نظرة على بعض عناصر العمارة العثمانية والسلجوقية في قونية

منظر داخلي لمسجد كابو في قونية (Shutterstock)

تتداخل العمارة السلجوقية والعثمانية مع النسيج الحضري لولاية قونية التركية بعمق، لتؤكد على هويتها كمركزٍ للعلوم والثقافة والتجارة. ولا تزال المدينة المشبعة بالروحانيات تجذب السياح والزوار إليها بأعداد متزايدة كل عام.

وولاية قونية هي العاصمة السابقة لسلطنة سلاجقة الروم وسط الأناضول، وهي مركز للعلوم والثقافة والتجارة في تركيا، ومن أكثر الولايات اكتظاظاً في السكان بعد إسطنبول والعاصمة أنقرة.

وتضم قونية بعضاً من أكثر المساجد والمدارس الدينية شهرة وجمالاً من الناحية الفنية في تركيا، وتُعرف باسم لؤلؤة السياحة الإسلامية في البلاد. وتحمل هذه المساجد والمدارس آثار العمارة السلجوقية والعثمانية وتضيف جواً أصيلًا إلى النسيج الحضري للمدينة، إذ تأخذ الزوار في رحلة تاريخية بمظهرها الساحر المزين بزخارف رائعة.

وتجذب العديد من المباني التاريخية في المدينة القديمة الأنظار إليها باعتبارها أكثر المعالم زيارة في المنطقة، ومنها على سبيل المثال مسجد علاء الدين ومسجد صاحب عطا، وهما من أهم الأمثلة على العمارة السلجوقية الباقية حتى يومنا هذا، إضافةً إلى مدرستي "قره طاي" و"إنجي ميناريلي"، اللتان تُستخدمان اليوم كمتاحف.

وفي حديثه لوكالة أنباء الأناضول صرح البروفسور "أحمد تشايجي" مدير مركز أبحاث العصر السلجوقي بجامعة نجم الدين أربكان، أن السلاجقة أنشأوا المباني التاريخية في قونية بعد أن جعلوا المدينة عاصمتهم.

وأضاف أن مسجد علاء الدين يقع وسط المدينة وحوله العديد من المدارس التي كانت جامعات في تلك الحقبة. وأقيم هذا المسجد على ما يُعرف الآن بتلة علاء الدين، في عهد السلطان السلجوقي الأناضولي مسعود الأول. وقد اتخذ المسجد شكله النهائي القريب جداً من المظهر الحالي، وافتتح في عهد السلطان السلجوقي الأول "كيقباد الأول".

وتحتوي ساحة المسجد على مقابر مغطاة بشواهد صغيرة لحكام الأناضول السلاجقة الذين قدموا تضحيات كبيرة لجعل الأناضول موطناً لهم، بما في ذلك "مسعود الأول" و"كيليج أرسلان الثاني" و"سليمان الثاني" و"كيخسرو الأول" و"كيقباد الأول" و"كيخسرو الثاني" و"كيليج أرسلان الرابع" و"كيخسرو الثالث".

أما مدرسة "إينجه ميناريلي" التي تعني حرفياً "المدرسة ذات المئذنة النحيلة"، فهي تقع بالقرب من مسجد علاء الدين. ووفقاً للبروفسور "تشايجي"، المدرسة من أوائل الجامعات في الأناضول وواحدة من أبرز الأمثلة على العمارة التركية الإسلامية.

وهي مدرجة منذ زمن بعيد في القائمة المؤقتة للتراث العالمي لليونسكو. ولا تزال هذه المدرسة التاريخية تذهل الزائرين ببواباتها المبهرة وزخارفها من البلاط والخزف وفنون نحت الحجر على هيئة الأزهار والأشكال الهندسية.

كما تعتبر البوابة "التاجية" في المدرسة من أفضل الأمثلة على البناء الحجري السلجوقي. وقد زُخرف الجزء الداخلي من مئذنة المدرسة الفيروزية المزينة بالحجر الأبيض من الخارج، بزخارف نباتية وهندسية. وكُتبت عليه كلمة "الملك لله" وآية الكرسي كاملةً بالخط الكوفي.

وفي عام 1956 حولت هذه المدرسة إلى متحف يعرض بعضاً من أفضل الأمثلة المحفوظة للرمزية السلجوقية في الهندسة المعمارية، بما في ذلك النسور ذات الرأسين والملائكة المجنحة.

