دلالات الاحتفال بيوم 15 يوليو/تموز بعد 6 سنوات

إسطنبول
نشر في 26.07.2022 14:43
آخر تحديث في 26.07.2022 17:07

احتفلت تركيا بالذكرى السادسة لمحاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز، وهو يوم فخر وحزن بآن معاً في التاريخ التركي الحديث. وأذكر أحداث ليلة الانقلاب الفاشل عام 2016 بوضوح تام، إذ كنت في منزلي الواقع في منطقة "جنكل كوي" في إسطنبول لقضاء عطلة نهاية أسبوع ظننتها ستكون هادئة، وقراءة بعض الكتب وكتابة بعض المقالات، عندما بدأ شيء غريب يحدث على جسر البوسفور آنذاك والذي يسمى الآن جسر شهداء 15 يوليو/تموز.

بدايةً قامت الدبابات والجنود بسد طرفي الجسر، وكان من المستحيل العبور إلى أي من الجانبين الآسيوي والأوروبي من المدينة، ما أدى إلى حدوث فوضى وازدحام مروري حاد أصاب إسطنبول بالشلل طيلة ليلة الجمعة.

واعتقدنا أن ثمة هجوم إرهابي على وشك أن يقع وأن القوات العسكرية كانت تتخذ الإجراءات اللازمة للتصدي له، لكن تبين بعد ذلك أن الدبابات والجنود لا يهدفون إلى حمايتنا بل على العكس من ذلك، لقد كانوا قوات معادية للشعب وإرهابيين يرتدون زي جنود يحاولون السيطرة.

وبسبب قرب منطقة "جنكل كوي" من الجسر الذي تحول إلى أكثر ساحات القتال وحشية، سمعنا طائرات هليكوبتر وطائرات إف-16 تعبر فوق منزلنا وتحاول الوصول إلى مقر إقامة الرئيس رجب طيب أردوغان، الواقع في كسيكلي في أوسكودار، على بعد 10 دقائق بالسيارة من موقعنا.

وفي وقت لاحق، ومع خطاب الرئيس أردوغان والدعوات المنبعثة من مكبرات الصوت في المساجد، تدفق الناس إلى الشوارع، حيث قتل المئات واستمرت المعركة طوال الليل، ومع شروق الشمس تيقن الجميع بالفعل أن مدبري الانقلاب لن يتمكنوا من الانتصار ولكن الضرر كان هائلاً .

ومن المهم هنا أن نتذكر تضحيات أولئك الذين وقفوا في طريق الانقلابيين لإنقاذ الديمقراطية في هذا البلد.

لقد كانت تلك الليلة هي المرة الأولى في تاريخ تركيا التي يفشل فيها انقلاب عسكري بمساعدة المقاومة المدنية، وبالفعل فازت الديمقراطية فوزاً ساحقاً.

وتعرض البرلمان والمجمع الرئاسي وقوات الأمن والقواعد الجوية جميعها للهجوم .. لكن الشعب لم يستسلم. وبعد أن دعاهم الرئيس أردوغان إلى الشوارع خرج الآلاف، واستشهد 251 مواطن وأصيب ما لا يقل عن 2700 آخرين، لكنهم لم يستسلموا في معركتهم ضد مدبري الانقلاب من جماعة غولن الإرهابية.

وفي النهاية، انتصر الشعب على مجموعة غادرة من الجنود الذين أرادوا الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً.

ولم تكن المعركة بعد تلك الليلة سهلةً أيضاً، وكان لابد من تطهير القضاء وجميع مؤسسات الدولة من أتباع غولن بطريقة ديمقراطية ضمن سيادة القانون. وبالفعل جمع ممثلو الادعاء الأدلة وتم القبض على الآلاف. وبالرغم من ارتكاب بعض الأخطاء في هذا الصراع الكبير، لكن تم في نهاية المطاف القبض على معظم مخططي حركة غولن في تركيا.

ولا يزال الكفاح مستمرا لكن ذكرى 15 يوليو/تموز أصبحت رمزاً لانتصار الديمقراطية، وتحولت تلك الليلة ونهارها إلى مصدر فخر مشترك لكل فئات الشعب، لأنها بالفعل شكلت انتقاماً من كافة الانقلابات في التاريخ التركي الحديث.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.