كيف تدخلت تركيا لوقف أزمة الغذاء؟

إسطنبول
نشر في 24.06.2022 14:01

قاد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية لأول مرة إلى التنبؤ بأن النظام العالمي الذي تعب من جائحة الفيروس التاجي، سيتلقى مزيداً من الصدمات ويواجه العديد من الصعوبات. وبالفعل كانت أزمة الطاقة على رأس القائمة حيث سحبت روسيا بطاقة الغاز والنفط التي احتفظت بها لفترة طويلة في مواجهة الحظر الغربي، وفرضت قيوداً على الطاقة ضد العديد من الدول وخاصة ألمانيا التي ردت بتجميد جزئي لسياسة الطاقة الخضراء التي استمرت لعقود، في مواجهة الأزمة وأعلنت أنها ستعيد تنشيط محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، ما جعل السياسات الخضراء التي أُسّست باستثمار مليارات الدولارات وبذل الكثير من الجهود السياسية، تتعرض لضربة شديدة.

ويأتي الغذاء كبؤرة أخرى من بؤر الأزمة في الأسواق، إذ تعاني سلسلة التوريد العالمية التي أرهقها الوباء، من مشكلة بسبب الحبوب المحاصرة في أوكرانيا. وتتصف هذه الأزمة مثل كل الأزمات العالمية بأبعاد حقيقية وأخرى مصطنعة، ويظهر ذلك جلياً من تأكيدات مسؤولي الأمم المتحدة المستمرة بأن هناك ما يكفي من الغذاء في العالم للجميع، ولكن الأزمات تحدث بسبب عدم المساواة في التوزيع. وهذا التفاوت ليس بجديد كما يبدو المشهد في القارة الأفريقية، ولكن الوضع الجديد يكرس زيادة حجم عدم المساواة، نتيجة للأزمات الإقليمية والعالمية. ومثلما انخرطت البلدان المتقدمة في تأميم اللقاحات خلال فترة الوباء، فإن أجراس القومية الغذائية راحت تدق هذه المرة. ومع قيام العديد من البلدان المتقدمة بتخزين الحبوب، توشك أزمة الغذاء أن تضرب البلدان الهشة ذات الاقتصادات الضعيفة أكثر من غيرها.

جهود تركيا

اتخذت تركيا عدة خطوات هامة لضمان توزيع ملايين الأطنان من الحبوب المحاصرة في الموانئ والصوامع الأوكرانية، حيث يجري الرئيس رجب طيب أردوغان دبلوماسية مكوكية منذ فترة لتفريغ الحبوب وشحنها. ويتابع العالم بأسره جهوده عن كثب لأنه ربما يكون الزعيم الوحيد الذي حافظ على علاقات جيدة مع كل من أوكرانيا وروسيا خلال الأزمة.

وقد اجتمعت في موسكو وفود عسكرية برئاسة جنرالات أتراك وروس ممن تم تكليفهم كجزء من دبلوماسية "الخط الأحمر"، وطغت على الاجتماع أجواء بناءة وإيجابية. كذلك تجري تفاهمات بشأن إجراء محادثات بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.

وتواصل أنقرة اتصالاتها الدبلوماسية المكثفة بمسؤولي الأمم المتحدة، إضافةً لاجتماع أردوغان مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش هذا الأسبوع، واجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لمناقشة قضية الممر الغذائي، حيث تُظهر تصريحات المسؤولين البريطانيين أن لندن تدعم جهود أنقرة أيضاً.

ويرتبط السبب الرئيسي لضيق مخزون الحبوب، بوجود عدد كبير من الألغام البحرية التي زرعتها أوكرانيا في البحر الأسود، والتي لا بد من إزالتها، للوصول إلى ميناء أوديسا على وجه الخصوص، لكن أوكرانيا لا تزال تعترض على هذه الخطة مشيرةً إلى استمرار التهديد الروسي، بينما يعمل حظر النقل الذي تفرضه روسيا على تعميق الأزمة.

وتعتمد خطة تركيا التي نوقشت في اجتماع موسكو، على تحديد 3 ممرات آمنة من المناطق الملغومة قبالة أوديسا من أجل الخروج الآمن للحبوب، بشرط أن يكون المرور عبر هذه الممرات تحت سيطرة أوكرانيا. ومن ناحية أخرى، يحق لروسيا التأكد من خلو السفن المحملة بالحبوب من الأسلحة بسبب مخاوفها الأمنية. ومن المتوقع أن يصل في نطاق هذه الآلية، أكثر من 35 مليون طن من الحبوب وزيت عباد الشمس إلى العالم عبر المضيق في غضون 6-8 أشهر.

وبعد ساعات قليلة فقط من انتهاء الاجتماع في موسكو، بدأت الأخبار الإيجابية تصل، إذ غادرت سفينة شحن تركية كانت تنتظر منذ أيام، الميناء الأوكراني، لتصبح أول سفينة أجنبية تغادر ميناء ماريوبول الأوكراني الخاضع لسيطرة الجيش الروسي والانفصاليين.

وستكون قمة قادة الناتو التي ستنعقد في مدريد يومي 28 و 30 يونيو/حزيران، منتدىً حيوياً لمعالجة كل هذه المشاكل وستتجه الأنظار إلى أردوغان والوفد التركي لحل الأزمة.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.