مدرسة "قره طاي":

معلم سياحي وتاريخي آخر يجذب الزوار إلى قونية. بنيت بتكليف من الأمير "جلال الدين قره طاي" عام 1251. واستخدم هذا المبنى الساحر في العهد العثماني ايضاً.

وحول بناء المدرسة المميز ذكر "تشايجي" أن مدرسة "قره طاي" هي واحدة من أروع الأمثلة على المدارس التي تتميز بفناء مغلق. وهي أيضاً دليل هام على موهبة السلاجقة العظيمة في البناء الحجري إذ جلبت حجارة البناء من "سيل" وهي مستوطنة صغيرة على حدود قونية، كانت واحدة من القرى اليونانية القليلة المتبقية وسط الأناضول، قبل التبادل السكاني بين اليونان وتركيا.

وتتميز المدرسة أيضاً بأمثلة ممتازة لأعمال السيراميك والخزف في الفترة السلجوقية. ولذلك، حولت إلى متحف عام 1955. وهو يعرض اليوم أعمالاً فنية تعود إلى العصرين السلجوقي والعثماني.

كما أوضح "تشايجي" أن مسجد "إيبلكجي" Iplikçi، وهو بناء سلجوقي مهم آخر وسط المدينة، كان من أوائل المساجد في المدينة. ويشير "صك" ملكية وقف مدرسة "التونابا" التي كانت ملاصقة للمسجد في السابق، إلى "نجيب الدين أياز" وهو تاجر خيوط كان وصياً على المدرسة، وكان هناك سوق للغزل والخيوط بالقرب من المسجد. لذلك، أُطلق على المسجد اسم "إيبلكجي" بمعنى "تاجر الخيوط".

كما ذكر البروفسور جامع صاحب عطا وخان زاز الدين. وأشار إلى أن مسجد صاحب عطا من أوائل المجمعات الرائعة في العصر السلجوقي، وقال إن هذا المجمع يتكون من مسجد ومدرسة وحمام وعدد من مراكز جمع الأموال لصيانة مجمع المباني. وكان صاحب عطا الذي سمي المسجد باسمه وزيراً من سلطنة سلاجقة الروم، ويقع ضريحه داخل المسجد الذي يحمل اسمه. وقد رمم المبنى في العهدين العثماني والجمهوري ثم أصبح متحفاً يضم عناصر إثنوغرافية.

أما خان زاز الدين Zazadin Han، فهو نزل سلجوقي بني بتكليف من الأمير "سعد الدين كوبك" على شكل قلعة بأحجار مستطيلة الشكل ويتميز بفناء واسع. وهو يقع في منطقة إستراتيجية للغاية تمثل بوابة قونية الاولى نحو الشمال والشرق معاً.

أعمال عثمانية مجيدة:

أشار "تشايجي" إلى أن قونية تسحر زوارها بفنون معمارية عثمانية متنوعة أيضاً مثل البازار التاريخي المغطى ومسجد كابو Kapu وهما أهم أعمال الفترة العثمانية في المدينة.

ويعد مسجد كابو أكبر المساجد العثمانية في قونية. وهو مبني من الحجر المقطوع ويحمل في تصميمه عناصر كلاسيكية للعمارة العثمانية، وله محراب نصف دائري مبني من الحجر يشير إلى القبلة، ومنبره من الخشب.

أما البازار الكبير، فيقع بالقرب من متحف مولانا، وهو المكان الذي يمكن للمرء أن يجد فيه أي منتج يتخيله. ويجلب البازار عبق التاريخ بأركانه المختلفة، وهو مكان شهير للزوار ويقدم منتجات أصلية.

وهناك بناء عثماني بارز آخر في قونية هو مسجد العزيزية. قال "تشايجي" إن المسجد الأصلي أنشأ بتكليف من "الصهر مصطفى باشا" زوج "السلطانة خديجة" ابنة السلطان العثماني محمد الرابع. وعندما دمر هذا المسجد في حريق عام 1867، أعادت والدة السلطان عبد العزيز إعماره وفتحه. وأشار البروفيسور إلى أن المسجد بناء مميز وفريد للغاية إذ يضم عناصر غربية من العهد العثماني وكذلك عناصر شرقية، وقال إن المبنى يُعرف باسم المسجد الذي "نوافذه أكبر من أبوابه".

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.