كيف تستطيع تركيا قيادة الثورة الصناعية الرابعة

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 22.01.2020 13:05
آخر تحديث في 22.01.2020 13:13
كيف تستطيع تركيا قيادة الثورة الصناعية الرابعة

تمثل التكنولوجيا العصب الرئيسي للثورة الصناعية الرابعة على المستويين الفردي والمجتمعي، وقد خلق التسارع والنمو اللذان أحدثتهما الحلقة الرابعة في سلسلة الثورات الصناعية، تغييراً سريعاً وهائلاً في المجتمعات والحكومات والشركات والمؤسسات.

وبما أن تركيا هي واحدة من أسرع الاقتصاديات نمواً في العالم، فقد حان الوقت لتبدأ نوعاً جديداً من النمو يستطيع تسخير الفرص التي توفرها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، للانتقال بالبلاد إلى المرحلة التالية التي تمكنها من الإمساك بدفة القيادة في عالم آخذ في التطور.

اعتمدت تركيا التي تتمتع بطاقة بشرية هائلة، تغييرات تكنولوجية نوعية في مجالين رئيسيين هما المركبات ذاتية التحكم، وتبادل البيانات. وتم الكشف مؤخراً عن النموذج الأولي للسيارة الكهربائية بالكامل التركية الصنع، في معرض "لاس فيغاس" للإلكترونيات في يناير. الأمر الذي يعكس تركيزاً جديداً على قطاع النقل المتكامل، ويزيد من استثمارات البلاد في هذا القطاع خلال السنوات القادمة إلى أضعاف مضاعفة.

توفر المركبات ذاتية التحكم إمكانية تحسين السلامة على الطرق، وخفض مستويات التلوث، والحد من الازدحام. كما تساعد على تطوير تخطيط المدن، وتقليل أوقات الانتظار وزيادة الإنتاجية وتوفير التكاليف، لا سيما عند اعتمادها في النقل الجماعي.

ومن البديهي أن يتطلب التحول نحو هذا المستقبل، كميةً هائلةً من البيانات التي تمثل أوكسجين الثورة الصناعية الرابعة التي لا تحيا بدونه. وتتنوع استخدامات البيانات وتتفرع لتدخل في أوجه الحياة وتطبيقاتها بالكامل، من الذكاء الصناعي وتسلسل الجينات، إلى الروبوتات وتحسين الغلال الزراعية، حيث تزداد قيمة البيانات وأهميتها كلما زادت مشاركتها. ومع إدراك الحاجة إلى حماية الخصوصية، يمكن أن يؤدي إنتاج البيانات الموسعة إلى تسريع نمو الصناعات الجديدة. وإذا ما انخرطت تركيا في هذا القطاع بإمكانياتها الجبارة، فقد تكون في طليعة صناعة تبادل البيانات.

تعمل تحولات الهدم والبناء التي تقوم عليها الثورة الصناعية الرابعة على إعادة تشكيل الأنظمة العامة والخاصة، وتخاطر بترك العديد من اللاعبين وراءها إذا ما فشلوا في مواكبة تلك التحولات. وتفرض معايير القيادة في عصر الثورة الصناعية الرابعة على القادة، تطبيق مزيج غير عادي من المهارات لتنفيذ التغييرات الهائلة عبر الأنظمة، وتبرز الحاجة هنا إلى التعاون بين رواد الأعمال والقادة الحكوميين من أجل تحديد أفضل الاستراتيجيات بشكل مشترك لتسريع اعتماد تقنيات مثل النقل المستقل ومشاركة البيانات بطريقة آمنة وشاملة وصديقة للبيئة.

وقد بدأت تركيا بالفعل هذه العملية من خلال خطوتين أساسيتين هما برنامج الباحثين الوطنيين الرائدين في تركيا، والاستثمار في مهارات جديدة. وتساعد هاتان الخطوتان البلاد على تعزيز وتطوير قادة المستقبل. كما توفر شراكة تركيا مع شبكة المنتدى الصناعي العالمي الرابع للثورة الصناعية التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، فرصاً إضافية لجمع قادة القطاعين العام والخاص، مما يتيح معالجة المسائل الرئيسية المتعلقة بالاستجابة للتغيرات التكنولوجية في البلاد.

وفيما يشهد الاجتماع السنوي الخمسين للمنتدى الاقتصادي في دافوس (سويسرا) مشاركة واسعة من المسؤولين ورواد الأعمال الأتراك، فإن العالم يعيش حالة طوارئ متزايدة، تدفعنا إلى العمل الدؤوب وسط مجتمعات تكافح للتكيف مع عالم متغير. بالإضافة إلى سعينا لامتلاك القدرة على طمأنة الأجيال القادمة بالقول لهم "يمكنكم الاعتماد علينا".

لذلك لابد لتركيا من تسخير فوائد الثورة الصناعية الرابعة واتخاذ إجراءات مجدية لبلوغ مراتب القيادة في عصرها. كما يمكن للشركات والأفراد ممارسة التعليم والتعلم المتبادل، للوقوف على كيفية تسخير تقنيات هذه الثورة من أجل بناء مشترك لعالم أفضل بطريقة أفضل.