هل يمكن تسمية تركيا والولايات المتحدة شركاء استراتيجيين؟

إسطنبول
نشر في 22.01.2021 11:52

أدى جو بايدن اليمين الدستورية بوصفه الرئيس الـ46 للولايات المتحدة يوم الأربعاء. ويطرح حدث انتقال السلطة هذا الأسبوع سؤالاً حاسماً حول العلاقات التركية الأمريكية في ظل حكم بايدن ألا وهو: ما الذي ينتظر العلاقات الثنائية بين البلدين؟

اختُبرت العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة عدة مرات، لا سيما خلال الحرب الباردة وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وكان قرار واشنطن عام 1974 بفرض عقوبات على تركيا في ضوء التدخل العسكري لأنقرة في قبرص أحد هذه التحديات. لكن إشكاليات من هذا النوع كانت تميل في الماضي إلى أن تكون هادئة وغير ذات شوكة بسبب التفاوت الكبير في القوة بين تركيا والولايات المتحدة، واستعداد أنقرة للانصياع للمصالح الأمريكية وتطلعات تركيا للانضمام إلى الكتلة الغربية. ولهذه الأسباب وغيرها، يمكن وصف العلاقة التركية الأمريكية بأنها "شراكة إستراتيجية"، بغض النظر عن بعض القضايا.

وبكلمات أشد وضوحاً نقل إن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين أنشأت لتحقيق مصير مشترك، بالرغم من أن تركيا كانت تعتمد بشدة في هذه العلاقة على الولايات المتحدة.

في المقابل وعلى عكس التحديات السابقة، استمرت التوترات الثنائية في عهد إدارة أوباما وبرزت أكثر طوال فترة رئاسة ترامب. واليوم نجد العديد من العوامل التي تساعد في تحديد الوضع الحالي للعلاقات التركية الأمريكية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحافز الأساسي للتغيير هو تغير العالم بشكل جذري بسبب انتهاء الحرب الباردة التي حدّت بشدة من خيارات السياسة التركية، بالإضافة إلى انهيار النظام العالمي أحادي القطب الذي حاولت الولايات المتحدة تشكيله على مدى السنوات العشر الماضية.

وبينما يتجه العالم نحو نظام متعدد الأقطاب، تنتهج تركيا الآن سياسة خارجية "مستقلة" في محاولة للاستفادة من الفرص الجديدة. لكن ما تريده الولايات المتحدة من تركيا كشريك، هو أن تكون تابعة لها كما كانت في الحرب الباردة، أو أن تتولى دور حليف لا يهدد مصالحها كما في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

هذا الخلاف الأساسي هو أصل جميع التوترات بين تركيا والولايات المتحدة.

أما جميع الأسباب الأخرى، سواء كانت علاقات تركيا مع روسيا، أو نظام الدفاع الجوي إس-400 أو الطائرات المقاتلة إف-35 فكلها حجج واهية. كما أن الخلاف بين الدولتين قائم أيضاً بسبب حرب تركيا مع تنظيم ي ب ك/بي كا كا الإرهابي في العراق وسوريا. وإذا أراد الساسة التغلب على كل هذه التحديات، فينبغي أن يتفق البلدان أولا ًعلى طبيعة علاقتهما.

وعليه فإن أول ما يجب على الولايات المتحدة فعله هو أن تتصالح مع حقيقة أن العالم متعدد الأقطاب. وأن تقبل أيضاً بواقع امتلاك تركيا القدرة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية لاتخاذ قراراتها السياسية المستقلة. وهذا ما يتطلب من واشنطن أن تدرك أن تركيا مثلها مثل الولايات المتحدة، تنتهج استراتيجية كبرى.

إن إستراتيجية أنقرة الكبرى تتمحور حول حماية مصالحها ومصالح أصدقائها وحلفائها في الشرق الأوسط والقوقاز وشمال إفريقيا وشرق البحر المتوسط والبلقان. وإذا اقتضى الأمر، فإن الأتراك على استعداد للجوء إلى تكتيكات أكثر هجومية لتحقيق أهدافهم وهذا ما سيتضح لاحقاً.

ومن أجل أن تتقدم العلاقات الثنائية في ظل إدارة بايدن من الحالة المتوترة الراهنة، يجب على تركيا والولايات المتحدة إعادة تقييم خططهما والتوصل إلى استراتيجية مشتركة لا تتعارض فيها مصالح البلدين. ولكن الإشارات الأولية من واشنطن تبدي أن الأمريكيين لم يفهموا بعد موقع تركيا الجديد على الساحة العالمية.

وقد أشار "أنطوني بلينكن" مرشح بايدن لمنصب وزير الخارجية مؤخراً، إلى تركيا بوصفها "الشريك الاستراتيجي المزعوم" وشدد على أنه من غير المقبول أن تكون تركيا وروسيا في هذا المستوى من التقارب.

و"بلينكن" محق في هذا لأن تركيا وروسيا تعاونتا فعلاً في قضايا استراتيجية، مثل الدفاع الجوي والطاقة النووية. لكنهما اختلفتا أيضاً على عدة جبهات، بما في ذلك ليبيا وإدلب وإقليم قره باغ. وبالرغم من خلافاتهما اعتمد الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين نهجاً استراتيجياً يُسهّل التعاون الوثيق في مجالات التوافق. وفي هذا السياق يمكن تعريف علاقة أنقرة بموسكو بأنها ليست مجرد تحالف، بل هي شراكة بين أنداد لتحقيق أهداف ذات مصلحة مشتركة.

واليوم يمكن أن أن يتخذ بايدن النموذج الحالي للاتفاق التركي الروسي مثالاً لكيفية تعامل إدارته مع الأتراك.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.