مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الروسية.. بوادر حرب باردة جديدة مع الغرب

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 17.03.2018 00:00
آخر تحديث في 17.03.2018 11:27
السلطات البريطانية تعزل عربة يشتبه بتلوثها بالغاز السام السلطات البريطانية تعزل عربة يشتبه بتلوثها بالغاز السام

تتوالى تداعيات قضية تسميم العميل الروسي المزدوج على الأرض البريطانية بشكل مثيرة مواجهات غير مسبوقة منذ الحرب الباردة، فبعد طرد بريطانيا دبلوماسيين روسيين وفرض الولايات المتحدة مزيدا من العقوبات على موسكو، أكدت هذه الأخيرة أنها ستطرد دبلوماسيين بريطانيين ردا على ذلك.

وقد اندلعت القضية قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الروسية التي يتوقع أن يفوز فيها فلاديمير بوتين بولاية رابعة تبقيه في السلطة حتى 2024.

ورد موسكو على لندن "مرتقب من لحظة الى اخرى" كما قال للصحافيين المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف مضيفا انه "سيتم التفكير مليا" بتدابير الرد و"ستكون منسجمة تماما مع مصالح بلادنا".

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الموجود في استانا عاصمة كازاخستان للمشاركة في اجتماع حول سوريا، اكد في وقت سابق ان موسكو ستطرد دبلوماسيين بريطانيين عملا "بمبدأ المعاملة بالمثل".

"أمر لا يغتفر":

كما اعتبر الكرملين الجمعة أن اتهام وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الرئيس بوتين شخصيا بالوقوف وراء تسميم عميل روسي مزدوج سابق في انكلترا "لا يغتفر".

وقال بيسكوف في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية ان ذكر بوتين في قضية سكريبال "لا يمكن الا ان يمثل صدمة وأمرا لا يغتفر في العرف الدبلوماسي".

وفي حديثه عن بوتين الجمعة، قال جونسون "نرجح بشكل كبير أن التوجيه باستخدام غاز الأعصاب في الشوارع البريطانية والأوروبية لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية كان قراره".

لكن بيسكوف أعاد التأكيد أن "لا علاقة لروسيا بهذه القضية على الإطلاق (...) على بريطانيا ان تقدم عاجلا ام آجلا أدلة دامغة (...) لم نر أي أدلة حتى الان".

التحقيقات من الجانبين:

واعلنت كل من موسكو ولندن فتح تحقيقات في قضايا على صلة بجواسيس او منفيين.

وقالت لجنة التحقيق الروسية الهيئة المستقلة المكلفة القضايا الكبرى وتخضع مباشرة للكرملين "فتح تحقيق في محاولة قتل المواطنة الروسية يوليا سكريبال (...) في سالزبري في المملكة المتحدة، في 16 آذار/مارس".

من جهتها أعلنت الشرطة البريطانية فتح تحقيق في قضية قتل بعد وفاة الروسي نيكولاي غلوشكوف الذي عثر عليه ميتا الاثنين في شقته في لندن.

وقالت شرطة لندن في بيان "فتح تحقيق في قضية قتل إثر نتائج عملية التشريح" وتكليف شرطة مكافحة الإرهاب القضية. وكانت الشرطة البريطانية ذكرت انها لا تملك "اي دليل على علاقة (موت غلوشكوف) بحادث سالزبري".

وكانت السلطات الروسية اعلنت الجمعة انها فتحت تحقيقا في "قتل" نيكولاي غلوشكوف الروسي الذي كان يقيم في بريطانيا والحليف السابق لرجل الاعمال الروسي الراحل بوريس بيريزوفسكي، وعثر عليه ميتا في ظروف لم تتضح في لندن.

واعلنت لجنة التحقيق في بيان منفصل بدء اجراءات في روسيا "تتعلق بمقتل مواطن الاتحاد الروسي نيكولاي غلوشكوف". وذكرت وسائل اعلام روسية ان جثة غلوشكوف تحمل آثار خنق.

وافاد مصدر اوروبي الجمعة انه تم ادراج قضية تسميم العميل المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال على الأراضي البريطانية على جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي المقررة في 22 و23 آذار/مارس في بروكسل.

وقال رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك الذي تباحث هاتفيا مع تيريزا ماي، ان الاتحاد الاوروبي ينوي خلال القمة توجيه "رسالة واضحة" واشاد توسك بحسب ما اورد متحدث باسم ماي "بالرد الحازم والمتناسق للمملكة المتحدة على الحادث".

وكانت لندن وبرلين وباريس وواشنطن نشرت بيانا مشتركا مؤكدة ان مسؤولية موسكو هي التفسير الوحيد "الممكن" لهذه القضية وطلبت من الكرملين تقديم معلومات حول برنامج "نوفيتشوك" الذي يشتبه بانه وراء تصنيع المادة التي استخدمت في التسميم.

وكشف عالم كيمياء روسي لاجىء في الولايات المتحدة يدعى فيل ميرزايانوف وجود غاز الأعصاب هذا ذي الفاعلية العالية، مؤكدا انه تم تطويره ابان الثمانينيات في روسيا التي تنفي من جهتها وجود هذا الغاز نفيا قاطعا وتقول انها دمرت كل مخزونها من الاسلحة الكيميائية تحت رقابة دولية.

فيما دعت رئيسة وزراء بريطانيا رسميا منظمة حظر الاسلحة الكيميائية للقدوم الى المملكة لأخذ عينة من المادة التي استخدمت في سالزبيري و"التثبت من تحليل الحكومة"، بحسب ما افادت اجهزة ماي.

صمت بوتين:

الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ دعا الجمعة روسيا الى "التعاون" في قضية سكريبال مؤكدا ان الحلف "لا يرغب في حرب باردة جديدة".

لكن اجواء المواجهة بين الشرق والغرب عززت باعلان واشنطن فرض عقوبات ضد روسيا ردا على تدخلها المفترض في الانتخابات الرئاسية الاميركية في 2016 وعلى عدة هجمات معلوماتية.

واستهدف العقوبات 19 شخصا وخمسة كيانات (بينهم جهاز الاستخبارات الداخلي وجهاز الاستخبارات العسكرية) بقرار تجميد الارصدة وبالحظر المفروض على الشركات الاميركية في التعامل معهم. واعلنت روسيا التي ترفض هذه الاتهامات، عزمها في اتخاذ "تدابير للرد" على واشنطن.

أما بوتين، فهو يلتزم الصمت حيال هذا التوتر ويواصل حملته مشاركا في حفلات دعم والتقاط صور مع شباب او داعيا الى المشاركة في عمليات الاقتراع.

الخبير الروسي الكسندر باونوف من مركز كارنيغي في موسكو قال: "لقضية سكريبال تأثير محدود على الحملة الانتخابية. لكن ثمة ناخبين يعتبرون ان لشعار +الموت للخونة+ معنى" خصوصا في صفوف ناخبي بوتين.

واضاف ان بوتين "يلزم صمتا غامضا ما يسمح له بتسجيل نقاط بين الناخبين ذوي "التوجه الستاليني الذين قد يميلون الى التصويت لخصمه الشيوعي خلال الاقتراع".