فرنسا.. كيف فاز مرشح اليمين المتطرف، عكس كل التوقعات؟

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 22.11.2016 00:00
آخر تحديث في 23.11.2016 00:38
فرنسا.. كيف فاز مرشح اليمين المتطرف، عكس كل التوقعات؟

لكل انتخابات مفاجآتها، وقد كانت مفاجأة الدور التمهيدي الأول للانتخابات الفرنسية للحزب الوسط- (يميني) الفوز الساحق لرئيس وزراء حكومة ساركوزي سابقاً، فرانسوا فيون، المعروف بآرائه ومواقفه السياسية اليمينية المتطرفة.

بدأ فيون مسيرته السياسية عام 1981، فكان وزيراً للتعليم العالي والشؤون الاجتماعية، قبل أن يعينه الرئيس السابق نيقولا ساركوزي على رأس حكومته، وبقي في المنصب حتى عام 2012، حيث انتُخب نائباً عن مدينة باريس.

وقد أعلن منذئذ نيته الترشح للرئاسة الفرنسية عام 2017، فهو وإن كان رئيس وزراء حكومة ساركوزي لكنه يعتبر من أشد النقاد لسياسة هذا الأخير، كما أنه يعارض بشدة "اعتدال" المرشح الآخر للرئاسة، آلان جوبيه.

ولكن كيف حدثت تلك المفاجأة ولماذا اختار الفرنسيون فيون وفضلوه على ساركوزي أو جوبيه؟

فالمعروف عن فيون أنه مسيحي كاثوليكي متعصب لكاثوليكيته، ولديه أفكار عنصرية متطرفة؛ سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

فهو من المناصرين بشدة لإسقاط الجنسية عن الفرنسيين المدانين بالإرهاب ومن الرافضين لسياسات الانفتاح مع اللاجئين، ومن المقربين من الرئيس الروسي بوتين وسياساته الخارجية، كما صرح أنه لا يرى في سوريا سوى رئيس النظام السوري بشار الأسد وتنظيمات إرهابية "وعلى الغرب من ثم، قتال الإرهاب مع الطرف الآخر" في إشارة إلى نيته التعامل مع النظام السوري القائم.

* الجالية المسيحية الكاثوليكية:

لعل من أهم الشرائح الرافعة للمرشح فيون هي الطبقة المتدينة في فرنسا؛ فقد انتخبته هذه الطبقة بأغلبية ساحقة.

وفي لقاءات قامت بها صحف فرنسية مع فرنسيين متدينين، قال أحدهم وهو خارج من الكنيسة بعد قداس يوم الأحد: "فيون يمثل المبادئ التي أؤمن بها. القيم العائلية والاستقامة"؛ ويتدخل آخر، وهو عامل بناء وأب لطفلين، بقوله: "إنها قيمنا المسيحية"، ثم يضيف: "منذ زمن وأنا أنتخب لمجرد الانتخاب؛ أما الآن، فأنا أنتخب ممثلاً عني حقيقة".

ويرى بيير، وهو موظف (51 عاماً) أن رئيس الوزراء السابق يجسد في هذه المرحلة "التصويت المفيد". ويضيف: "كنت سأصوت لجان فريدريك بواسون (من الحزب المسيحي الديمقراطي)، فأفكاره تناسب ديني وعقيدتي. والآن أعطي صوتي لفيون لأني أعتقد أن أفكاره قريبة جداً من هذه".

الراهبة بياتريس، قالت: "أرغب في رئيس متزن وقليل الكلام. لا أريد بالتأكيد ساركوزي. وآلان جوبيه ليس لديه أدنى قدر من القيم العائلية والمسيحية التي نريدها".

* أفكاره:

قدم فيون نفسه مرشحَ "القطع الحقيقي" مع كل ما في النظام القائم، فقدم برنامجاً ليبرالياً يذكرنا ببرنامج المرأة الحديدية رئيسة وزراء بريطانيا سابقاً، تاتشر.

فهو يريد تخفيص حجم الإنفاق العام بقدر 110 مليار يورو وذلك بتخفيف الوظائف العامة بنسبة 10% أي ما يعادل 500.000 وظيفة، وتحديد سن التقاعد بالعمر 65 سنة، ودمج صندوق التقاعد العام مع الخاص، وسيتم إلغاء قانون العمل بـ35 ساعة في الأسبوع، وسيعدل قوانين الإعانة الاجتماعية وبدل العمل لصالح الحكومة... وغيرها من الإجراءات التي من شأنها قولبة الاشتراكية الفرنسية وفقاً للعولمة.

رغم كل هذه النقاط "الاقتصادية" التي عادة ما تخيف المواطن الفرنسي وتدفعه للنزول للشارع للاحتجاج، إلا أن مراهنة فرانسوا فيون على البعد الديني والعرقي للفرنسيين قد نجحت وأنجحته حتى الآن.

وبأخذ بعين الاعتبار "علمانية" فرنسا وأنه لا يوجد فيها "انتخابات دينية"، يقول واحد ممن استجوبته الصحف: "فيون لا يستغل مسيحيته علناً، لكن بوسعنا القول إنه مرشح البلد وإنه قادر على إدارة الصوت الكاثوليكي وصوت كل من يخشى من سقوط فرنسا"، ويضيف: "أنه يضع الإنسان في مركز اهتمامه... لم نعد ننتظر المرشح المثالي؛ نحن الآن نتبع المرشح المفيد لنا ولمجتمعنا وقيمنا".

ومن جديد، يبدو التيار اليميني المتطرف في الغرب في صعود لأنه يداعب أفكار وتطلعات الأوروبيين وهذا يعكس صورة عما تعانيه تلك الشعوب من مشاكل داخلية وخلل في رؤيتها للعالم، لا تجد لها حكوماتها حلاً، لكن تستغله الأحزاب المتطرفة خير استغلال.