فنانة إيرانية تبدع في المزج بين الزخرفة العثمانية والإيرانية

(الأناضول)

تعكس فنانة الزخرفة الإيرانية والحرف اليدوية "زهرة معصومي" الانسجام بين الأنماط الإيرانية والعثمانية في روائعها التي تشارك فيها أفكارها حول الماضي والحاضر.

بدأت الفنانة "زهرة معصومي" البالغة من العمر 33 عاماً، مغامرتها في عالم الزخرفة منذ أكثر من 12 عاماً في العاصمة الإيرانية طهران. ونظراً لحماسها في مجال الحرف اليدوية، درست "معصومي" فن الرسوم التوضيحية المصغرة، مما زاد من اهتمامها بالفن وتعلقها به.

بعد ذلك، تخصصت بالفن الإسلامي في إيران، وركزت على فن الزخرفة والإضاءة. ثم قررت تعميق معرفتها ومهاراتها في هذا المجال فانتقلت إلى أنقرة للحصول على درجة الماجستير في تاريخ الفن عام 2013.

وفي إشارة منها إلى طبيعة زخرفة المخطوطات ذات الأنماط المختلفة والمنمنمات، قالت "معصومي": "لا تنفصل الزخرفة عن الخط العربي وعادة ما تنسجم معه، لأن هذين الفنين يكملان بعضهما البعض". وأضافت أن الخط جاء أولاً بسبب الحاجة إلى تدوين للقرآن الكريم: "انتشر القرآن الكريم بدايةً بصورة شفهية، وهكذا كان ينتقل من شخص إلى آخر، بعد ذلك برزت الحاجة لكتابته من أجل نقله إلى الأجيال الأخرى. وهذا مهد الطريق بدوره لظهور فن الزخرفة".

وذكرت الفنانة الإيرانية أن كتابة بعض نسخ القرآن الكريم تم بدعم من الحكام والسلاطين، مما وضع الأسس لإثراء فن الزخرفة والتذهيب. وقالت: "بينما ظهرت النسخ الأولى بزخارف وألوان بسيطة للغاية، تحول الفن في القرن الثالث عشر، إلى صنعة بديعة". وأكدت أن فن الزخرفة لم ينتشر في إيران أو الإمبراطورية العثمانية فقط، لكنه شاع أيضاً في الدول الإسلامية الأخرى، بما في ذلك مصر وإسبانيا.

وحول الأسلوب الخاص في التعبير والتوضيح لكل بلد، قالت "معصومي" إن فناني الزخرفة المحترفين، يمكنهم التمييز بوضوح بين الأنماط المختلفة لأعمال الزخرفة والفترات الزمنية المختلفة التي تعكسها تلك الأعمال وبلد منشئها الأصلي. وأضافت: "بعد انتقالي إلى تركيا، حاولت أن أجمع بين أنماط الزخارف العثمانية والإيرانية التي كنت على دراية بها. أنا لا أتبع الأسلوب العثماني أو الإيراني وحده. أحاول قدر الإمكان تقريب هذين الأسلوبين من بعضهما البعض والمضي قدما".

وأشارت الفنانة إلى محدودية نجاحها المتوقعة في حال قصرت نفسها على الأسلوب السائد في بلدها الأم، مضيفةً أن المجيء إلى تركيا، ولقاء أساتذة الحرف اليدوية وتحليل أعمالهم وحضور المعارض والمسابقات وكذلك تبادل الأفكار، كل ذلك كان له تأثير إيجابي على مهاراتها بالإضافة إلى النقد الأكاديمي البنّاء. وعلقت قائلةً: "تنتج تركيا المزيد من الأعمال الفنية بسبب وفرة الموارد".

وفي معرض حديثها عن ملامسة الفن للنفس، قالت: "أستطيع أن أقول إن الميزة الرئيسية لفني، هي أنني أعمل على أسلوب الزخرفة الكلاسيكية".

مشددة على أنها تتجنب استخدام الأسلوب الحديث عن قصد. وأكدت على اعتقادها بأن التخلي عن الأسلوب الكلاسيكي قد يضر بطبيعة الفن. وقالت: "برأيي أن هذا الفن كلما كان أكثر كلاسيكية، كلما تمكن من إظهار نفسه وجوهره بسهولة ووضوح". وأوضحت الفنانة أن المواد التي تستخدمها تتطور مع تقدم التكنولوجيا، الأمر الذي يزيد من دعم الحرفية وزيادة المهارة ومساعدة الفنانين على خلق فن أكثر جمالاً وصنعة.

