أزمة برونسون بخلفية درامية ترامبية

إسطنبول
نشر في 02.08.2018 00:00
آخر تحديث في 02.08.2018 17:33

المستقبل ليس قاتماً بعد فترامب أصدر تهديدات لا تحصى تجاه دول جلس معها في النهاية للتفاوض. ويوحي ضبط النفس الذي أبداه أردوغان في رده المعلن على ترامب بأنه ينتظر الجولة القادمة من التواصل المباشر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة

العديد من مراقبي الشأن التركي المقيمين في العاصمة الأمريكية، وبينهم مسؤولون أمريكيون سابقون، يميلون لربط الأزمة الأخيرة بين واشنطن وأنقرة بعوامل معقدة، من السياسات الداخلية والتطورات الساخنة في الشرق الأوسط، إلى القومية التركية. فالقضية بالنسبة لهم هي مسار الأمور، بدلاً من كونها السلوك اليومي المتعلق بالشؤون الخارجية.

ومع ذلك، فإن جذر أزمة القس أندرو برونسون الأخيرة، على ما يبدو، ترامبي تماماً. فمنذ أن تولى ترامب منصبه العام الماضي بات الوضع صعباً. في كل لقاء جمع مسؤولاً أمريكياً بنظيره التركي، كان اعتقال برونسون في تركيا يتحول إلى قضية، وترامب ونائبه مايك بنس لا يزالان يمارسان الضغوط على إدارة أردوغان بهذا الخصوص منذ ما يقارب العام ونصف، ومن ثم يعلم الجانبان أهمية هذا الملف.

ولكن لماذا انهارت عملية التفاوض بالكامل بهذه البساطة بعد عدة أيام على قرار الإفراج عن برونسون ووضعه قيد الإقامة الجبرية؟ لقد كان هذا بوضوح تطوراً مرحباً به، وحظي بثناء وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في خطابين له في نفس اليوم من الأسبوع الماضي.

إن المشكلة الرئيسية، على ما يبدو، هي عبارة عن سوء فهم. فوزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو وبومبيو كانا كبيري المفاوضين في الملفات الثنائية الثابتة، لكن كلاً من الرئيسين، دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان، يفضلان مناقشة هذه المسائل بصورة مباشرة بدلاً من استخدام محاورين آخرين.

وعندما التقى الرجلان في قمة الناتو ببروكسل في بدايات الشهر الماضي، أجريا محادثة غير رسمية وهما يسيران على الأقدام لإتمام مهامهما اليومية. في هذا الاجتماع المرتجل وقوفاً، أثار أردوغان قضية إبرو أوزكان، التي كانت قد وضعت قيد الاعتقال المنزلي في إسرائيل، في انتظار مواجهة تهم الإرهاب. ناقش أردوغان وترامب الإفراج عن أوزكان عبر المترجم الرئاسي التركي الذي كان يتبعهما. وفي بعض الأحيان خلال ذلك اليوم كان تشاوش أوغلو والمتحدث الرئاسي إبراهيم قالن يتوليان مهمة الترجمة أيضاً.

ليس من الواضح تماماً متى طلب أردوغان مساعدة ترامب من أجل أوزكان في ذلك اليوم، لكن المؤكد أنه لم تكن هناك أي مادة مكتوبة أو رسمية حول البنود التي تم الاتفاق عليها، إن كان حصل بالفعل أي اتفاق. والمسؤولون الأتراك يقولون إن أردوغان لم يعرض أي مقابل على تلك الخطوة، فضلاً عن برونسون. وقال البيت الأبيض للإعلام الأمريكي إن الأتراك رفعوا مستوى رهانهم، ولم يفوا بالوعد من طرفهم. وعلى أية حال، حتى لو لم تكن أوزكان المقابل لبرونسون، فإنه وبمساعدة ترامب أطلق الإسرائيليون سراحها بالفعل.

وبالنظر إلى الدراما المستمرة منذ اللقاء المنفرد بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، حيث لم يحضر سوى مترجم، فإنه ليس من غير المعتاد، ربما، أن لا يحتفظ ترامب بمدون ملاحظات خلال محادثاته مع أردوغان.

المشكلة الأخرى في هذا الشأن هي الطريقة التي تدير من خلالها إدارة ترامب عملها اليومي، فبدلاً من إنتاج عملية حاسمة للسلوك المتعلق بالعلاقات الخارجية، ثمة، بحسب أحد المصادر، قنوات متعددة، ستة تقريباً، تربك بعضها بعضها حول نوايا الطرفين. بالطبع كانت هناك أيضاً قنوات متعددة للعلاقات مع إدارة أوباما، لكنها كانت متزامنة بشكل جيد، وتنقل الرسائل نفسها، ولا تقوم سوى بتمكين الأشخاص المخولين بإبرام الاتفاقيات.

على أية حال، فإن المستقبل ليس قاتماً بعد. ترامب أصدر تهديدات لا تحصى تجاه دول عديدة ولكنه في النهاية جلس معها للتفاوض حول اتفاقيات جديدة. ويوحي ضبط النفس الملحوظ الذي أبداه أردوغان في رده المعلن على ترامب بأنه ينتظر الجولة القادمة من التواصل المباشر، والتي ستحدث على الأرجح على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ينبغي على المسؤولين الأتراك الآن أن يفهموا أن العلاقات الثنائية بين البلدين لا يمكن أن تعتمد تلقائياً على كيمياء الزعيمين، فترامب يمكن أن يكون حليفاً جيداً، لكنه إذا فقد صوابه فإن الأمر ينفجر في تهديدات، لا شيء يشبه الرؤساء السابقين.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.