لقاء سوتشي فوز لجميع الأطراف

إسطنبول
نشر في 09.08.2022 14:09

عزز اجتماع سوتشي الأخير بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان العلاقات بين البلدين، ما أدى إلى تطورات مثمرة وتحول الوضع إلى فوزٍ لكلا الجانبين.

وجاء الاجتماع بين الرئيسين في سوتشي كحدثٍ مهمٍ للغاية من حيث العديد من النقاط. فقد أثبت أن للبلدين القدرة على تعزيز علاقتهما، وأن دور تركيا بين أوكرانيا وروسيا فيما يتعلق بصادرات الحبوب كان ناجحاً للغاية، وأن روسيا تعتبر تركيا دولة مهمة للتجارة والعمل معها وسط العقوبات الشديدة المفروضة عليها من قبل الغرب.

ونظراً لأن أوروبا تعتمد في الغالب على الغاز الروسي، فإن الكتلة الغربية برمتها ليست متأكدة من كيفية المضي قدماً في موقفها من روسيا وخصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء، لذلك بدأت الدوائر السياسية الغربية في التشكيك في الموقف الغربي الحالي.

ولا يزال بعض السياسيين اليساريين ينتقدون سياسة العقوبات المشددة وخاصة في ألمانيا.

لكن تركيا اتبعت مساراً مختلفاً منذ أن بدأت روسيا في اجتياح أوكرانيا. ففي الوقت الذي أعلنت فيه دعمها لأوكرانيا وتبنت موقفاً ضد الاجتياح الروسي، لم تقطع علاقاتها مع روسيا واستمرت في الحوار معها، ما أدى إلى نجاح حاسم في الدبلوماسية. وتقف تركيا اليوم كفاعل رئيسي في الأزمة الأوكرانية قادرة على التحدث إلى كلا الجانبين والتوسط في المشاكل لتحقيق السلام.

وفي سوتشي تم إثبات ذلك مرة أخرى، حين التقى أردوغان وبوتين في اجتماع استمر 4 ساعات ناقشا فيه قضايا حول سوريا والغاز والطاقة النووية وبالطبع أوكرانيا. وتسعى تركيا لبدء عملية عسكرية جديدة لمواجهة تنظيم واي بي جي/بي كي كي، حيث صرح أردوغان أن روسيا تدعم كفاح تركيا ضد الجماعات الإرهابية، لكنها تريد تنسيق القضايا الأمنية مع النظام السوري.

وأكد أردوغان بعد الاجتماع أن تركيا ستساهم في السلام الإقليمي في منطقة البحر الأسود، وأضاف أنه اقترح على بوتين ترتيب لقاء مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تركيا.

وشدد القادة على أهمية صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، بعد أن أدى غيابها في العالم لمدة شهر إلى ارتفاع الأسعار بشكل هائل وهدد بانتشار المجاعة في مناطق مثل إفريقيا والشرق الأوسط.

ونتج عن اجتماع أردوغان وبوتين الكثير من المخرجات الهامة بالإضافة إلى النتائج المذكورة أعلاه، فقد اتفق الزعيمان على مواصلة التعاون في مجال الطاقة. وكان من اللافت للنظر أن بوتين ناقش بهدوء خط أنابيب تورك ستريم، الذي يزود أوروبا بالغاز. وقال المسؤولون الروس أيضاً إن تركيا وافقت على دفع مبلغ كبير من فاتورة الطاقة بالروبل، الأمر الذي سيكون مفيداً لتركيا، لأن أوروبا ترفض ذلك بسبب العقوبات. ونتيجة لذلك، أصبح تدفق الغاز إلى القارة يمثل مشكلة بالنسبة للغرب مع اقتراب فصل الشتاء.

كذلك عزز الاجتماع دور تركيا كوسيط مهم بين أوكرانيا وروسيا من جهة وبين روسيا وحلف شمال الأطلسي من جهة أخرى.

ويعد موقف تركيا وجهودها الدبلوماسية الحثيثة أساسيةً في أزمة اليوم. فالبلاد عضو في الناتو ولكنها حليف لروسيا في نفس الوقت، ما يمنحها الموقع الوحيد لتكون جسراً بين عالمين على وشك قطع الاتصال بينهما تماماً. وبمساعدتها روسيا على تصدير الغاز والحبوب، توفر تركيا أرضيةً مفيدة للمواد التي يجب أن تكون موجودة في الأسواق الغربية.

كما أشار الاجتماع الذي عقد يوم الجمعة إلى اتفاق الجانبين على العمل معاً في كل من سوريا وليبيا، بالرغم من أنهما يدعمان أطرافاً متعارضة.

وبناءً على ما سبق، لن يكون من الخطأ أن يوصف الاجتماع بأنه فوز للجانبين، إذ أنه يمنح تركيا قوة دبلوماسية في الغرب ويهيئ لروسيا أرضيةً تدعم صمود اقتصادها وسط العقوبات.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.