وقالت معصومي إن أطول وقت أمضته في إنجاز عمل من أعمالها بلغ سبعة أشهر وهو وقت طويل نسبياً. لكنها بررت ذلك بقولها: "الفن شيء يمس روح الناس"، مشيرةً إلى الناس يقضون ساعات وساعات في البحث عن رسوم ولوحات مميزة.

واستعرضت الفنانة "معصومي" الفترات التاريخية الرئيسية التي مرت بها فنون الزخرفة، وهي فترة الإمبراطورية العثمانية، والفترة الصفوية في بلاد فارس. مشددةً على أن حرفيي كلتا الإمبراطوريتين اعتادوا تبادل خبراتهم والتأثير على بعضهم البعض أثناء العمل في القصور، وأن أنماط الزخارف العثمانية والإيرانية متشابهة تماماً، مع وجود اختلافات في التفاصيل فقط.

كما أشارت "معصومي" إلى أنها حضرت العديد من المسابقات الفنية، وأقامت معرضاً لأعمالها في إيران، وأنها تخطط لإقامة أول معرض لها في إسطنبول في يونيو المقبل، حيث تنوي عرض فن الطراز الكلاسيكي.

وأوضحت الفنانة أن المصادر الرئيسية لدخلها تأتي من الدورات التعليمية لأعمال الزخرفة والأشغال المصغرة التي تديرها منذ أكثر من أربع سنوات، بالإضافة إلى بيع أعمالها في معارض مختلفة، وتصميم نماذج حلي ومجوهرات لعملاء القطاع الخاص.

وحول الأنماط الرئيسية في فنها، قالت "معصومي" إن زخارف "هتاي" Hatai و"رومي" Rumi تشكل الأنماط الرئيسية في فنون الزخرفة. وأضافت: "تحتل المقتطفات البيئية مثل الطبيعة والزهور والنباتات مكانةً هامةً بين الأنماط".

وأوضحت أن زخارف "هتاي" تعكس في الغالب الطبيعة والزهور والأوراق، بينما تظهر زخارف "رومي" أنماط حيوانية منمقة. وأشارت إلى أن أنماط الزخرفة المتكاملة تظهر عندما يندمج هذان الشكلان معاً: "في حال ابتعادنا عن هذه الأنماط، فإننا نبتعد عن طبيعة هذا الفن، مما يعني أننا نتحرك بعيداً عن جوهره".

وقالت الفنانة الإيرانية إن المشاهدة الحية للروائع الفنية، تجعلها تؤثر على الناس بشدة: "نحن نرى اللوحة من بعيد عادةً، لكن الاقتراب منها ورؤية العمل بالعين المجردة يعزز خيالنا، ويمنحنا الشعور بأننا نعيش التاريخ".

كما تحدثت "معصومي" عن طرق تعزيز هذا الفن وحفظه حياً بقولها إن تعلم أساسيات هذا الفن يحتاج إلى تدريب المتعلمين الجدد لمدة سنة ونصف دون توقف على الأقل. مضيفةً أن التدريب لا يقتصر على رسم الأنماط الزخرفية فقط، بل يتطلب معرفة نظرية أيضاً. وقالت: "يحتاج الطلاب إلى رؤية الكثير من الأعمال القديمة، وإلى قراءة الكتب قراءة تحليلية".

وأشادت الفنانة بتركيا لا سيما إسطنبول، لاستضافتها ثقافات وشخصيات متنوعة من مختلف المدارس الحرفية. وعبرت عن إعجابها بدور تركيا في تحفيز حرفيي الخط التاريخي والأدب والعمارة. وقالت: "لم يبق الخط على الورق فقط، لقد استخدم في المباني والمساجد والمنشآت أيضاً، وكانت البيئة مواتية لذلك جداً".

وختمت "معصومي" حديثها بالقول إنها تحلم بنقل المعرفة إلى الطلاب الذين لديهم شغف لتعلم فن الزخرفة والرسم المصغر. وقالت "أريد أن يبقى هذا الفن على قيد الحياة"، مضيفةً أنها ترغب في إضافة مزيد من الأنماط الجديدة إلى هذا الفن الراقي والعريق.

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.