إنها ماكينة البروباغندا الروسية!

اسطنبول
نشر في 04.12.2015 00:00
آخر تحديث في 04.12.2015 19:06

منذ الساعات الأولى لإسقاط تركيا الطائرة الحربية الروسية المخترقة لأجوائها، مارس الرئيس الروسي فلادمير بوتين حربا نفسية ضد تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان. فوصف بوتين إسقاط القاذفة الروسية المنتهكة للأجواء التركية بـ"الطعنة من الظهر" وفي الحقيقة إنها لم تكن طعنة من الظهر، بل كانت صفعة على الوجه. إذ أسقط سلاح الجو التركي القاذفة الروسية سوخوي 24 بعد تحذيرها عشر مرات وفي الأجواء التركية، وفقا لقواعد الاشتباك التي أعلنتها تركيا منذ سنتين بعد إسقاط النظام السوري طائرة تركية استكشافية كانت تطير بلا سلاح قرب ساحل اللاذقية في المياه الدولية دون أي تحذيرات.

في الحقيقة روسيا هي من طعنت تركيا من الظهر حينما حشدت قوات لها في بلد جار، وقصفت القرى والبلدات التركمانية على الحدود التركية!

وكانت تركيا أعلنت تغيير قواعد الاشتباك لجميع الأطراف. وتطبيقا لهذه القواعد تم إسقاط طائرتين حربيتين للنظام السوري. وطائرة روسية بلا طيار قبل عدة أسابيع.
في الساعات الأولى لإسقاط القاذفة الروسية مؤخراً أعلنت روسيا أن مقاتلتها أُسقطت بصاروخ أرض – جو من الأراضي السورية كمحاولة لإخفاء إسقاطها من قبل الطائرات التركية في الأجواء التركية.

وفي محاولة دعائية بعد ذلك تصر روسيا على أن طائرتها أسقطت دون تحذير وفي الأراضي السورية، وذلك رغم نشر تركيا تسجيلات تظهر تحذير الطائرة الروسية عندما بدأت بالاقتراب من الأجواء التركية وحتى انتهاكها لتلك الأجواء، وتم بث صور الرادارات التي تبين انتهاك الطائرة للأجواء التركية. وأعلنت الأطراف الدولية تطابق الرواية التركية مع المعطيات لديها، وسقوط حطام الطائرة على الأراضي السورية ليس دليلاً على إسقاطها في الأراضي السورية .

وفي سياق البروباغندا الروسية سارع الرئيس الروسي بوتين إلى اتهام القادة الأتراك بأسلمة تركيا وحاول ربط اسم تركيا بتنظيم "داعش" الإرهابي وبتهريبه النفط، ثم دخلت ماكينة البروباغندا الروسية الخط وصبت أكاذيب وافتراءات بهذا الاتجاه.

أولا: أسلمة تركيا شأن داخلي لا شأن لبوتين فيه، ثانيا: الشعب التركي مسلم والإسلام دينه، ثالثا: مظاهر التدين المسيحي المتطرف في روسيا فاقت جميع التصورات، حتى وصل الأمر إلى إعلان الكنيسة الروسية أن التدخل الروسي في سورية حرب مقدسة وتم تقديس القنابل التي تمطر على الشعب السوري لتقتل عشرات من الأطفال والنساء والشيوخ كل يوم.

ربما ليس من الغريب أن تتبنى روسيا أسلوب الحرب النفسية، عندما نتذكر أن بوتين هو نتاج المخابرات السوفيتية، يجيد أساليب الحرب النفسية وكان الهدف من اتهام القادة الأتراك بأسلمة تركيا بعث رسالة إلى أطراف داخلية تركية وخارجية معارضة لتوجهات الحكومة التركية.
وإن محاولة ربط اسم تركيا بتنظيم داعش وبالنفط المهرب من قبله، تأتي في سياق الحرب النفسية، ولكن الرئيس التركي تحدى نظيره الروسي وطالبه بإثبات ادعاءاته التي استهدفته شخصيا مع عائلته بشكل مباشر. حتى وصل الأمر إلى نشر صورة لابن أردوغان بلال مع عدد من الشبان الملتحين زعمت روسيا أنهم قادة لداعش اجتمعوا مع بلال للتخطيط لهجمات إرهابية ضدها! ليتبين أنهم أصحاب مطعم كبدة شهير في إسطنبول التقطوا صورا تذكارية مع بلال أثناء تناوله وجبة غذاء في ذلك المطعم .

ليس هذا فحسب بل نشرت وزارة الدفاع الروسية عددا من الصور لبعض الشاحنات التجارية وأخرى لنقل المساعدات الإنسانية وبعض الصهاريج ثم زعمت أنها إثبات لتهريب تركيا نفط داعش وربطت المسألة بأردوغان.

ولكن سرعان ما اكتُشف كذب الادعاءات الروسية حيث إن تلك الصور كانت لشاحنات تجارية ولبعض الصهاريج التي تنقل النفط من إقليم شمال العراق تابعة لإدارة الإقليم كما صرح مسؤولو الإقليم. وقد كذبت الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد داعش المزاعم الروسية بشكل قاطع.

نعم هناك جهات مرتبطة بـ"داعش" وبتهريب "نفط داعش" هي جهات تابعة لروسيا والنظام السوري. إذ أكدت تقارير أمريكية قيام أشخاص ومؤسسات روسية بتهريب نفط داعش لمصلحة النظام السوري، والنظام في دمشق أكبر مستفيد من "داعش".

يبدو أن الهدف من اتهام تركيا بتهريب نفط داعش هو التستر على ارتباط روسيا بهذا التهريب بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أن الهدف من اتهام تركيا بمساعدة الإرهابيين في سورية هو التستر على ما تقوم به روسيا من إرهاب دولة ضد الشعب السوري. حيث تقصف الطائرات الروسية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة في سورية وتقصف المخابز والمطاحن ومخازن الحبوب وشاحنات المساعدات الإنسانية والأحياء السكنية والأسواق التجارية ثم تقول إنها قصفت مواقع لداعش.

هذه هي ماكينة البروباغندا الروسية التي تقوم على تزوير الحقائق وتقليبها! ولكن الحق يظهر مهما تكن شرارة هذه الماكينة ...

تركيا دافعت عن أجوائها الوطنية وتصرفت وفق قواعد الاشتباك المعروفة لدى روسيا والعالم، وعلى موسكو احترام السيادة التركية وعدم تكرار الخطيئة، والتصعيد لن يكون في مصلحة البلدين.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.