خارطة الطريق الجديدة في سوريا

اسطنبول
نشر في 26.12.2018 00:00
آخر تحديث في 26.12.2018 12:15

على تركيا وإدارة ترامب أن تعملا معا وبنشاط مكثف، لتخطيط انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وعليهما توخي الحذر لضمان أن القيادة المركزية الأمريكية لن تعرقل العملية، مع أن تعهد ترامب بمغادرة سوريا ببطء وبالتنسيق مع تركيا يعدعلامة جيدة.

لعل الحكومات الغربية لم تتعافَ بعد من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا. فالصحافة الأمريكية لا تكف عن الادعاء بأن داعش ستعود إلى سيطرتها وأن تركيا ستقوم بقتل الأكراد السوريين. كذلك تبدو الصحافة الأوروبية منسجمة مع الأفكار ذاتها، في حين اتهم آخرون ترامب بالاستسلام للرئيس رجب طيب أردوغان.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يخف إحباطه من قرار واشنطن بالانسحاب أيضاً.

وقال ماكرون "على الحليف أن يكون جديرا بالاعتماد عليه، أناشد الجميع... ألا ينسوا ما ندين به للقوات الديمقراطية السورية، التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب التابعة لحزب العمال الكردستاني".

لكن ورغم من تعهد فرنسا بالحفاظ على وجود عسكري في شمال سوريا، إلا أن دعمها لميليشيا ي ب ك لن يطول كثيرا وسوف تتصالح باريس مع قرار ترامب عندما تدرك أن الولايات المتحدة لا تريد تقويض علاقتها بتركيا.

في الواقع، تبدو المخاوف الغربية بشأن تباطؤ حملة مكافحة داعش مبالغ فيها بشدة. لأن واشنطن وأنقرة ملتزمتان بالتعاون بشكل وثيق ضد تهديد داعش. وقد شدد كلا من الرئيسين أردوغان وترامب في تصريحاتهما الأخيرة على التزام تركيا بجهود مكافحة الإرهاب. لذلك فإن الحكومة الفرنسية ستأتي وتعمل مع تركيا إن عاجلاً أو آجلاً.

لقد مكن قرار ترامب تركيا من مضاعفة جهودها لمكافحة الإرهاب في المنطقة. كما أعطى الانسحاب الأمريكي فرصة للأتراك لمنع إقامة دويلة إرهابية على حدودهم الجنوبية. فمن الآن وصاعدًا، لن يكون للـ ي ب ك/ب ك ك أي مقعد على طاولة المفاوضات في جنيف بغض النظر عن من يختار العمل معهم.

ولتقييم الوضع الناشئ في سوريا، ستحتاج أنقرة إلى خريطة طريق شاملة. وقد يتوجب عليها فعل التالي:

على تركيا وإدارة ترامب العمل معا وبنشاط مكثف، لتخطيط انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وعليهما توخي الحذر لضمان أن القيادة المركزية الأمريكية لن تعرقل العملية، مع أن تعهد ترامب بمغادرة سوريا ببطء وبالتنسيق مع تركيا يعد علامة جيدة.

ويجب أن يكون بينهما جهد منسق مشترك لمحاربة داعش بشكل فوري. كما يجب على تركيا والولايات المتحدة أن تأخذا في الاعتبار المخاوف الأوروبية بشأن عودة إرهاب داعش، نظرا إلى أن تنظيم ي ب ك يهدد بإطلاق سراح إرهابيي داعش من حجزهم.

ويتعين أيضا على الولايات المتحدة تسليم قواعدها العسكرية والبنية التحتية اللوجستية في شمال وشمال شرق سوريا إلى تركيا التي تعد حليفتها في الناتو.

كذلك يجب على تركيا التأكيد على أنها ستقوم بعمليات عسكرية في منبج وشرق نهر الفرات دون التسبب في سقوط ضحايا من المدنيين، وقد سبق لها تحقيق ذلك في عمليات درع الفرات وغصن الزيتون.

ومن المفترض أن يعكس مدى التحرك العسكري وتوقيته قدرات الجيش التركي والجيش السوري الحر. ويتحتم على المخططين العسكريين ألا يذهبوا أكثر من اللازم في تنويع مصادرالاستخبارات، وعليهم أن يفكروا في الهجمات الإرهابية المحتملة من قبل داعش وي ب ك.

وبما أن ميليشيا ي ب ك هي بالذات الخصم المستهدف، فقد يكون من الممكن تحويل ما يعرف باسم "القوات السورية الديمقراطية" إلى حليف بعد طرد مقاتلي تلك الوحدات منها. وحتى القبائل العربية المحلية والمقاتلين الأكراد من غير الـ ي ب ك يمكنها أن تقدم مساهمات قيمة لعمليات مكافحة الإرهاب.

كما لا بد لتركيا والولايات المتحدة من إيجاد طرق لمنع نظام بشار الأسد من حماية مقاتلي ي ب ك على الأرض.

من المهم التأكيد على أن حملة التطهير العرقي التي يقوم بها ي ب ك في المناطق تحت سيطرته هي أحد أسباب الهجرة غير الشرعية وتبرز بوضوح أن علاقة الوئام بين أوروبا وذلك التنظيم لا تسهم في إيجاد حل دائم للأزمة السورية.

يجب على الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، أن تصبح جزءًا من عملية الانتقال السياسي التي لا يمكن أن تتم دون تركيا.

فأزمة اللاجئين وحدها تتطلب من الاتحاد الأوروبي أن يلعب أدوراً دبلوماسية أكثر تأثيرا. ومن شأن هذا النهج أن يؤكد على دور تركيا كلاعب رئيسي يعمل في الوقت ذاته مع الغرب وروسيا وإيران.

ويجب على تركيا اتخاذ الخطوات اللازمة لاستخدام تعاونها الوثيق مع إدارة ترامب في سوريا، لنقل العلاقات الثنائية بينهما إلى المستوى الأعلى فالأعلى.

و أخيرا وفي المحادثات الدبلوماسية مع روسيا وإيران، يجب على تركيا أن تؤكد دائما أن القضاء على مقاتلي ي ب ك وعودة اللاجئين أمر حاسم في خلق سوريا جديدة.

ستلعب تركيا بدون أدنى شك دورا هاما في إعادة إعمار سوريا، ذلك البلد الجار الذي مزقته الحرب.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.