انتهت اللعبة بالنسبة إلى "ي ب ك" في سوريا

إسطنبول
نشر في 31.12.2018 00:00
آخر تحديث في 31.12.2018 22:50

فرع "بي كا كا" لا يملك خياراً سوى تسليم منبج والأراضي الأخرى التي يحتلها لنظام الأسد، إلى الحد الذي سيسمح به الأتراك. وإذا ما هدد مسلحو "ي ب ك" تركيا من داخل تلك المناطق، فإن الأتراك سوف يردون بعمليات جديدة لمحاربة الإرهاب.

إن المفاوضات بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية ستحدد مستقبل الإرهابيين السوريين، الذين قررت إدارة ترامب التخلي عنها. أما إيران وفرنسا ونظام الأسد، فسيلعبون دوراً ثانوياً في هذه العملية.

أخيراً، ها هو تنظيم "ي ب ك" الذراع السورية لمنظمة "بي كا كا"، يحاول جاهداً أن ينقذ نفسه من تجرع مرارة طرده بصورة دائمة من مناطق سيطرته.

وبالإضافة إلى فرنسا والاتحاد الأوروبي، باتت المنظمة تتوسل إلى روسيا ونظام الأسد طلباً للمساعدة. وكما حدث في عفرين، يحاول مسلحو "ي ب ك" إشعال صراع بين تركيا وقوات النظام في منبج، وعلى الرغم من مسارعة النظام إلى إعلان إرساله وحدات عسكرية إلى المنطقة، فإن الأتراك نفوا هذا الادعاء واتهموا دمشق بممارسة حرب نفسية. وزار السبت موسكو وفد تركي لعقد محادثات بشأن السيطرة على منبج.

إن قرار إدارة ترامب الانسحاب من سوريا يضر بذراع "بي كا كا" السورية أكثر من أي طرف آخر. وباعتبار أنه جرى تأسيسها بأوامر من مؤسس "بي كا كا" عبد الله أوجلان، فإن المنظمة كانت تحلم بإنشاء كردستان السورية على شكل كانتونات متخيلة على طول الحدود التركية. وبعبارة أخرى، فقد كانوا يسعون إلى منطقة حكم ذاتي محمية بمقاتلين مسلحين. وكما هو حال حكومة إقليم كردستان في العراق، كان فرع "بي كا كا" في سوريا يبحث عن الاعتراف. ولتحقيق هذا الهدف، فقد ضموا قواتهم إلى كل من يمكن أن يقدم لهم الخدمات، مثل نظام الأسد، وروسيا وإيران وفرنسا والولايات المتحدة.

لقد كانوا يأملون ركوب موجة حملة مكافحة داعش وشحنات الأسلحة والذخائر الأمريكية التي لا يبدو أنها كانت ستنتهي. في مرحلة ما، كانت المنظمة على وشك الانضمام إلى عملية جنيف بدعم روسيا وأمريكي، الأمر الذي لم يوقفه سوى إصرار تركيا على معارضة الأمر.

ومن خلال مشاركتهم في تأسيس مسار آستانة بجانب روسيا وإيران، فقد أطلق الأتراك مساراً للقضاء على مقاتلي "بي كا كا/ ي ب ك" شمالي سوريا، من خلال تنفيذ عملية عسكرية ضد الإرهابيين في عفرين. وكانت تركيا قد طلبت مراراً من الولايات المتحدة وقف عمليها مع فرع "بي كا كا" السوري. وعلى الرغم من العلاقات المتوترة بشدة بين أنقرة وواشنطن على مدى العامين الماضيين، فإن صبر تركيا وعزمها آتيا ثمارهما. وبابتعاد الولايات المتحدة عن طريقها، ستنهي أنقرة عملها وتدحر مسلحي "ي ب ك" من شمالي سوريا.

إن جهود "ي ب ك" للانسحاب من جيب منبج ومناشدة نظام الأسد السيطرة على المنطقة يعدان جوهرياً هدفاً لهم. فالمنظمة، التي تدرك جيداً أنه لا حظ لها في مواجهة أحد جيوش الناتو، تبدو يائسة في إيجاد كفيل. وبينما تتخلى الولايات المتحدة عن وكيلها، الذي خدم غايتها في القتال ضد داعش، فإنه ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن أي طرف آخر سيدعم هؤلاء المقاتلين "المستعملين".

ولمزيد من التوضيح، ليس لدى "ي ب ك" أي شيء على نظام الأسد. فدمشق لا هي ستمنح حكماً ذاتياً للمنظمة، ولا هي ستسمح لمجموعة مسلحة بأن تتولى أي نوع من السيطرة داخل حدودها، ولا يستطيع النظام في الواقع تأمين ملجأ لمقاتلي "ي ب ك" من عملية عسكرية تركية وشيكة. وبناء على ذلك، فإن فرع "بي كا كا" لا يملك خياراً سوى تسليم منبج والأراضي الأخرى التي يحتلها لنظام الأسد، إلى الحد الذي سيسمح به الأتراك. وإذا ما هدد مسلحو "ي ب ك" تركيا من داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام، فإن الأتراك سوف يردون بعمليات جديدة لمحاربة الإرهاب.

يمكن لمقاتلي "ي ب ك" أن ينضموا إلى جيش بشار الأسد، أو أن يخدموا نظامه كمرتزقة. من الخيارات المتاحة أيضاً بالنسبة إليهم هو أن يلتئم شملهم مع إرهابيي "بي كا كا" في شمال العراق. وما سوى ذلك، فأحلامهم بالحكم الذاتي والاعتراف أوهام زائفة.

أكثر من ذلك، لا يمكن للمنظمة أن تصبح جزءاً من عملية الانتقال السياسي، ولن يكون هناك أي مفاوضات بين تركيا وروسيا أو بين تركيا والولايات المتحدة حول مطالبة "ي ب ك" بوضع قانوني. وفي أفضل الأحوال، فإن هذه الدول ستتناقش حول الطرق المختلقة للتخلص من مقاتلي "ي ب ك" والتأكيد على أن سوريا ستمنح مواطنيها الأكراد حقوقهم في إطار دولة موحدة. إن القضاء على المنظمة سيسهل مهمة خلق سوريا جديدة أيضاً.

الأمر الآخر، هو أن تركيا ستحتفظ بموطأ قدم عسكري في سوريا ما لم يكن للمعارضة المعتدل مأوى آمن هناك، وسيستمر هذا الحضور العسكري ما بقي تهديد "ي ب ك".

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.