطهران شريطة أن تكف إيران عن تدخلاتها في المنطقة وتحديدا في اليمن والعراق، وهي لها علاقة بما قامت به السعودية من دعوة زعامات عراقية شيعية الى الرياض."

وأردف: "السعودية أوصلت رسالتها إلى إيران.. نحن أيضا قادرون على ننزل إلى ملعبكم الخلفي، العراق، ويمكن أن يكون لنا تأثير".

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.