تركيا وروسيا تتفاوضان على إيجاد توازن جديد في القوقاز

إسطنبول
نشر في 15.01.2021 11:30

بعد 44 يوماً من القتال استطاعت أذربيجان تحرير إقليم قره باغ من الاحتلال الأرميني، وغيرت واقع الوضع الراهن الذي دام 30 عاماً في القوقاز. ولا يزال البحث مستمراً إلى الآن عن توازن جديد لخلق وضع راهن يحاكي واقع تحرير الإقليم. وتلعب تركيا وروسيا في هذا المسعى أدواراً رئيسية، فيما تشترك تركيا وأذربيجان في منظور يتعارض مع النهج الروسي.

ومن الضروري قبل الخوض في تفاصيل البحث عن توازن جديد، تحليل الوضع الذي كان سائداً قبل تحرير الإقليم وأصحاب المصلحة فيه، الذي لم يكن في الحقيقة سوى صراع مجمّد إذ كان الإقليم يرزح تحت الاحتلال الأرميني، وكانت مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا هي اللاعب الوحيد المرشح لحل المشكلة. وقد شاركت الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا في رئاسة تلك المجموعة دون أن تلعب أياً منهم دوراً حاسماً في حل مشكلة قره باغ. بينما تولت ثماني دول أخرى بما فيها تركيا، دوراً ثانوياً في هذه القضية.

ولم تحرز مجموعة مينسك أي تقدم على الإطلاق على مدى 28 عاماً وظل النزاع بين أذربيجان وأرمينيا تصعيداً مجمداً. وبرزت إيران من خارج مجموعة مينسك لتتدخل في الصراع وتزيده توتراً بدعمها أرمينيا وتأييدها لها.

لكن انتصار أذربيجان العسكري في تلك المنطقة الجبلية طرد جميع الأطراف من طاولة المفاوضات، باستثناء تركيا وروسيا، وأنشأ نظاماً جديداً يشمل روسيا وتركيا وأذربيجان وأرمينيا. ومع ذلك، هناك خلافات في الرأي حول إنشاء هذا النظام الجديد.

فروسيا التي تعتبر منطقة القوقاز ملعبها التاريخي ليست راضية لأن دولة أخرى هي تركيا تمارس نفوذها على هذه المنطقة أيضاً. ولم يقم الروس بأية محاولة لإخفاء هذا الإحباط منذ بدء القتال، بل خططوا لاستراتيجيتهم وفقاً لذلك.

وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالوساطة بين أذربيجان وأرمينيا وأقنع الأرمن بتقديم تنازلات، في الوقت الذي كانت فيه باكو على وشك إعلان النصر الكامل. وكانت تلك الوساطة محاولة واضحة لمنع الوضع من الخروج عن سيطرة موسكو.

وبالمثل، حاولت روسيا وقف نشر قوات حفظ السلام التركية في إقليم قره باغ، وجعل القوات الروسية تشرف على مراكز المراقبة بشكل حصري. كما أكدت موسكو أنها لا تريد أن تلعب شركات غير روسية دوراً في إعادة إعمار الإقليم وبنيته التحتية. ومن هنا جاء قرار بوتين باستضافة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيقول باشينيان في العاصمة الروسية.

في المقابل، تتعاون تركيا وأذربيجان في نهج أكثر تشاركية وشمولية على مستوى المنطقة. إذ دعا كلاً من الرئيس علييف والرئيس رجب طيب أردوغان إلى إنشاء هيئة إقليمية تضم ست دول قوقازية، لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويهدف هذا المشروع الذي سيشمل أرمينيا أيضاً، إلى تحويل المنطقة إلى جزيرة سلام واستقرار سياسي واقتصادي. ويبدو من خلال رد يريفان، أن الأرمن لا يريدون أن يتركوا في منأىً عن هذا الاتفاق.

إن النهج التشاركي لتركيا وأذربيجان سيشكل أساساً لإنشاء نظام جديد في القوقاز وسيرسم مستقبل المنطقة ويحدد مستوى السلام فيها. بينما تُترجَم محاولة موسكو للبقاء في السلطة إلى سياسة استبعاد تستهدف اللاعبين الإقليميين الآخرين، مما يشجع أرمينيا على السعي للعودة إلى الوضع السابق. ويشهد على هذه الحقيقة، الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأرميني آرا ايفازيان إلى إقليم قره باغ.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.