جاسم سلطان: تركيا تنتقل رسمياً من الهيمنة العسكرية إلى الديمقراطية الحقيقية

قال المفكر القطري، جاسم سلطان: "إن ما حدث من محاولة انقلابية فاشلة في تركيا سوف يساهم في تعطيل ماكينة القوى المعادية لأنقرة لفترة من الزمن؛ يعيدون فيها حساباتهم بعد هذه الصدمة"، لافتاً إلى أن تركيا "تنتقل رسمياً من الهيمنة العسكرية إلى الديمقراطية الحقيقية".

وتوقع سلطان في حوار مع "الأناضول" أن "تعود تركيا للمشهد الإقليمي، بعد ترتيب بيتها، وهي أكثر قوة وحكمة"، مضيفاً أنها "بدأت سياسة جيدة، مع رئيس وزرائها الجديد (بن علي يلدرم)، وستواصلها حتى تحقق النتائج المرجوة منها".

ومن بيان النتائج الأخرى التي أفرزها فشل الانقلاب، أشار سلطان إلى "النموذج الأخلاقي الذي قدمه الشعب التركي، في حماية ديمقراطيته وفي وعيه بمستقبله".

وأوضح المفكر القطري "أن لدى أنقرة ثلاثة مستويات ستحكم المسار الاستراتيجي لها في المرحلة المقبلة؛ الأول: كيفية إدارة ملف ترتيب مؤسسات الدولة (برلمان، جيش، وزارات، أحزاب، دستور) على أسس جديدة.

والثاني: هو كيفية إخراج ملف الموقوفين من الانقلابين، بصورة تخدم صورة تركيا المستقبل، وترتقي للمستوى الأخلاقي لقيادتها.

أما المستوى الثالث، فهو إدارة ملف العلاقات الإقليمية والدولية، بشكل يخدم مصالح البلاد بتقليل الخصوم وزيادة الأصدقاء".

جاسم سلطان، اعتبر أن الانقلاب الفاشل "شهادة عبور تركيا من دول العالم الثالث، بنظمها العسكرية المهيمنة، إلى الدول الديموقراطية التي تحتكم لإرادة الشعوب؛ وشهادة بنجاح مجتمعها في هذا الاختبار الكبير، وأثبت جدارته كشعب متحضّر، يعرف مصالحه ويدافع عنها، وأي قوة لن تستطيع إرجاعه إلى الوراء".

وأكد المفكر أن "البلاد تسير في طريق تطورها الطبيعي، من حيث نظامها السياسي والاجتماعي والثقافي، وتوجد في منطقة وسط، بين معانقة طموحها، بأن تصبح من أعظم دول أوروبا، والجسر الواصل بين الشرق والغرب، وبين قيود الماضي الثقافي، الذي ساد مرحلة ما قبل القرن الجديد".

وحول الموقف الغربي والإقليمي، أوضح سلطان "أنه ليس متوقعاً منه غير ما قام به"، مضيفا "أن الدول لا تتصرف في سياساتها على أنها جمعيات خيرية، بل وفق مصالح تستخدم في تحقيقها كل أدوات القوة الناعمة والصلبة، ولا يسلم منها أحد، والسبيل الوحيد لمواجهتها يكمن في ثلاثة أمور؛ معرفة طبيعتها، والاستعداد الأقصى، هو الطريق لتقليل مخاطرها، والتوازن في ردود الأفعال حيالها".

وذكر سلطان "أن الدول الغربية خاضت الحربين العالميتين الأولى والثانية بتكلفة 70 مليون من القتلى من الأوروبيين، ودُمرت ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، في حروبها البينية، وضربت اليابان بالقنابل النووية، وتفكك الاتحاد السوفياتي"، وتابع "فالموضوع ليس تركيا فقط، ولكن المصالح المتضاربة، والعالم على ضوء تلك المعرفة يضع سياساته".

وفي ختام كلامه، وجه سلطان رسالتان أولهما؛ للعالم الإسلامي والشباب المسلم المتعلق بتركيا، قائلاً "على الجميع أن يدرس روح الديموقراطية، وأن يراجع أفكاره المسبقة التي تربى عليها فالعصر مختلف عن بقية العصور، والفكر الإنساني ليس نفسه في القرون الوسطى، وأنقرة لم تتقدم لأنها اجترّت الماضي كنظم وأدوات، إنما استلهمته كروح حضارية، ودافع للسباق، بأدوات اليوم".

أما الرسالة الأخرى، فوجهها المفكر القطري للقيادة والشعب التركيين، مشددا فيها على أن "مهمة إسقاط الانقلاب،يجب أن تُشفع بروح حضارية عالية في التغلب على مشاعر اللحظة، والنظر لمجمل الصورة، والتداعيات المترتبة على أي فعل تقدم عليه، فالظرف دقيق، وسيضيف لرصيدها الأخلاقي، أو يخصم منه".

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.