مقتنيات للسلطان عبد الحميد الثاني في عهدة شيخ لبناني

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 27.02.2017 00:00
آخر تحديث في 28.02.2017 05:19
مقتنيات للسلطان عبد الحميد الثاني في عهدة شيخ لبناني

يحتفظ الشيخ يوسف سعد، وهو تاجر أنتيكا لبناني يبلغ من العمر 76 عاماً، بمجموعة كبيرة من المقتنيات تعود إلى عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1842-1918)، التي يحتفظ بها في مكان أمين.

فضلاً عن القيمة المعنوية والتاريخية لهذه القطع الأثرية، فإن قيمتها المادية عالية جداً؛ ومع ذلك يرفض المسن اللبناني أن يبيعها رغم كل المغريات المادّية التي عُرضت عليه. كما يرفض الشيخ سعد تماماً أي ظهور إعلامي أو إعطاء تفاصيل أكثر عن مكان وجود هذه القطع التي يقتنيها، خوفاً من اللصوص لأنه سبق أن تعرّض لعدة محاولات مشابهة.


وفي حديث للأناضول، قال رستم، نجل الشيخ سعد: "رفض والدي كثيراً مغريات مادية كانت وكالات أجنبية ومحطات ألمانية وفرنسية قد عرضتها عليه وأتت خصيصاً إلى لبنان لتصوير وثائقيات عن تجارة الأنتيكا وتحديداً المتعلّقة بالعهد الفرنسي والبريطاني والعثماني". وأضاف أن والده "ليس بحاجة مادية. وشغفه بالتاريخ العثماني وتقديره لتاريخ تركيا العظيم، هو ما دفعه للقبول بتصوير هذه القطع وعرضها حصراً ولأول مرة أمام وكالة الأناضول".


وعن هذه القطع وقيمتها التاريخية والمادّية وكيف وصلت إلى يد والده، أوضح رستم أنّ "والده كان مفتوناً بالتراث العثماني طوال رحلته المهنية التي بدأت عام 1959. وأنه زار تركيا عشرات المرات. أما هذه القطع وتحديداً مقتنيات عبد الحميد الثاني فقد وصلت إليه عبر تاجر سوري من حلب". وتابع: "تعرّف والدي على هذا التاجر حينما كان في دمشق عام 1973.. يومها عرض القطع على الشيخ فاشتراها منه فوراً لمعرفته بقيمتها وأنها أصلية غير مزوّرة، وهذا طبعاً اكتشفه نتيجة تعمقه بتاريخ الآثار وتحديداً المدرسة العثمانية".


وعن كيفية وصول هذه القطع من تركيا إلى سوريا ثم للبنان، قال رستم: "القطع كانت داخل قصر يلدز الذي تحوّل فيما بعد إلى متحف يضم مقتنيات عبد الحميد الثاني. وبعد وصول مصطفى كمال أتاتورك إلى الحكم عام 1923، وإعلانه إلغاء السلطنة العثمانية، تعرضت محتويات هذا القصر للسرقة أو البيع، لا سيّما مقتنيات عبد الحميد الثاني". وتابع: "كان الطريق الأسهل لإخراج تلك القطع من تركيا هي طريق حلب في سوريا، لتقع في منتصف الأربعينيات في يد تجار يهود.. وفي الخمسينيات وبعد هجرتهم إلى إسرائيل وأوروبا باعوها لنظرائهم. وفي الستينيات حتى السبعينيات نشطت تجارة الأنتيكا، وتعرّف والدي على أحد التجار الحلبيين في دمشق، فاشتراهم منه. ووالدي لا يزال يحتفظ بها منذ 45 عاماً، ولن يفرّط بها إطلاقاً حتى وفاته".


وعن القطع التي يمتلكها والده، قال رستم: "هناك خزانة يبلغ طولها نحو 3 أمتار هي هدية قدّمها أحد ولاة دمشق إلى السلطان عبد الحميد الثاني في ذكرى مولده وتظهر المباركة له على تاج الخزانة مع التمنيات بالعمر الطويل". أمّا الخزانة الثانية، بحسب رستم، فيظهر عليها بوضوح توقيع السلطان عبد الحميد الثاني على التاج الذي يزيّن سقفها، فهي من صناعة عبد الحميد نفسه الذي كان شغوفاً بالفن اليدوي وقد وقّع خزانته بيده كما رصف بالصدف جملة "لا إله إلا الله" التي تعلو سقفها. ويصل طول هذه الخزانة نحو 3 أمتار ونصف وهي لا تصلح إلا للقصور كونها تحتاج إلى أسقف عالية جداً لإظهار قيمتها الشكلية.

وأشار رستم إلى أن "قيمة الخزانتين لا تقلّ الواحدة منها عن الـ300 ألف دولار أمريكي. وقد عُرض هذا المبلغ على والدي لشراء أحدهما، لكنه رفض قائلاً ضعوا هذه الخزانة في ميزان وبوزنها أعطيني ذهباً"، بما معناه استحالة بيعها.
أما بالنسبة إلى المكتبة الصغيرة المؤلفة من عدة أدراج، فهي مصنوعة يدوياً من الصدف ومن خشب الورد الفاخر، قيمتها المالية لا تقلّ عن مائة ألف دولار أمريكي، وهناك زبائن كثر لها خاصة من الخليج... لكن الشيخ سعد يرفض فكرة البيع ويحتفظ بها كما القطع الأخرى لنفسه، بحسب ما يقول نجله.
وعن اللوحة الزجاجية التي تضم أقدم خريطة لمدينة إسطنبول قام برسمها أشهر فناني العصر العثماني في تلك الحقبة، خلوصي أفندي، فتبلغ قيمتها المالية حوالي الـ30 ألف دولار، بحسب تقدير خبراء فرنسيين وألمان اطلعوا عليها، وطلبوا شراءها لكن الشيخ رفض أيضاً.
وأكد رستم أن والده كتب في وصيته أن يتم إهداء هذه اللوحة إلى المتحف التركي بعد وفاته، وقد تواصل مع أحد المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان وأطلعه على هذا الموضوع.

ولفت إلى أنه قد يقوم بتقديم خزانة عبد الحميد الثاني أيضاً إلى المتحف التركي كونه يرفض أن تذهب هذه القطع القيّمة والعزيزة جداً على قلبه إلى خارج تركيا.