سويسرا.. اكتشاف قصيدة ملحمية في مديح محمد الفاتح من عصر النهضة

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 29.07.2021 13:47
السلطان العثماني محمد الفاتح 1429-1481 السلطان العثماني محمد الفاتح (1429-1481)

بعد أبحاث دامت سنوات، اكتشف الأكاديميان فيليز بارين آقمان وبيازيد آقمان قصيدة ملحمية كتبت باللغة باللاتينية ترجع لعصر النهضة، وتضم ما يقرب من 5 آلاف بيت، كتبها شاعر إيطالي على شرف السلطان العثماني محمد الفاتح (1429-1481).

القصيدة المكتشفة تحمل عنوان "الأمير: حياة وفتوحات الإمبراطور التركي محمد (Amyris, de vita et gestis Mahometi Turcorum imperatoris)، وتحمل توقيع الكاتب والشاعر والمؤرخ الإيطالي "جيان ماريو فيليلفو" عام 1475.

وأكّد آقمان لمراسل الأناضول، على أهمية هذا الاكتشاف والقصيدة الملحمية وميزاتها، خاصة وأنها لم تترجم بعد إلى التركية أو الإنكليزية، ولم تخضع لأي مراجعة أكاديمية.


وقال الكاتب الأكاديمي بيازيد آقمان، بأنه يعمل مع زوجته، فيليز، على دراسة التصور الذي كان موجودًا في الغرب تجاه الأتراك والإسلام في عصر النهضة الذي استمر تقريبا من القرن الرابع عشر الميلادي إلى القرن السابع عشر.

وأضاف: "كنا نحاول باستمرار العثور على مصادر جديدة تناولت هذا التصور. رأينا في بحثنا عدة إشارات عن وجود هذه القصيدة الملحمية من خلال وجود اقتباسات من هذا العمل، لكننا لم نتمكن من العثور على القصيدة وقتئذ".

وأضاف: "كما لم نصادف دراسات شارحة لتلك القصيدة بشكل كامل".

وأشار أنه تمكن وزوجته فيما بعد من العثور على نسخة من القصيدة مترجمة إلى اللغة الإيطالية، قبل الوصول إلى القصيدة الأصلية المكتوبة باللاتينية في مكتبة جنيف في سويسرا.

وتابع: "لفت انتباهنا جودة ترجمة هذه القصيدة إلى الإيطالية. كان ينبغي ترجمتها إلى العديد من اللغات، من بينها التركية، وإجراء دراسات أكاديمية على هذا العمل المهم".

وقال: "هل تتخيلوا أن إيطاليًا كتبت قصيدة من 5 آلاف بيت عن السلطان محمد الفاتح في القرن الخامس عشر، ولم يترجم هذا العمل إلى أي لغة. لقد بقي هذا العمل كما لو أنه سر مخبأ في بطون المكتبات".

وتابع : "لو كتب هذا العمل عن إمبراطور مسيحي وليس عن حاكم مسلم، لتصدر الملاحم الكلاسيكية مثل إلياذة هوميروس وقصيدة إينيد للشاعر الروماني القديم فيرجيل. لقد اكتفوا بحبس هذا العمل المهم في محفوظات المكتبات الوطنية".

ونوه آقمان إلى أن التأريخ الاستشراقي كان له تأثير كبير في غض الطرف عن هذا العمل وتحويله إلى كتاب يقبع في غياهب النسيان.

وقال: "نريد أولاً ترجمة هذا العمل إلى التركية والإنكليزية، وتحليله أكاديميًا. هذا العمل لا يقل أهمية البتة عن لوحة السلطان محمد الفاتح للرسام الإيطالي "جينتيلي بيليني" (1429-1507)."

من جهتها، قالت الأكاديمية في جامعة أنقرة، الدكتورة فيليز بارين آقمان، إن القصيدة الملحمية للشاعر الإيطالي تتكون من 4 فصول.

وحول الدافع من وراء كتابة الشاعر الإيطالي للقصيدة، قالت آقمان: كان ليلو فردوتشي، صهر أحد تجار البندقية المقيمين في مدينة "جناق قلعة"، من بين الأسرى الذين أسروا عند فتح القسطنطينية (إسطنبول).

وتابعت: أرسل التاجر المقيم في جناق قلعة رسالة إلى السلطان يطلب فيها إطلاق سراح قريبه. فوافق دون فدية أو مقابل. فتأثر التاجر الإيطالي ليلو فردوتشي بهذا الموقف المهذب للفاتح، ما دفعه لإضافة اسم عثمان، مؤسس الدولة العثمانية على اسمه، ليتحول اسمه إلى عثمان ليلو فردوتشي.

وأضافت: لقد تم اعتبار هذا الحدث وقتها مؤشرًا على التقارب بين الثقافتين التركية والأوروبية.

وقالت آقمان: طلب عثمان ليلو فردوتشي من صديقه جيان ماريو فيليلفو، أحد أبرز شعراء عصر النهضة في أوروبا والمولود في منطقة "بيرا" (بي أوغلو) في إسطنبول عام 1426، كتابة قصيدة ملحمية عن السلطان محمد الفاتح، وأن يصف في تلك القصيدة إنجازاته وفتوحاته وحسن معاملته ودماثة خلقه، كعربون شكر للسلطان لمواقفه الإنسانية.

وختمت فيليز بارين آقمان بالإشارة إلى أن الترجمات التركية والإنكليزية للعمل عن الأصل اللاتيني ستكون جاهزة في غضون أشهر قليلة، وستعرض بعد إنجازها وتنقيحها على القراء، مصحوبة بشروحات وقراءات أدبية مفصلة وتفسيرات للسياق التاريخي.