مخاطر اقتراب موعد الانتخابات

إسطنبول
نشر في 03.06.2022 12:38

الانتخابات الثلاثية المقبلة في تركيا والولايات المتحدة واليونان هامة ومترابطة من حيث التفاعل بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية

قد يوحي عنوان المقال أنه يتحدث عن انتخابات تركيا عام 2023 حيث يفصلنا عنها 12 شهراً فقط. لكنني أعتقد أن هناك ثلاث انتخابات مقبلة هامة ومترابطة من حيث التفاعل بين السياسة الداخلية والخارجية، وهي انتخابات التجديد النصفي للولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 والانتخابات المبكرة في اليونان التي قد يتم إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2022 أو مارس/آذار أو أبريل/نيسان 2023 وانتخابات يونيو/حزيران 2023 في تركيا.

وبينما يعاني الناخبون الأمريكيون من التضخم، تستمر معدلات تأييد الرئيس الأمريكي جو بايدن في الانخفاض إذ يقول الخبراء إنه من المرجح بشدة أن يفقد الديمقراطيون أغلبيتهم في مجلسي النواب والشيوخ أمام الجمهوريين في نوفمبر/تشرين الثاني. وبالرغم من أن إدارة بايدن تدعم بيع طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إلى تركيا إلا أن موقف الكونغرس الأمريكي لا يزال غير واضح. وفي غضون ذلك، أثار الترحيب الحار الذي لقيه رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في واشنطن ومعارضته الصريحة لصفقة مقاتلات إف-16 غضب أنقرة.

ويراقب الجمهور اليوناني عن كثب تحول العلاقة الأمريكية اليونانية إلى اعتماد كامل للأخيرة على الأولى. وفي الوقت الذي يتم فيه قمع اليسار اليوناني المؤيد لشعار "رهاب الترك"، اتخذ ميتسوتاكيس خطوات تتعارض مع جهود التطبيع مع الرئيس رجب طيب أردوغان، ولم يكن لديه أية مشكلة في استعداء أنقرة من واشنطن، بينما تواصل إدارته تسليح بعض جزر بحر إيجة.

الالتزام بالمصالح الوطنية

أثناء عودته من أذربيجان عبر أردوغان عن إحباطه من الولايات المتحدة واليونان قائلاً:"للولايات المتحدة 9 قواعد عسكرية في اليونان. لماذا يبنون تلك القواعد؟ ولماذا هي موجودة أصلاً؟ يقولون أن هذه القواعد ضد روسيا وهذا كذب لأنهم غير أمناء وموقفهم المعادي لتركيا واضح. انظروا ماذا فعلوا لميتسوتاكيس وكيف تم استقباله في مجلسي النواب والشيوخ وقام بالتحدث هناك وصفقوا له أيضاً. وفي الوقت نفسه، طرحوا قضية الطائرات إف-16 أيضاً. إن ما نؤمن به اتجاههم أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين".وفي المقابلة نفسها، كرر أردوغان التزامه بالعمليات العسكرية شمال سوريا وعرقلة عضوية السويد وفنلندا في الناتو ما لم يتم تلبية مطالب تركيا المتعلقة بالأمن. وفي الواقع، قام الرئيس التركي بتوجيه التحذير اللازم لواشنطن عندما قال إن "الولايات المتحدة بالتأكيد لن تتخذ قرارها بناءً على تصريحات ميتسوتاكيس".


وفي ضوء هذه التطورات، يبدو أن الحديث عن العلاقة بين الولايات المتحدة واليونان وتركيا ستأخذ الكثير من الوقت في المستقبل. ويمثل تحول إدارة بايدن بعيداً عن التوازن بين تركيا واليونان مشكلة خطيرة للجناح الجنوبي الشرقي لحلف الناتو. فبالإضافة إلى افتتاح 9 قواعد عسكرية، سيتسبب احتمال الموافقة على بيع طائرات إف-35 إلى أثينا وتعطيل صفقة أنقرة لطائرات إف-16 برسالة خاطئة إلى المنطقة. ولا يمثل سحب الدعم الأمريكي من مشروع خط أنابيب "إيست ميد" أكثر من لفتة ثانوية تجاه أنقرة. وفي الوقت نفسه، فإن الضغط المتزايد على تركيا لتأمين عضوية السويد وفنلندا في الناتو أو الاستياء من العمليات التركية في سوريا لا يحقق شيئاً أكثر من تأجيج المشاعر المعادية لأمريكا في تركيا. ولفهم الرأي العام التركي، سيكون من المفيد أن نأخذ في الاعتبار أنه حتى رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو، أيد إغلاق القواعد العسكرية الأمريكية.

مطلب الأمن أولوية لتركيا

إن قرار واشنطن بـ "إفساد" أثينا مع اقتراب موعد الانتخابات اليونانية والتركية ينطوي على مخاطر معينة بين حلفاء الناتو. ومن المؤكد أن أنقرة ستصر على تلبية مطالبها الأمنية وستتخذ كافة الخطوات التي تقتضيها مصلحتها الوطنية فيما يتعلق بعضوية السويد وفنلندا في الناتو والعمليات العسكرية في سوريا. ولا يخفى على أحد أن عسكرة جزر بحر إيجة من شأنها أن تدفع تركيا إلى الانفتاح على مناقشة السيادة على تلك الجزر.كما أن المناقشات الداخلية خلال الحملات الانتخابية في اليونان وتركيا ستؤدي إلى حدوث تصعيد خطير إذ يعتقد البعض أن أثينا مدفوعةً بالثقة بنفسها، قد تجرؤ على توسيع مياهها الإقليمية إلى 12 ميلاً بحرياً خلال تلك الفترة. وأنا أتمنى أن يتجنب السياسيون اليونانيون مثل هذا الخطأ. وعلى واشنطن أن تدرك أن إفساد اليونان على حساب المصالح التركية علاوة على مواقفها الكارثية فيما يتعلق بإرهابيي واي بي جي/بي كي كي وجماعة غولن الإرهابية، يمثل مشكلة جديدة.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.